الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

صحفيو غزة يتحدثون لـ«البوابة نيوز»: نعيش وسط كتلة نار.. ومحاصرون دون ماء أو كهرباء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مرت أيام على الحصار الإسرائيلى لقطاع غزة، وهناك العديد من الأشخاص تحت الركام ولا يوجد أحد ينقذهم، والآلاف من العائلات قضوا لياليهم ما بين الحدائق والساحات، المعاناة الكبرى لم تبدأ بعد فهناك نقص كبير فى المواد الغذائية، وحتى الآن لم تصل إليهم أيادى المساعدات.

فى غزة لا فرق بين مُجاهد يدافع عن وطنه ولا صحفى يوثق الحرب ولا مدنى فالكل يحارب فى جبهته بأقل الإمكانيات وفى ظل عدم تكافؤ.

«البوابة نيوز» استمعت لحكايات معاناة الشعب الفلسطينى على لسان الصحفيين ومدى صعوبة العمل الصحفى داخل قطاع غزة، خلال الأيام الماضية منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» وحتى الآن.

محمد البرعى:

رواية المحتل هى المسموحة بالنشر

الاحتلال الإسرائيلى يستهدف المنازل والمدنيين والصحفيين دون تحذيرات مسبقة

محمد البرعى، مصور صحفى يعيش فى دير البلح وثق العديد من اللقطات منذ صباح السبت، السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، مع بدء إغارة المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية فى غلاف قطاع غزة بشكل مفاجئ، وفى تلك القصة يسرد إلينا الوضع داخل غزة خلال الأيام الماضية.

قال محمد البرعى لـ«البوابة» عن المعاناة الكبرى التى يعيش قطاع غزة الآن، إن القطاع يضم ٢ مليون نسمة ويعتبر القطاع من أكبر مدن العالم كثافة سكانية، تأخر رد الفعل الإسرائيلى على الهجوم الذى حدث يوم ٧ أكتوبر حتى العصر وحتى ذلك الوقت كانت الحياة طبيعة فى غزة ورغم توقع الجميع بأنه سيكون هناك قصف لكن المفاجأة كانت فى حجم القصف والدمار الذى لم يتوقف حتى الآن، واستهدف القصف العصب التجارى والاقتصادى لمدنية غزة وهو حى الرمال حيث تم استهدافه بطريقة بشعة وظلت النيران مشتعلة والدخان ينبعث من أنقاض المبانى بعد أيام من القصف الذى دمر مبانى عديدة، والهدف كان تدمير اقتصادى أوقع خسائر بشرية كبيرة بحيث تجاوز عدد الشهداء خلال الخمسة الأيام الأولى من الحصار ١٠٠٠ شهيد و٣٠٠٠ مصاب وعلى رغم من ذلك لم تكف إسرائيل عن عمليات القصف على غزة ليلا ونهارا بدون انقطاع.

وأضاف «فى اللحظة التى لايسمع فيها صوت الطائرات نعلم أن الطائرات عائدة إلى قواعدها تتزود بالقنابل حتى تعود لتنفيذ هجمات جديدة، المدفعية تضرب والبحرية تضرب يعنى أن القصف على غزة بحرا وبرا وجوا حيث يتم استهدف غزة بطريقة بشعة».

وتابع الأحداث حاليّا فى غزة مختلفة تمامًا عن الماضى، تلك الحرب هى الأشد منذ ٢٠ عاما على غزة، فقد عاصرت العديد من العدوان على غزة لكن هذه المرة يختلف تماما، فالاحتلال الإسرائيلى يستهدف المنازل دون تحذير، فقد استهدف المستشفيات والمساجد وسيارات الإسعاف، فى كل حرب لم يكن هناك استهداف مباشر للصحفيين كثيرًا لكنّ اليوم حتى فى ظل اتخاذ جميع الإجراءات، لم ينج الصحفيون من الاستهداف المباشر رغم التزام الصحفيين بالزى الرسمى والحياد فى نقل المعلومات.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلى يضرب بطريقة الحزام النارى وهى عبارة عن ضرب متواصل حيث يتم ضرب مساحة لا تزيد على كيلو متر بـ ٢٠٠ قذيفة لتدمير المكان بشكل كلى، وقد تم نزوح أغلب السكان من المناطق الحدودية المستهدفة إلى عمق مدينة غزة، حيث يستضيف كل بيت فى غزة أسرة أو أكثر، إلى جانب الجزء الأكبر الذى يعيش فى المدارس والشوارع فقد منعت إسرائيل الانتقال من غزة للمدن الأخرى وقطعت الطرق تمام على غزة.

