الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

بشره الرسول بنصر أكتوبر.. محطات فارقة في حياة الشيخ عبد الحليم محمود

الإمام عبدالحليم
الإمام عبدالحليم محمود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تمر علينا اليوم الأربعاء، الموافق 17 أكتوبر 2023 ذكرى وفاة فضيلة الإمام الأكبر أ.د عبدالحليم محمود، شيخ الأزهر الشريف السادس والأربعين، وأحد أعلام الأمة الإسلامية البارزين، الزاهدين والبارعين في علوم التصوف والعلوم الشرعية.

وتستعرض “البوابة نيوز” في هذا التقرير بعضًا من جوانب حياته وسيرته العطرة.

مولده ونشأته: 
ولد فضيلةُ الشيخ عبدالحليم محمود بعزبة أبو أحمد قرية السلام، مركز بلبيس بمحافظة الشرقية في الثاني من جمادى الأولى لعام: 1328هـ، الموافق للثاني عشر من مايو لعام 1910م، لأسرةٍ كريمةٍ مُحبّةٍ للعلم والأزهر الشريف، ولوالدٍ رأى في ابنه امتدادًا لأملِه ورسالته. حفظ الابنُ القرآنَ والتحق بالأزهر الشريف، عام: 1923م، وحصل على الشهادة الثانوية في عام واحد؛ حيث كان النظامُ وقتئذٍ يسمح أن تُختصرَ المرحلة الثانوية في عام واحد، إذا كانت علوم الطالب ومعارفه تتخطى حدودَ المقرّرات في هذه المرحلة. 

مسيرته العلمية والعملية  

حصل الشيخ على شهادة العالِمية سنة 1351هـ/ 1932م.
سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة؛ لاستكمال دراساته العليا، حتى حصل على الدكتوراة في الفلسفة الإسلامية عن الحارث المحاسِبي سنة: 1359هـ / 1940م. 
كان الشيخ مُتبحرًا في كثيرٍ من العلوم والفنون؛ مما أهَّله لتولّي العديد من المناصب بعد أن كان مُدرّسًا لعلمِ النفس بكلية اللغة العربية، منها: - تعيينه أستاذًا للفلسفة بكلية أصول الدين سنة1951م. - عمادة كلية أصول الدين سنة: 1384هـ / 1964م - الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية. - وكالة الأزهر الشريف 1970م - وزارة الأوقاف وشئون الأزهر - مشيخة الأزهر الشريف 1973م.

جهوده الدعوية
كان فضيلةُ الإمام عبدالحليم محمود ذا رؤيةٍ إداريةٍ واضحة، وفنِّ قيادة، وقرارٍ إصلاحيّ واعٍ في جميع المواقع التي أدارها، ونلمح ذلك في الآتي: 
اهتم الإمامُ خلال تولّيه وزارةَ الأوقاف بترميم وتجديد المساجد العتيقة والأثرية، كمسجد الصحابيّ الجليل سيدِنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكلّف الشيخَ محمدَ الغزالي بالخطابة فيه، كما ضم عددًا من المساجد الأهلية إليها. 
استرد الإمامُ أملاك الوزارة وأوقافَها من هيئة الإصلاح الزراعي، وأسند إدارتَها لهيئة الأوقاف التي أنشأها داخل الوزارة. 
قدم فضيلة الإمام عبدالحليم محمود خدماتٍ دعويةً جليلةً أثناء توليه مجمعَ البحوث الإسلامية، أهمها: وضعُ الهيكل التنظيمي والإداري الحديث لمجمع البحوث، وتخصيصُه المقرَّ الحالي للمجمع بمدينة نصر.
عمل على تطوير مكتبة الأزهر وإمدادِها بالكتب والمؤلفات. 
توسّع في إنشاء المعاهد الأزهرية بمراحلها المختلفة، في أنحاء الجمهورية.

تصانيفه ومؤلفاته
كان الشيخ صاحبَ علمٍ واسع، ونظرٍ ثاقبٍ، وفكرٍ مستنير، وقلمٍ رشيق. ولِما عُرف به من علمٍ وزهدٍ وتصوفٍ؛ لُقِّب بغزاليِّ القرنِ العشرين. ومن أهم كتب الشيخ كتابٌ بيّن فيه منهجَه سمَّاه: «التوحيد الخالص»، أو «الإسلام والعقل» وقال عنه: (...وما فرحتُ بظهور كتابٍ من كتبي مثل فرحي يوم ظهر هذا الكتاب، لأنه من خلاصة تجربتي في حياتي الفكرية). كما أثرى المكتبةَ الإسلاميةَ بعديدٍ من الكتب والمؤلفات في مجالات متعددة ربت على الستين مؤلفًا، منها ما كتب بالعربية، ومنها ما كتب بالفرنسية، مِن أهمها:
موقف الإسلام من الفن والعلم والفلسفة. 
التفكير الفلسفي في الإسلام.
منهج الإصلاح الإسلامي في المجتمع.
أستاذ السائرين الحارث المحاسبي.
الإمام الربانيّ الزاهد عبد الله بن المبارك.
أوروبا والإسلام.
فتاوى الإمام عبد الحليم محمود

كما حقّق العديدَ من أمهات الكتب، مثل: لطائف المنن لابن عطاء الله السكندري. 
اللمع لأبي نصر السراج الطوسي. المنقذ من الضلال لحجة الإسلام الغزالي. وترجم العديدَ من كتب الفلسفة اليونانية والأخلاق من الفرنسية إلى العربية، مثل: الفلسفة اليونانية أصولُها وتطورها لألبير ريفو.
الأخلاق في الفلسفة الحديثة لأندريه كريسون.

