يدفع المدنيون الفلسطينيون ثمن الحرب الدائرة بين فصائل المقاومة الإسلامية والكيان الصهيوني، وذلك بعد مرور أكثر من عشرة أيام على اشتعال فتيل الحرب في غزة؛ يعاني المدنيون في غزة حتي الآن من قتل وتهجير وتضيق حيث قطع عليهم كافة السبل المعيشية من ماء وغذاء وكهرباء، بجانب منع وصول أي مساعدات طبية أو إنسانية إلى القطاع؛ فالتعرض للمدنيين جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. وإدراكاً بأن السلام هو الحل؛ سعت دول ومنظمات بجانب دور العبادة إلى نزع فتيل الحرب والحث إلى عدم ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، وكانت في مقدمة هذه الدول مصر؛ فالمجتمع الدولي يدرك تماماً قيمة وقدرات مصر على حل هذه الأزمة، وبجانب جهود الدولة، تقف الكنائس المصرية بجانب وطنها كتفاً بكتف، وحول هذه الجهود تسلط "البوابة نيوز" الضوء عليها خلال السطور التالية.
دور الدولة المصرية
منذ ظهور القضية الفلسطينية في أواخر 1947م باعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل، حملت مصر على عاتقها الدفاع عن حقوق الفلسطينيين؛ فدفعت مصر الثمن عشرات الآلاف من دماء أبنائها منذ حربها الأولى في 1948م ضد إسرائيل مروراً بباقي الحروب، وتستمر الى اليوم في دعم القضية الفلسطينية وحقوق أبنائها، بالدعوة إلى حل الدولتين على حدود 67 والقدس عاصمة لفلسطين.
وبالرغم بما بذلته الدولة المصرية، يحاول البعض التشكيك في ولاء مصر، وتبذل الدولة المصرية الآن كافة جهودها من أجل دعم المدنيين الفلسطينيين، عن طريق إرسال مئات قوافل المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة، بجانب أطلاق حملات التبرعات الإنسانية من أجلهم، عوضاً عن موقف مصر السياسي تجاه القضية؛ يشير الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، وما يستوجبه ذلك من ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسئولياته بتوفير الاستجابة الإنسانية والإغاثية العاجلة لأهالي القطاع والتخفيف من وطأة معاناتهم، مشدداً في هذا الصدد على ضرورة خفض التصعيد، فضلاً عن رفض تعريض المدنيين لسياسات العقاب الجماعي من حصار وتجويع أو تهجير. إضافة الي الرسائل التي أدلى بها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وكان أبرزها:
- "رد الفعل الإسرائيلي تجاوز مبدأ حق الدفاع عن النفس إلى العقاب الجماعي."
- التأخير في حل القضية الفلسطينية يترتب عليه المزيد من الضحايا.
- يجب تسهيل إيصال المساعدات إلى قطاع غزة للتخفيف عن المواطنين هناك.
- غياب أفق حل القضية الفلسطينية أدى لتفاقم الغضب.
- نأمل أن نتمكن من احتواء الموقف في غزة وعدم الزج بأطراف أخري إلى الصراع.
كنائس مصر والعالم تحث على السلام
على غرار الدور المصري، حثت الكنائس المصرية ورجال الدين المسيحي على نشر السلام في منطقة الشرق الأوسط، ورفضها كل سبل العنف وإراقة دماء الأبرياء، عملاً بتعاليم السيد المسيح: "طوبى لصانعي السلام، لأنهم يدعون بني الله" "متى 5:9".
شددت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني بطريرك الكنيسة، على رفضها كل الطرق التي تؤدي إلى العنف وسفك الدماء، وقالت الكنيسة القبطية: " تؤكد الكنيسة رفضها واستنكارها للأحداث الجارية بين الطرفين الفلسـطيــني والإسـرائيـلي والتي أدت وتؤدي - بكل أسف - إلى إزهـاق مئات الأرواح وإصـابة الآلاف، من بينهم كثير من المدنيين الأبرياء.
وتابعت، أن العــنف لا يثمر سوى عـنفًا مماثلًا ومزيدًا من القــتل والدمـار، لذا ندعو كافة الأطراف إلى الاحتكام للعقل واللجوء إلى لغة الحوار والتفاوض، حقنًا للدماء، وحفاظًا على حياة الإنسان التي هي أهم وأثمن مما عداها من القيم والأهداف.