الأوضاع صعبة

وتابع: لا نملك سوى كميات بسيطة من الطعام والماء ومئات العائلات لا يشغل بالهم حاليا سوى أطفالهم المعرضين للموت جوعًا وعطشًا خلال أيام إذا لم تصل إليهم أيدى المساعدات، فالطعام والشراب الذى يمتلكه البعض لن يكفيهم سوى يوم أو يومين فقط،.

وبالنسبة للعمل الصحفى «على الرغم من كل ما رأيته على مدار عملى كصحفى إلا أنها المرة الأولى التى أعايش فيها صعوبة أو خطورة بهذا الشكل لهذا العدوان الإسرائيلى على غزة بسبب كثافة النيران والضربات القوية، كما أن كل شىء فى هذه الحرب مباح ولا يوجد أى محرمات.

وأشار، إلى أن الإرادة الفلسطينية القوية التى تبدت فى فلسطين ومخيمها، ما زالت إلى الآن تتجدد بوضوح فى الجهد المدنى والتضامن المجتمعى الرائع لإزالة مخلفات العدوان، وبسمة الأمل ما زالت باقية فى عيون الأطفال، هذا المشهد المتجدد فالتمسك الفلسطينى بالحياة وعدم قدرة الكراكات الإسرائيلية على محو الإرادة الفلسطينية، ولكن الصورة المؤسفة أن العنف هو ذاته ولكن فقط بتطور الآليات لمزيد من القصف والقمع وحصد الأرواح، ولكن الأمر بقى مثل سابقه قبل عشرين عامًا، وما زال الصمت الدولى قائمًا، وما زال الإفلات من العقاب نهجا متكررا، وهذه المرة فى عملية هى الأعنف حتى منذ عام ٢٠٠٠ باستخدام القصف الجوى ونحو ٢٠٠٠ جندى إسرائيلى، وكان القصف الوحشى للشوارع والممتلكات متعمدًا بصورة تعوق قدرة المدينة على الحياة.

وأكد «البرعي»، أن الفلسطينيين سرعان ما تجاوزوا الخوف والبقاء متمسكين بمدينتهم وبيوتهم معلنين عدم نزوحهم إلى أى مكان فى يقين أن كل البيوت ستبنى، ولكن ما يوجع قلوبهم هو الحزن الكبير على فقدان المقربين من أهلهم وذويهم ضحايا الغارات الإسرائيلية، فخلال تغطيتى العديدة للأحداث لاسيما فى غزة كنت أجد مشاهد مرعبة على الصعيد الإنسانى، وجدت أسرا وعائلات وأصدقاء فى جحيم العدوان يحضرون الملابس الجديدة حتى إن جاءهم القصف يستقبلونه بثياب معدة لذلك ويموتون فى بيوتهم، قصص إنسانية تبكى الضمير الإنسانى غير اليقظ على ما ترتكبه القوات الإسرائيلية من جرائم متواصلة.

وأوضح، البرعى أنه لايوجد مكان آمن ولا احترام لإشارة الصحفيين ولا الدرع والفسفور والخوذة التى توضح أنه صحفى، وقد تم استهداف الصحفيين بشكل مباشر واستشهاد ٧ من الصحفيين، هم إبراهيم لافى مصور صحفى لدى عين ميديا، محمد جرغون فى وكالة سمارت ميديا، محمد الصالحى فى وكالة السلطة الرابطة، أسعد شملخ، سعيد الطويل رئيس تحرير موقع الخامسة الأنباء، محمد صبح أبو رزق وكالة خبر الأنباء، وهشام النواجحة مصور وكالة خبر الانباء، وفقد الاتصال مع الصحفى نضال الوحيدى وهيثم عبدالواحد ويبقى مصيرهم مجهولا حتى الآن.

