الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جامعة القاهرة الدولية.. حلم صار واقعًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عادة، لا أحب كتابة المقالات عن المناسبات أو الأحداث، إلا إذا كان من بينها ما يفرض نفسه على الساحة. وهذا ما فعله خبر بدء الدراسة في جامعة القاهرة الدولية بمدينة الشيخ زايد للعام الجامعي ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤. تقود جامعة القاهرة - كعادتها- ركب التقدم والتطوير للجامعات الحكومية المصرية، ومن ثم فلم يأتِ من فراغ دورها الريادي في الماضي، والممتد في حاضرنا، وذلك عندما تحقق للجامعات الحكومية حلمًا كان بعيد المنال، وهو أن يكون لكل جامعة حكومية جامعة دولية، تستهدف العبور بمنتجنا التعليمي والعلمي من المحلية إلى العالمية، ومن التجميد إلى التفعيل، ومن التهميش إلى وضعه في دائرة الاهتمام. 

لم يكن تحقيق هذا الحلم سهلًا، إذ واجهته الكثير من العوائق، أبرزها فقدان الثقة في المكون المحلي، مرورًا بمعوقات إجرائية، وأخرى مادية، واقتصادية. غير أنه لم يكن من بين هذه المعوقات المعوق البشري. فلقد آمن أبناء جامعة القاهرة بأهمية هذا المشروع، فساندوه، وساندوا قيادات جامعة القاهرة، على نحو يذكرنا بالدور الوطني للمصريين، في إنشاء جامعة القاهرة عام ١٩٠٨.

ولعل الأمر الملفت للنظر، أن جامعة القاهرة الدولية ولدت كبيرة قوية، فمن الواضح أن الاستعداد والتخطيط لها تم في إطار علمي مدروس، منذ أن تم وضع حجر الأساس لها في أبريل عام ٢٠١٨. يتبدى هذا في إصدار مجلة الإنسانيات، وهي مجلة علمية دولية تصدر عن جامعة القاهرة (صدر العدد الأول منها عام ٢٠١٩)، مجلة تكون لسانًا لعلماء جامعة القاهرة وباحثيها، وذلك بهدف رفع التصنيف الدولي لجامعة القاهرة، وهو ما تحقق بالفعل. ذلك لأن رفع التصنيف العلمي لجامعة القاهرة سيعطيها القدرة على عقد العديد من الاتفاقيات الثقافية، مع كبرى الجامعات العالمية، مما يترتب عليها التبادل الطلابي، وتبادل الأساتذة، وعقد الشراكات التعليمية والمعرفية، والدرجات العلمية المزدوجة. لقد نتج عن ذلك استضافة جامعة القاهرة لكبار الأساتذة من كبرى الجامعات في شتى المجالات. وكذلك سفر طلابنا إلى مختلف الجامعات، ليعودوا باحثين كبارًا، تفيد منهم جامعة القاهرة، مما يعود بالنفع على المجتمع المصري ككل. ترتب على هذه الخطوة المهمة، تعدد الشراكات بين جامعة القاهرة والعديد من كبرى الجامعات العالمية، مما ساهم في البداية القوية لجامعة القاهرة الدولية. فلقد بدأت جامعة القاهرة الدولية مشتملة على عشرة برامج دراسية، تمتلك اتفاقيات ثقافية، أو درجات علمية مزدوجة، أو منح علمية، أو تمتلك طلابًا أجانب يرغبون في الدراسة بجامعة القاهرة. وهذه البرامج هي: برنامج الاقتصاد باللغة الفرنسية، برنامج العلوم السياسية باللغة الفرنسية، برنامج هندسة البرمجيات، برنامج علوم البيانات، برنامج الشبكات والأمن السيبراني، برنامج اللغة الصينية لإدارة الأعمال، برنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية، برنامج اللغة العربية للناطقين بغيرها،  البرنامج المتكامل الدولي في طب الفم والأسنان،  وبرنامج طب وجراحة الحيوانات الأليفة.

ما قيمة العلم، بل ما قيمة الجامعة ما لم تحقق أهداف الدولة وتوجهاتها، وتدعم تحقيق استراتيجيتها؟ هذا ما سعت إليه قيادة جامعة القاهرة، وسعى إليه رئيسها الدكتور محمد عثمان الخشت، من وراء إنشاء جامعة القاهرة الدولية، إذ تعد إسهامًا حقيقيًا وفعالًا في تحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠. فجامعة القاهرة الدولية أول جامعة دولية من رحم الجامعات الحكومية في مصر، تجمع بين نظام البرامج والكليات وتدخل في صميم الثورة الصناعية الرابعة والخامسة، وستضم الجامعة قريبًا ثلاث كليات هي الذكاء الاصطناعي والروبوت، وكلية العلوم وتكنولوجيا الفضاء، وكلية العلوم للطاقة الجديدة والمتجددة. كما قامت وستقوم جامعة القاهرة الدولية بعقد شراكات مع جامعات مرموقة دوليًا، ومن بين هذه الجامعات، جامعات سانت فرانسيس، وتولين بالولايات المتحدة الامريكية، وجامعات هيريوت وات، ونوتنجهام بالمملكة المتحدة، وجامعات هامبرج، وهيلبرون بألمانيا، وجامعة السوربون بفرنسا، وجامعة ماسترخت بهولندا، وجامعة جياو توينج وأكاديمية شنغهاي للعلوم بالصين. وكل هذا يستهدف تعليمًا عالميًا تنافسيًا، مقارنة بالجهات الخاصة والدولية، بما يسهم في بناء قدرات تنافسية متميزة، ويحقق لجامعة القاهرة - ومن ثم لوطننا العزيز- دورها الإقليمي والعالمي الرائد لطلاب الدول الإقليمية والعالمية. 

ما أود أن أختتم به حديثي، هو ما لمسته عن قرب، في الدور الكبير الذي يبذله رئيس جامعة القاهرة د. محمد الخشت، من مجهودات مضنية؛ إذ سخر كل السبل من أجل إنجاح هذا المشروع، الذي سيصبح نموذجا ستحتذيه الجامعات المصرية الحكومية والخاصة. وهو مجهود ساهم فيه كل أبناء جامعة القاهرة، وقياداتها. وكذلك لا بد من الإشادة بالدور الذي تقوم به كافة الجهات المعنية - من متابعات- في سبيل تذليل جميع الصعوبات والمعوقات، التي جعلت من الحلم واقعًا ملموسًا.. واقع يحقق رؤية القيادة السياسية في دأبها نحو تحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠. هذه الرؤية/ الحلم، التي يحتاج تحقيقها إلى كثير من الصبر والتحمل، ومزيد من العمل والعزيمة والإرادة والتحدى.

* أستاذ الأدب الشعبي - كلية الآداب، جامعة القاهرة