واختتمت بالقول: "وتشيد الكنيسة بجهود التهدئة التي تقوم بها الدولة المصرية بين طرفي النزاع للوصول إلى حل سياسي يحفظ حقوق الشعب الفلسـطيــني ويحقق السلام المنشود."
من جانبها، أعلنت الكنيسة الإنجيلية في مصر برئاسة الدكتور القس أندريه زكي، عن موقفها تجاه الأحداث الجارية، حيث ثمنت الدور الوطني الذي يقوم به التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي بتقديم الدعم الفوري والإغاثة الإنسانية لدولة فلسطين الشقيقة، وهو ما يتم بشكل مستمر في إطار دعم وتضامن جمهورية مصر العربية تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق لتخفيف حدة أحداث العنف الذي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا والمصابين.
وقالت التدخل المصري في محاولة وقف العنف ودعم وإغاثة الفلسطينيين هو الأكثر عقلانية، وموقف الدولة المصرية والقيادة السياسية في ظل تصاعد العنف يؤكد حرصها على سلامة البشر، والحفاظ على الأرض، أكثر من أي شيء آخر، كما يعكس علاقة الشعب المصري بالشعب الفلسطيني التاريخية، والتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي يمتلك القدرة على الإغاثة الإقليمية".
وأضافت انطلقت القوافل الشاملة للتحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي وحياة كريمة، والتي تضم قرابة 106 قاطرات محملة بكميات ضخمة من المساعدات الإنسانية تتضمن ألف طن من المواد الغذائية واللحوم و40 ألف بطانية بجانب ما يزيد علي 50 ألف قطعة ملابس وأكثر من 300 ألف علبة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وذلك لدعم الأشقاء في فلسطين جراء أعمال العنف التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وقالت مارجريت صاروفيم، رئيس قطاع التنمية المحلية بالهيئة الإنجيلية، وعضو التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي: "إن الهيئة الإنجيلية ساهمت بنحو 42 طنًّا من المواد الغذائية الجافة، والتي تخدم حوالي 5000 أسرة، وذلك لدعم الأشقاء في فلسطين".
وإلى جانب ذلك، شكلت كنائس ورؤساء كنائس القدس لجنة طارئة حول الأزمة الإنسانية التي تمر بها بلادهم، حيث أعلنوا عن موقفهم تجاه ما يحدث من مسلسل قتل الأبرياء والمدنيين، ودعوا لوقف الصراع والقتال.
وقالت اللجنة في بيان لها: «أرضنا المقدسة الحبيبة تغيرت بشكل كبير خلال الأسبوع المنصرم، ونشهد حاليًا دورة جديدة من العنف مع هجوم غير مبرر على كافة المدنيين؛ إن التوترات مستمرة في الارتفاع والمزيد من الأبرياء والضعفاء يدفعون ثمنًا باهظًا كما يظهر بوضوح من العدد المروع للضحايا وكمية الدمار في غزة».
وتابعت: «إن أمر إخلاء شمال غزة وطلب نقل 1.1 مليون شخص؛ بما في ذلك جميع أفراد رعايانا المسيحيين هناك؛ إلى جنوب القطاع خلال 24 ساعة سيعمق الكارثة الإنسانية المهولة اصلًا، أهل غزة جميعًا محرومين من الكهرباء والمياه وإمدادات الوقود والطعام والدواء، وفقًا لمصادر الأمم المتحدة؛ نزح نصف مليون شخص بالفعل بسبب تدمير منازلهم. والعديد من المدنيين في غزة اوضحوا لنا أنه ليس هناك سُبُل واقعية تُمكنهم من الإجلاء بأمان في أي اتجاه"
وأكملت: ندعو المجتمع الدولي لدخول الإمدادات الإنسانية إلى غزة حتى يتمكن الآلاف من المدنيين الأبرياء الحصول على العلاج الطبي والإمدادات الأساسية. علاوة على ذلك؛ ندعو جميع الأطراف إلى تهدئة هذا الصراع من أجل إنقاذ حياة الأبرياء مع الالتزام بأسس العدالة".
