إقليم ملتهب، يعج بقضايا كثيرة، ويزداد أنين الوطن العربي من حولنا شرقًا، غربًا وجنوبًا، ولا يزال قلب الوطن العربي نابضًا، الأم الحنون العاقلة؛ التي لا تستغل قضايا الإقليم لخدمة أجندتها ولا تترفع عن التدخل ولكن دائمًا ما يكون تدخل الدولة المصرية في قضايا الإقليم بعقلانية وشفافية دون الإضرار بالصالح الداخلي، وفى ظل تأجج القضية الفلسطينية ومع دعوات الشعب المصري كله بالسلام لأشقائنا في فلسطين، تستكمل الدولة المصرية مسيرتها نحو التنمية والشراكة الدبلوماسية حيث اتجه رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى إلى بكين للمشاركة في الدورة الثالثة للحزام والطريق للتعاون الدولي نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسى، تلك المبادرة التي تخطت مرحلة التخطيط وبدأت في التنفيذ، قد تكون أضخم مبادرة اقتصادية تستهدف البني التحتية بمشاركة العديد من البنوك التنموية، لتربط أكثر من ٦٠ دولة بممرات اقتصادية وتجارية، وكأن العملاق الصيني لا يتوقف ولا يتعرقل بأي تحديات اقتصادية عالمية على الساحة، تلك المبادرة تشمل الكثير من القطاعات الحيوية على رأسها التحول الرقمي والتنمية الاقتصادية آخذة في الاعتبار البعد البيئي والايكولوجي.
ويأتي الجزء المهم في تلك المبادرة ألا وهو مشاركة مصر في الحزام والطريق أو طريق الحرير الجديد، ولماذا تمثل مصر حلقة هامة وطرفًا أهم في تلك المبادرة؟
لأنها تمتلك الكثير من المقومات التي تجعل الصين تمد يد الشراكة لها، فضلًا عن امتلاكها لقناة السويس كممر هام في تلك المبادرة والمنطقة الاقتصادية بقناة السويس ولكن لأن مصر تنعم باستقرار أمني وسط توترات إقليمية كثيرة، ولأن الدولة المصرية لديها لغة حوار وتفاهم مع البنوك التنموية التي تمول مشروعات البنية التحتية كما شاهدنا بمدينة شرم الشيخ في سبتمبر الماضي فعاليات الاجتماعات السنوية الثامنة للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والتي تقام لأول مرة بأفريقيا، في تجمع عالمي لأكثر الشخصيات الاقتصادية المؤثرة دوليًا، بينهم وزراء مالية ورؤساء بنوك مركزية؛ يتباحثون جميعًا حول سبل تحقيق النمو المستدام في ظل عالم مليء بالتحديات؛ تأثرًا بتداعيات الحرب في أوروبا وجائحة كورونا وذلك استهدافًا لشراكات تنموية عابرة للحدود تفتح آفاقًا رحبة للتعاون الإنمائي الثنائي والقاري.
ليس هذا فحسب، بل إن مصر باتت تتقن لغة الاستثمار أيضًا وأصبحت جاذبة للاستثمار وصاحبة مُناخ جيد للاستثمار، كما أن تجربتها مع التنمية كانت من أفضل تجارب الدول الناشئة والاقتصاديات الناشئة التي ظلت صامدة ومثابرة في ظل تحديات غير مسبوقة.
قالت سيلا بازارباسيوغلو نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات: "سيتطلب تحقيق طموحات مبادرة الحزام والطريق إصلاحات على نفس القدر من الطموح من جانب البلدان المشاركة وإجراء تحسينات في آليات الإبلاغ عن البيانات وشفافيتها، لاسيما فيما يتعلق بالديون والمشتريات الحكومية المفتوحة، والتقيُّد بأرفع المعايير الاجتماعية والبيئية سيساعد كثيرا في تحقيق تلك الطموحات".
ستظل مصر دائمًا الدولة العربية المثابرة القوية العتيدة ركيزة الإقليم بأكمله.
*كاتبة صحفية