لا يزال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، يراوده حلم أن يكون لبلاده منفذًا بحريًا، بعدما أصبحت حبيسة، بعد نيل إريتريا استقلالها قبل أكثر من ثلاثة عقود.
وخرج رئيس الوزراء الإثيوبي قبل أسبوعين محذرًا، من أن عدم وصول بلاده إلى الميناء يشكل مصدرا محتملا للصراع في المستقبل، ودعا إلى بذل الجهود لمعالجة هذه القضية من أجل حماية الاستقرار الإقليمي.
في هذا السياق؛ نشرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية تقريرا كشفت فيه أن الصومال رفضت طلب إثيوبيا للدخول في مفاوضات بهدف منحها حق الوصول إلى ميناء على البحر الأحمر.
وقال وزير الدولة الصومالي للشئون الخارجية علي عمر في رسالة نصية، إنه في حين أن الصومال "ملتزمة بشدة" بتعزيز السلام والأمن والتجارة والتكامل، إلا أنها غير مهتمة بتوفير الوصول إلى أصول استراتيجية مثل الميناء، مضيفا أن "سيادة الصومال وسلامته الإقليمية- البرية والبحرية والجوية- على النحو المنصوص عليه في دستورنا، مقدسة وغير مفتوحة للمناقشة".
وأشارت بلومبرج في تقريرها المنشور الأسبوع الماضي، إلى جلسة مجلس النواب الإثيوبي في ١٣ أكتوبر ٢٠٢٣ التي صرح خلالها آبي أحمد، بأن أديس أبابا لديها "حقوق طبيعية" في الوصول مباشرة إلى البحر الأحمر، وإذا تم حرمانها من ذلك "لن يكون هناك إنصاف وعدالة، وإذا لم يكن هناك إنصاف وعدالة، فهذه مسألة مع مرور الوقت، سوف نقاتل.
واقترح أن تمنح حكومته أسهما في سد النهضة الإثيوبي الكبير مقابل حصص مماثلة في موانئ في الدول المجاورة، قاصدا إريتريا التي وصفت تصريحات رئيس الوزراء بأنها "مفرطة" وقالت إن "المسألة حيرت جميع المراقبين المعنيين".
وقال ألكسيس محمد، كبير مستشاري الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، إن موقف آبي أحمد يتخذ هذا الموقف منذ فترة طويلة، مضيفا لـ"بلومبرج": "ستنتظر جيبوتي أن تقترح إثيوبيا وسيلة سلمية للوصول إلى البحر الأحمر، مع الاعتراف بأن جيبوتي كانت دائما منفتحة على إقامة علاقات جيدة مع الدول المجاورة، وخاصة إثيوبيا".
وفي خطابه الذي استمر ٤٥ دقيقة، أمام مجلس النواب الإثيوبي، عرض آبي أحمد خريطة توضح موقع إثيوبيا بين البحر الأحمر والنيل، قائلا ليس من الصواب أن نقول هذه المياه "النيل" تهم إثيوبيا، وهذه المياه "البحر الأحمر" لا تهم، الطبيعة لا تقول ذلك.
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن البحر الأحمر والنيل سيحددان إثيوبيا، مشيرا إلى أن مناقشة مسألة البحر الأحمر بالنسبة لإثيوبيا لا ينبغي أن يكون من المحرمات وأكثر ما يحزنني ويؤلمني هو أن مناقشة أجندة البحر الأحمر حتى على مستوى البرلمانيين يعتبر من المحرمات.
وتساءل بحسب تقرير نشرته صحيفة "أديس ستاندرد" الإثيوبية: "لماذا لا نناقش ذلك؟ هل هو مفيد أم غير مجدي؟ وإذا وصل الأمر فما النتيجة؟ لماذا نخشى مناقشته؟ وكما نتفاوض بشأن النيل، يمكننا أن نتفاوض عليه "البحر الأحمر"؛ ليس لديها مشكلة إلا إذا كان التفاوض يعادل عدم استخدامه".
وتابع "إذا كانت إريتريا وجيبوتي والصومال وإثيوبيا دولة واحدة بأي شكل من الأشكال، فهل تعتقدون أن الصومال وإثيوبيا وجيبوتي وإريتريا سوف يتسولون؟ وهذا يعني روسيا أخرى، والصين الأخرى، وأمريكا أخرى؛ بلد كبير جدًا"، مضيفًا أنه لكي تتمتع المنطقة بأكملها بالسلام وتضمن الرخاء "أول شيء يجب النظر إليه هو البحر الأحمر. قضية البحر الأحمر تحتاج إلى حوار شامل".
وزعم أن حقوق إثيوبيا ومطالباتها بالوصول إلى الميناء متجذرة في أسباب جغرافية أو تاريخية أو عرقية أو اقتصادية، بما في ذلك حقيقة أن حاجة إثيوبيا المشروعة للوصول الكافي إلى البحر تم دمجها كاتفاق في ميثاق الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن “إثيوبيا جزيرة محاطة بالمياه، لكنها دولة عطشى. محيط بلادنا كله ماء، لكننا عطشان. لماذا؟ وتساءل: "في حين أن الأمطار غزيرة، والمياه الجوفية،.. والمحيط الهندي هناك والبحر الأحمر هناك في الأعلى.. لماذا تعتبر المياه مشكلتنا ونحن محاطون بالمياه؟".
يذكر أن رئيس الوزراء الإثيوبي هدد في يوليو الماضي باستخدام القوة لتمكين بلاده من الحصول على ميناء بحري، وكشف آبى أحمد عن أن جميع الخيارات، بما فى ذلك التفاوض و"الأخذ والعطاء" وحتى استخدام القوة، مطروحة على الطاولة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.
وشدد فى كلمته أمام حشد من المستثمرين ورجال الأعمال في ٢٠ يوليو ٢٠٢٣، على الحاجة الملحة لإثيوبيا لامتلاك ميناء خاص بها، مشيرا إلى التكاليف الباهظة وغير المستدامة المرتبطة بالاعتماد على موانئ الدول المجاورة.
وكشف موقع "هورن أوبزرفر" المتخصص فى الشأن الأفريقى أن الحكومة الإثيوبية بدأت بالفعل فى مفاوضات مع بعض الدول وبالتحديد إريتريا وجيبوتى وأرض الصومال التى تسعى لنيل اعتراف دولي، على أمل تأمين طريق إلى ميناء.
وأوضحت الصحيفة أن إثيوبيا اقترحت على إريتريا، منحها ٣٠٪ من أسهم الخطوط الجوية الإثيوبية كورقة مساومة للوصول إلى الموانئ المرغوبة.
وأكد آبى أحمد أن "إثيوبيا تريد الحصول على ميناء من خلال الوسائل السلمية، ولكن إذا فشل ذلك، فسنستخدم القوة".
وتعتمد إثيوبيا حاليا على موانئ جيبوتى وأرض الصومال، لاستيراد وتصدير البضائع وهو الأمر الذى يكلفها أموالا طائلة وغالبا ما تعانى من مشاكل الازدحام، مما يعرض الكفاءة الاقتصادية لإثيوبيا للخطر.