واختتمت اللجنة بيانها بالقول: «تضامنًا مع جميع الذين عانوا في هذا الصراع والعائلات التي تتألم بسبب العنف ندعو رعايا كنائسنا وجميع محبي الخير في جميع أنحاء العالم إلى الصوم والصلاة يوم الثلاثاء القادم، ما زال هناك وقت لوقف الكراهية".
وقال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس لـ"البوابة نيوز": "ما يحدث حاليا في غزة انما هي نكبة جديدة ومخطط يهدف لتصفية القضية الفلسطينية، اغيثوا غزة وكونوا معهم في هذه الاوقات العصيبة، ارفعوا ايديكم عن غزة فشعبنا هناك لا يستحق هذه القساوة والهمجية؛ فليتوقف العدوان حقنا للدماء ووقفا للدمار والخراب.
وتابع، إن الجرائم المروعة التي ترتكب بحق أهلنا في قطاع غزة إنما هي وصمة عار في جبين الإنسانية، نقف الى جانب كل المكلومين والمتألمين والمحزونين ونتمنى بأن تتوقف هذه الحرب بأسرع ما يمكن حقنا للدماء ووقفا للدمار ووقفا للمآسي الإنسانية، شهداءنا ليسوا أرقاما وأضحى الناس مكبلين امام شاشات التلفزة يشاهدون ما يحدث في غزة ولكن اهلنا هناك هم الذين يعانون وهم الذين يتألمون ومعهم شعبنا كله وكافة الأحرار من أبناء أمتنا وأصدقائنا في مشارق الارض ومغاربها.
وقال حنا ، اوقفوا هذه الحرب فكفانا دماء وخرابا ونحن لم نكن في يوم من الايام دعاة حروب وعنف وما تحتاجه هذه الارض المقدسة هو ان تتحقق العدالة فيها والحروب لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان توصلنا الى هذه العدالة التي طال انتظارها، خراب ودمار وقتل للمدنيين والابرياء ومنهم الاطفال وهذه المشاهد المروعة نتمنى ان تحرك المشاعر الانسانية وان يتحرك من عندهم ضمير انساني نصرة لهذا الشعب وحقنا للدماء.
وأكمل، نقف الى جانب كل مبادرة وكل جهد يبذل من اجل وقف الحرب فيحق لأهلنا في غزة ان يعيشوا في هدوء وطمأنينة وليس في حالة حرب وخوف كما هم اليوم وكما كانوا ايضا في الحروب الماضية، كان الله في عون أهلنا في غزة وفي سائر أرجاء فلسطين فالاعتداءات في كل مكان وخاصة في القدس التي هي مفتاح السلام ولا يمكن ان يكون سلام حقيقي بغياب العدالة في القدس وفي سائر أرجاء هذه الأرض المقدسة.
وأضاف المطران عطالله حنا: نوجه نداء حاراً لعله يصل الى حيثما يجب أن يصل بأن يتم العمل بشكل أكبر من أجل وقف هذا العدوان حقنا للدماء ووقفاً للخراب، فشعبنا الفلسطيني لا يستحق أن يعامل بهذه القسوة وبهذه الهمجية غير المسبوقة والتي إن دلت على شيء فهي تدل على همجية وفاشية المعتدين الذين لا يؤمنون بأية قيمة إنسانية أو أخلاقية نبيلة، نطالب الحكام العرب والأقطار العربية وشعوبها كافة بأن يتحركوا نصرة لشعبنا وأن يعملوا من أجل وقف هذا العدوان وفي كل يوم يمر يزداد الدمار والخراب وقتل الابرياء المدنيين الآمنين.. صور مروعة ومشاهد مؤلمة يراها العالم بأسره في غزة نتمنى أن تحرك الضمائر الحية ونتمنى وأن يقوم الجميع بدورهم المأمول في ردع المعتدين ووقف العدوان والوصول الى وقف اطلاق النار، كان الله في عون أهلنا في غزة فأهلنا هناك عانوا من الحروب والاعتداءات المتتالية خلال السنوات المنصرمة وقد أتى هذا العدوان الأخير لكي يحرق الاخضر واليابس، إنه دمار شامل وقتل مبرمج لشعب أعزل، أناشد المرجعيات الدينية كلها والحقوقية والانسانية ان تتحرك اليوم، اليوم وليس غداً نصرة لأهلنا في غزة ومن أجل ايقاف هذا العدوان الغاشم.