ويحكى الصحفى أمجد عن بداية معركة طوفان الاقصى قائلا لقد استيقظنا على صوت انفجارات اعتقدنا فى البداية أنها تدريبات ميدانية للفصائل بغزة أو تفريغ هواء من طائرات الاحتلال الاسرائيلية مثلما يحدث فى كل مرة أو ألعاب نارية لكن كثافة الاصوت والانفجارات تيقنا انه حدث شيء غير مألوف ابدا وبعد ساعتين عرفنا ان مقاتلين من غـزة دخلوا المستوطنات الإسرائيلية.

فرقت الحرب الجميع عن بعضهم البعض فأنا شخصيا لا أعلم مكان أختى وكيف هى حاليا بسبب انقطاع الانترنت لوقت كبير فلا يأتى سوى بضع ساعات ونحن حاليا منشغلين بالهروب من منطقة لمنطقة بسبب القصف.

تحولت غزة الى البقعة الأكثر رعبًا فى العالم، تقصف المدن والأحياء ومراكز الإيواء على رؤوس من بها، بلا ماء أو طعام أو كهرباء أو اتصالات، عملية إبادة شعب بأكمله، لذلك نزح الآلاف من الفلسطينيين إلى مجمع الشفاء الطبى بغزة خوفا من القصف الصهيونى

وحى الرمال أحد أرقى أحياء غزة والذى يعد بمثابة تل ابيب بالنسبة لإسرائيل أو بمثابة دبى بالنسبة لغزة تحول بكومة رماد بعدما كان منطقة تعج بالأبراج

وكذلك حى الشجاعية الذى يدل على هوية غزة تم تدمير منطقة أبراج الكرامة وتغيير ملامحها والجامعة الاسلامية اللى هى أهم صرح تعليمى فى الأراضى الفلسطينية وخرجت أجيال على مستوى التاريخ تم تدميرها كليا بحجة انها كانت تستخدم مختبراتها لتدريب عناصر حماس من المهندسين لإنتاج المنظومة الصاروخية كما قالت اسرائيل فى بيانها

وكان للمقاومة أول يومين كان لها تأثير قوى ووصل عدد قتلى الاسرائيليين إلى ١٢٠٠ اسرائيلى بحسب اعلان إسرائيل قرابة الـ٢٠٠ أسير اسرائيلى داخل غزة لكن اختفى تواجد المقاومة حاليا ويبدو هذا اللى جعل اسرائيل تتمادى.

ونحن هنا كصحفيين نحاول الوصول للعالم بالحقيقة فصور أطفالنا وهى تقتل ممنوعة من الوصول إليكم، نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن نتواجد على شاشاتكم، لكن الرواية الوحيدة المسموحة للنشر هى رواية المحتل، فمنصات التواصل الاجتماعى تقيّد حساباتنا وتمنع كل محتوى حقيقى من الانتشار.

شرين سلامة:

نستنشق الهواء محملا برائحة البارود

قالت شيرين سلامة معدة برامج فى فلسطين إن الأحداث ليست بالسهلة ولن يستطيع الكلام وصفها فالتاريخ سيسجل هذه اللحظات بأحرف من الدم، فالدموع والدماء والصراخ فى كل الانحاء، شهداء من النساء والأطفال والرجال منهم من وجد تحت الأنقاض وبسبب قلة الإمكانيات وانعدامها التى تحول بينا الامل فى العثور على ناجين أسفل أنقاض المنازل التى تم تدميرها فى مختلف مناطق قطاع غزة.

أضافت شيرين فنحن فى مدينة ٣٦٥ كيلو مترا باعتبارها سجنا كبيرا لا كهرباء ولا وقود ولا مواد صحية أوغذائية ولا غاز محاصرين من جميع الاتجاهات قطعوا خطوط الكهرباء من داخل إسرائيل وخطوط المياه قد تأتى الكهرباء لمدة ساعتين باليوم فالكهرباء تؤثر على الصعيد الصحى فى المستشفيات الى جانب ان الاحتلال قام بتدمير العديد من المراكز الطبية وتم قصف مستشفى الشفاء وتضررت حضانات الأطفال والاسعاف لا يستطيع الوصول للجرحى بسبب البنية التحتية حتى الإسعافات يتم قصفها استشهدت عائلات بالكامل فهم حاليا غير موجودين بالسجلات المدنية.

