الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سأنتخب هذا المرشح رئيسا "5 "‏

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كما أوضحنا في المقالات السابقة، وبعد تهيئة الحالة المصرية ووضع استراتيجية ‏عملية لمواجهة وعلاج ظواهر شيخوخة العقل الجمعي التي تتحكم في الفرد ‏والمؤسسة، والآن سيتم تناول الملفات طبقًا لأولوية الأهمية ووضعها في برنامج ‏انتخابي كمقترح يتم تضمينه داخل خطة عمل متكاملة في السنوات القادمة.‏

الأولوية في الأهمية هو ملف الزراعة، فالعالم الآن يمر بمرحلة مخاض من داخل ‏الرحم المصري، وسيشهد أحداث وصراعات في كل بقاعه، والدول التي تمتلك ‏الأمن الغذائي تستطيع أن تصمد وتستمر.‏

الزراعة في مصر تمثل موروثًا مكونًا للهوية المصرية وليست نشاطًا اقتصاديًا فقط، ‏وفي كل مراحل التاريخ ظل الفلاح هو الفلكلور المتجسد الذي يحمل لواء تلك ‏الهوية من جيل إلى أخر، ففى مراحل القوة والضعف ظل الفلاح هو الداعم ‏والمساند الغير مرئي الذي يحمل مكون الأمن الغذائي لجميع الأجيال، فعلي مدار ‏التاريخ كان منزل الفلاح هو ذلك المكون الذي يتواجد بداخله الفرن البلدي، ‏وحظيرة المواشي، ومزرعة الطيور، ومنتجات ذلك من لحوم وألبان وخبز الذي ‏تتغذى منه جميع أطياف المجتمع، فالفلاح وفأسه هو أهم أسرار تماسك وقوة وصمود ‏مصر أمام محاولة ابتلاعها ثقافيًا أو عسكريًا عبر كل تاريخها.‏

لكن جاءت المرحلة الفارقة في تاريخ مصر، وهو صدور أخطر القوانين في ‏تاريخها أثناء سنوات حكم نظام مبارك، وما أحدثه بالبلاد من فقر وأمراض بدنية ‏واجتماعية وثقافية وتبعية وتشوهات سياسية.. إلخ ليست نتاج عوامل الطبيعة أو ‏ضربات الأقدار، وإنما هي بفعل فاعل هو نظام حكم مبارك والمستفيدين من فساد ‏حكمه وعصره، فعرفت رسميًا بقانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في ‏الأراضي الزراعية وعرفت لدى الفلاحين بقانون طرد المستأجرين والذي تم ‏تطبيقه في أكتوبر 1997.‏

وعلى إثر ذلك القانون تم تعرية مصر من الهوية التي عاشت بها آلاف السنوات ‏وتم ضرب أقوى سند لها غير منظور وهو الاقتصاد الموازي الخفي "الأمن ‏الغذائي" وتم تبوير الأرض وأصابتها بأمراض متنوعة وأصبح الفلاح حائرًا بين ‏أحضان الجماعة الإرهابية وبين الهجرة خارج البلاد، فتم هدم الفرن، وموت ‏المواشي، وهجرة الطيور، ومعها شحت منتجات الأمن الغذائي وأصبحت تحتاج ‏إلى الدولار لاستيرادها من الخارج، فأصبح الأمن الغذائي بيد بعض التجار ‏الفاسدين الذين هم أيضًا نتاج نظام مبارك، ليتلاعبوا بالمواطن وأمن الوطن بعد أن ‏أطاحوا بالفلاح، وكسروا الفأس، واستولوا على الأرض.‏

والآن، على القيادة السياسية تناول ذلك الطرح باهتمام بالغ، مع وضع استراتيجية ‏لإعادة الفلاح إلى الأرض الزراعية حتى يتم معالجة ما تم من خطأ تاريخي قاتل ‏من قرارات نظام مبارك، وما اقترحه على الدولة المصرية بخصوص الأراضي ‏المستصلحة التي تم ضمها إلي الرقعة الزراعية، هو تقسيمها إلي قطع من ‏الأفدنة، كل قطعة تكون متكاملة البنية الاستثمارية للفلاح، من منزل، وحظيرة ‏مواشي، ومزرعة طيور، مع توفير الآلات الزراعية اللازمة وتسليم تلك القطع ‏للفلاحين المصريين، وتوفير كل الاحتياجات اللازمة لهم، مع تقسيط قيمة الأراضي ‏وجميع التكاليف علي عدد من السنوات.‏

 

ذلك المقترح هو الأنسب لمصر بعيدًا عن المستثمرين الكبار الذين يشترون الأرض ‏بأبخس الأثمان، ومن ثم يقومون بتصدير المنتجات إلى الخارج، وإن تم بيع ‏بعضها في الداخل فيكون طبقًا لسعر الخارج وهذا ما ظهر في أسعار بعض ‏المنتجات الزراعية في السوق الداخلي في الأشهر القليلة الماضية، وما تدفعه ‏الدولة من تكاليف لهؤلاء المستثمرين لشراء بعض المحاصيل الاستراتيجية يجعل ‏استفادة الدولة من استصلاح الأراضي ضعيفًا للغاية ولا يتماشى مع تكاليف ‏إصلاحها وتجهيزها.‏