في سياق متصل قامت، كنيسة القديس بورفيريوس التاريخية في غزة بإيواء المتضررين والمشردين والمنكوبين من أهالي غزة جراء الهجوم الغاشم من قبل القوات الإسرائيلية، حيث قالت الكنيسة أن أبوابها ومعها الدير المجاور لها والقاعات والمرافق الأخرى فتحت أبوابها من أجل إيواء أهلنا في غزة الأبية التي تتعرض لعدوان غاشم، وناشدت الكنيسة أصحاب المحلات التجارية والسوبر ماركت في مدينة القدس وضواحيها، بعدم استغلال الأوضاع الراهنة ويرفعون أسعار المؤن والمواد الغذائية وسواها من الأمور التي يحتاجها الناس.
كما كشف المطران عطالله حنا جهود كنيسة بورفيروس قائلاً: "كان هناك جهة خارجية طلبت من المطران الكسيوس والأب سيلا طلبت منهم في أول أيام الحرب بأن يخرجا من غزة من أجل الحفاظ على سلاماتهما وبأنه سوف يتم تأمين عملية الخروج الآمن لهما ولكنهما رفضا هذا العرض وقالا بأننا لن نترك كنيستنا ولن نترك شعبنا وأبناء رعيتنا، نحن هنا باقون رغما عن كل التهديدات والصعوبات والمخاطر.
مجلس الكنائس العالمي
قام مجلس الكنائس العالمي خلال الأيام الماضية بتكثيف عمله في الأراضي المقدسة لمواصلة دعم الجهود من أجل السلام العادل، بعد اندلاع حرب ما بين اسرائيل وفلسطين؛ فتم نقل أربعة وعشرين مرافقًا مسكونيًا من البرنامج التابع لمجلس الكنائس العالمي في فلسطين وإسرائيل من مواقعهم الأصلية في القدس الشرقية والضفة الغربية لضمان سلامتهم وضمان مشاركتهم دون انقطاع في البرنامج، وبينما سيواصلون عملهم الأساسي من بلدانهم الأصلية، هناك خطط قائمة لاستئناف أدوارهم في الموقع بمجرد أن تسمح الظروف بالعودة الآمنة.
ويقول المجلس إنه لا يزال برنامج خدمة الأراضي المقدسة ثابتًا وعمليًا، مدفوعًا بفريقنا المتفاني في القدس، مدعومًا بالكنائس والشبكات والشركاء المحليين والإقليميين، ويتم تمكينه من خلال الشهادات المباشرة لمرافقينا المسكونيين.
ويقول الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، القس البروفيسور الدكتور جيري بيلاي: "إننا نطلب بشكل عاجل من الطرفين وقف تصعيد الوضع، إننا نشعر بقلق عميق إزاء الصراع بين إسرائيل وفلسطين، والعواقب المأساوية الحتمية لشعوب المنطقة الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء في أعقاب فترة من التوترات المتصاعدة والعنف في الضفة الغربية والقدس.
وتقول كارلا خجويان، المديرة التنفيذية لبرنامج مجلس الكنائس العالمي: "لقد أثبت مجلس الكنائس العالمي، من خلال انتشاره العالمي، قدرته على التركيز والتكيف في دعم المجتمعات المحلية والكنائس الأعضاء لدينا والشركاء. لقد تم اختبار التزامنا بالمناصرة العالمية من قبل، ونحن نرتقي إلى مستوى التحدي في كل مرة. سنفعل ذلك دائمًا.
في هذه الأوقات الصعبة، دعونا كزمالة عالمية نتحد في الصلاة والعمل. معًا، يمكننا الدعوة إلى وقف العنف، وضمان العدالة والسلام والرخاء للجميع، وإن المحنة الحالية التي تعيشها الأراضي المقدسة، والتي تفطر القلوب بسبب خطورتها، تسلط الضوء على منطقة يائسة من العدالة والهدوء الدائمين.
IMG_0865
IMG_0864
IMG_0863
IMG_0862
IMG_0861
IMG_0850
IMG_0849