وتكمل شيرين حديثها الاحتلال الاسرائيلى يستخدم الاسلحة المحرمة دوليا مثل مادة الفوسفور الأبيض والتى تؤدى الى حروق شديدة تصل للعظام القصبة الهوائية ناهيك عن تأثيرها على المياه ونحن حاليا نستنشق هواء مليئا بالبارود واستخدوا البراميل المتفجرة وهو من أخطر الأسلحة والذى استخدم فى حى الكرامة وهى منطقة صغيرة ونحن منذ خمسة أيام بدون كهرباء ولا مياه سواء للشرب أو مالحة ولا إنترنت بسبب القصــف وبفعل فصل بعض الشركات الإسرائيلية.

وأشارت إلى أن الآلاف من الفلسطينين لجأوا فى المدارس وفى ساحات المستشفيات وفى رياض الأطفال حيث لا غطاء لهم يكسيهم برد الليل ويقيهم شمس النهار دون ضوء ليلًا ومواد تموينية وشُح كبير فى الخبز وما تبقى من الطاقات الشمسيّة هى التى تُشغل بعض الجوالات وتشحن بعض البطاريات.

 

عبدالرحمن العبادلة: 

300 ألف فلسطينى فى الشوارع بلا مأوى

عبدالرحمن العبادلة صحفى فلسطينى بقطاع غزة، يسرد الوضع الإنسانى والاجتماعى داخل قطاع غزة فى ظل الحصار الحالى وكيفية ممارسة العمل الصحفى فى ظل الوضع الراهن

وقال العبادلة فى تصريحات لـ«البوابة»، أولا الوضع الإنسانى معدوم من سكان المناطق الشرقية للقطاع وسكان شمال قطاع غزة يتوافدون باتجاه أراضى جنوب قطاع غزة، وقد وفد جميع السكان على حدود قطاع غزة إلى المدارس والمستشفيات والشوارع بدون غطاء يفترش الطرق فى عز البرد بدون كهرباء ولا ماء والانترنت معدوم فى غزة بشكل كامل، ولم يدخل حتى الآن ايه مساعدات لقطاع غزة، حيث يوجد أكثر من ٣٠٠ ألف مواطن نازحين فى الشوارع بلا مأوى أو أكل أو ملابس فالبيوت تم هدمها بالكامل.

وشرح العبادلة وضع العمل الصحفى، أن الصحفيين يحاولون تغطية الأحداث فى ظل الحصار ويبذلون أقصى جهد مشيرا إلى أن كل المراسلين يعملون بحرفية شديدة رغم القصف والظروف الصعبة والتنقل، وسط محاولاتهم لحماية عائلتهم أيضا فلم نهاب رصاصات العدو، فطالت البعض وسقوط البعض ما بين شهيد وجريح وأسير وعلى الرغم من ذلك نتمسك بالتغطية لكن أصبح الوضع سيئا للغاية بسبب الانترنت فنجد صعوبة كبيرة فى ارسال الأخبار ولايوجد كهرباء الا فى خيمة الصحفيين فى المستشفيات.

ولفت الى أن الظروف صعبة وأن غزة معزولة عن العالم، وهناك نقص كبير فى الإمدادات والكهرباء والخدمات الرئيسية منها الاتصالات، الأحداث حاليّا فى غزة مختلفة تمامًا عن السابقة، تلك الحرب هى الأشد عدوانًا على القطاع.

لا تخلو ذاكرتنا من مواقف مليئة بالقصص الإنسانية، ولا سيما تلك التى تخص النساء والأطفال، والممارسات غير الإنسانية تجاههم على الحواجز العسكرية وخلال الاقتحامات اليومية للمدن والقرى الفلسطينية سواء من قبل قوات الاحتلال أو قطعان المستوطنين، موضحة: «العمل الصحفى فى ظل هذه الظروف والمخاطر يجعلنا نودع أهلنا كل يوم، ونحن محملون بالآمال أن نسلم من بطش الاحتلال واعتداءاته، بالإضافة إلى صعوبة قيامنا بذلك فى ظل احتلال لا يحترم القوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بعمل الصحفيين».