الخميس 21 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الضمير الإنساني والقضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

 

كلما اشتعلت الحرب في الأراضي المحتلة بين العرب الفلسطينبين أصحاب الأرض، (وغالبيتهم من المسلمين) وبين الإسرائيليين المحتلين، (وغالبيتهم من اليهود) ينقسم الرأي العام العالم إلي ٣ فرق.. فريق يتبنى وجهة نظر المحتل، وحقه في الدفاع عن نفسه، وهو فريق يشمل بالإضافة إلى أصحاب الدين اليهودي (وفصيل من أصحاب الدين المسيحي- الصهيومسيحية البروتستانتية)، وحكومات الدول الغربية بصفة عامة (خاصة حكومتي الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا). وفريق آخر يتفهم معاناة الفلسطينيين أصحاب الأرض، ومن أُجبر منهم على ترك موطنه والنزوح أو التهجير إلى وطن بديل، وحقهم في الدفاع عن وطنهم المسلوب وأرضهم المحتلة. هذا الفريق يشمل الدول العربية والإسلامية، والمتعاطفين معهم من دول الشرق والجنوب ودول العالم الثالث. وفريق ثالث يمثل الغالبية الصامته التي لا تعني بالصراع ولا المتصارعين.

الفريق الأول، يمثل قلة قليلة في العدد، ولكنها مؤثرة، تمتلك القوة الناعمة من علماء نوبل، والقوة الخشنه من أحدث الأسلحة، وتمتلك الثروة والنفوذ، والتأثير القوي علي وسائل الميديا العالمية، وتجيد التواصل مع الرأي العام العالمي.

الفريق الثاني، وهو الأكثر عددًا والأقل تأثيرًا، يدافع عن المعتَدى عليه ويتفهم دوافعه المشروعة، ولكنه محامٍ ضعيف، غير قادر على التواصل مع الرأى العام الدولى.

وبين هذا وذاك، تتكرر الحرب وتتكرر الأهوال والمآسي كل عدة سنوات، وتسأل هل من مخرج عادل لهذا الصراع الدامي، فلا تجد أى أمل في أي حل، طالما تَمَسك كل فريق برأيه المتعصب وأنه يتكلم بإسم الدين الذي يعتنقه. أتذكر أن حدث نقاش بين مجموعة من الزملاء من مختلف الأديان والثقافات، أثناء دراستي في انجلترا، بمناسبة اعتداء  إسرائيلي على قطاع غزة وقتل أسرة بكاملها سنة ٢٠٠٢. كان النقاش حول ملابسات هذا الصراع الدامي، الذي يختلط فيه الدين بالسياسة، والفقر بالغني، والتعصب مع غياب الأفق. كان الحديث يتجه إلى أن هذا الصراع شديد التعقيد، أكثر من الصراع في أيرلندا الشمالية، والذي كان قد تم التوصل إلى حل سياسي له سنة ١٩٩٧. وكدنا نجزم أنه لن يكون هناك حل لقضية الشرق الاوسط، إلى أن تدخل رجل دين مسيحي، كان في الأصل طبيب تخدير، وقال بصوت الواثق "لن يستطيع حل مشكلة الشرق الاوسط إلا بتغليب الضمير الإنساني (Human conscience)".

سألت، وماهو الضمير الانساني؟.. أجاب؛ هو مشاعر إنسانيه غرسها الله سبحانه وتعالي في نفوس البشر، تهتدي بعفوية وتلقائية إلى مبادئ الأخلاق والعدالة، وتقف إلى جانب المظلومين والضعفاء والمهمشين، وتحاول أن تنتصر لهم. سألت: وهل للضمير الإنساني تأثير مادي على صناعة القرار الدولي في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ وأعطيت مثالًا لذلك بقرارات مجلس الأمن أرقام ٢٤٢ لسنة ١٩٦٧، ٣٣٨ لسنة ١٩٧٣، واللذين التفت حولهما إسرائيل. أجاب: للأسف ليس للضمير الإنساني قوة قانونية في الوقت الراهن، ولكن بدون شك سوف ينتصر الضمير الإنساني على المدى الطويل. واعطي مثالين لذلك، نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا (الأبرتيد)، في العصر الحديث. ونظام الرق والعبيد في القرون الوسطي، واللذان نجح الضمير الإنساني العالمي في إلغائهما.. سألت، وكيف سينجح الضمير العالمي في حل مشكلة الشرق الاوسط؟ أجاب: بمرور الوقت، وتغير موازين القوى، سوف ينتصر الضمير الانساني العالمي لإنصاف المظلومين. سوف تجد إسرائيل نفسها معزولة وإن كانت قوية، ومكروهة وإن كانت متفوقة، ومتهمة وإن كانت تنصرها القوى العظمى. عندها فقط سوف ينتصر الضمير الانساني، ويجلس الطرفان معًا للعيش في سلام كما حدث في جنوب أفريقيا وفي ايرلندا الشمالية. سألت: وهل حل الدولتين ممكن؟ أجاب: نعم ممكن إذا تقبله الطرفان، ولكن، ستظل المشاحنات والحروب بين الطرفين، طالما كان العنصر الديني موجودًا في الصراع، إلى أن يتغلب الضمير الجمعي، وييعيش الطرفان في شكل دولة مدنية يكون للجميع فيها نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، ويكون فيها الدين لله والوطن للجميع. قلت وكم يستغرق ذلك؟ أجاب: ربما يستغرق ذلك جيلًا كاملًا، ولكنه سوف يحدث يومًا ما، ربما في جيل الأبناء أو حتى الأحفاد.. قلت لله الأمر من قبل ومن بعد.

*رئيس جامعة حورس