الشيخ وقضايا الأمة 
من يتأملْ سيرةَ الشيخ رحمه الله يظهرْ له جليًّا عظيمُ بذلِه في خدمة الدعوة إلى الله في مصر وخارجها، وبيانُه الإسلامَ وأحكامَه وتعاليمَه في صورته السمحة الحكيمة خلال زيارته لدول العالم شرقا وغربا. ومتابعتُه لكل ما يدور على ساحة عصره من قضايا تخصّ المسلمين في كل مكان، وإعلانُه المواقفَ الواضحةَ حيالها، بما يدعم استقرارَهم وسلامهم وإنصافَهم وحريتهم. وفاته بعد حياة زاخرةٍ بالعطاء والإصلاح في كل ميدان، وخدمةِ قضايا الإسلام في كل مجال؛ ختم الشيخُ حياتَه بزيارةٍ للأراضي المقدسة.

فالشيخ عبدالحليم محمود الذي كان علامة للزهد والورع لم يغفل دوره الوطني في أن يكون أيضا من أبرز أسباب النصر في حرب السادس من أكتوبر لعام 1973، وحملت خطبه الرنانة والحماسية خلاف رؤيته المنامية للرسول صلى الله عليه وسلم بشارات وفرحة لمصر والعالم العربي والإسلامي على حد سواء.

بدأ الشيخ عبدالحليم محمود خطبة الجمعة التي واكبت حرب السادس من أكتوبر، بالحمد لله والثناء عليه، مشيراً إلى أنه في مثل هذا اليوم من السنة الثانية من الهجرة كان المسلمون يعسكرون في بدر، وقد أذن الله لهم بالقتال ذلك لأنهم قتلوا وأخرجوا من ديارهم بغير حق، إلا أنهم يقولون ربي الله.

وتابع: الأسباب التي ذكرها الله تعالى في محكم التنزيل "ظلموا وقتلوا وأخرجوا من ديارهم وهي نفس أسباب الحرب الحالية، فقد قتلونا وأخرجنا بغير حق، فاللهم انتصر لنا كما انتصرت لأهل بدر، اللهم بدر أخرى تنصر فيها أولياءك كما نصرتهم في بدر.
ووجه الإمام الراحل عبدالحليم محمود خلال حديثه النادر عقب انتصار أكتوبر، الشكر للمولى تبارك وتعالى على ما كتبه للأمة المصرية والعربية والإسلامية، من رده كيد حتى تكون كلمة الله هي العليا، كما بعث بتحياته إلى من قاموا بأمور ربهم فأسلموا له قلوبهم وأدوا فرائض شهرهم.

وقال “عبدالحليم محمود”: “إن أمتنا تستحق على تحرير إرادتها في الجهاد، تخوض أقدس معاركها ضد الصهاينة ضد أعداء الله أعداء الإنسانية، كأنهم بنيان مرصوص تستحق التحية على تحقيق إرادتها في ميدان النصر، وإن أمتنا اليوم تستحق أن تطلع إلى النوال الاكبر بالنصر، ترد به الأرض المغتصبة وفتح تسترد به المسجد الأقصى”.

وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الراحل كان مهتما بإسهام الأزهريين في معركة العاشر من رمضان السادس من أكتوبر.

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، أن الشيخ عبد الحليم محمود، قبيل حرب رمضان المجيدة، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يعبر قناة السويس ومعه علماء المسلمين وقواتنا المسلحة، فاستبشر خيرا وأيقن بالنصر، وأخبر الرئيس السادات بتلك البشارة، واقترح عليه أن يأخذ قرار الحرب مطمئنًا إياه بالنصر، ثم لم يكتف بهذا، بل انطلق عقب اشتعال الحرب إلى منبر الأزهر الشريف، وألقى خطبة عصماء توجه فيها إلى الجماهير والحكام مبينًا أن حربنا مع إسرائيل هى حرب في سبيل الله، وأن الذي يموت فيها شهيدٌ وله الجنة، أما من تخلف عنها ثم مات فإنه يموت على شعبة من شعب النفاق.

 وتابع: وكانت نتيجة الإعداد الجيد الذي قام به الجيش المصرى، مضافًا إليه طمأنة الدكتور عبد الحليم محمود لرئيس البلاد وحَفْزه إياه على شن الحرب ضد قوات الصهاينة، التى تحتل جزءًا غاليًا من تراب مصر، هى ما أسفرت عنه الحرب الرمضانية المجيدة من نصر كبير.

وفي صبيحة يوم الثلاثاء الموافق 15 ذو القعدة 1397 هـ / 17 أكتوبر 1978م، عقب عمليةٍ جراحيةٍ أجراها؛ فاضت روح الشيخ إلى بارئها، ولا يسعنا في ختام هذه البطاقة إلا أن نقول: إنه لمن الصعب أن نُوفِّيَ الشيخَ حقّه، أو نحصيَ فضائلَه ومآثره، أو نذكرَ كلَّ مواقفه التي ينبغي أن نقتديَ بها ونتمثلَ، وحسبُنا أنّا أردنا إلقاءَ الضوء على مسيرته العلمية والإصلاحية والفكرية المؤثرة المُلهمة؛ حتى يقتفيَ الناسُ أثرَ الهُداة المُصلحين. ويمكنُ لمن أراد الاستزادةَ عن حياة الشيخ، وخلاصة أفكاره، وتجاربه، ومنهجه الإصلاحي؛ أن يرجعَ إلى كتابه الرائع: «الحمد لله هذه حياتي».

رحمَ الله الشيخ، وأحسن إليه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.