تحتفل مصر خلال هذا الشهر باليوبيل الذهبى لانتصارات أكتوبر المجيدة، تحتفل بمرور 50 عامًا على العزة والكرامة، استطاعت مصر أن تكسر أسطورة الجيش الذى لا يقهر كما تم الترويج له، ولتحقيق النصر كان لا بُد من تضافر جهود الشعب المصرى كله لكى يتم عزف سيمفونية النصر، فكلٌ كان يحارب بطريقته وفى مكانه، الجندى فى جبهته، المرأة فى مستشفيات الهلال الأحمر، الفنانيون فى الاستديوهات.
وهنا أحب أن أتوقف عند دور الفن والفنانين فى تحقيق نصر أكتوبر، والواقع أن الفنانين كان لهم دور كبير فى إشعال الحماسة لدى جنودنا البواسل الشجعان وفى دعم القوات المسلحة، سواء بالتبرع بأجورهم من أجل المساهمة فى تسليح الجيش بعد نكسة 76، أو بالتطوع والعمل ممرضات فى مستشفيات وعلى الجبهة خلال الحرب. لقد تضافرت جهود الفنانيين والنجوم لرفع شعار «الفن من أجل المجهود الحربى».
كانت لكوكب الشرق «أم كلثوم» دور كبير فى دعم الجيش بعد نكسة وحرب 67 فكانت من أوائل الفنانين الذين قرروا رفع شعار «الفن من أجل المجهود الحربي»، وأحيت العديد من الحفلات فى مصر والدول العربية والأوروبية، وتبرعت بكامل أجرها فى تلك الحفلات لصالح المجهود الحربى وتسليح الجيش، هذا بخلاف الدور المعنوى الذى قامت به فى دعم جنودنا بالأغانى الوطنية مثل «الله معك، ومصر تتحدث عن نفسها»، والفنانة تحية كاريوكا، معروف عنها وطنيتها الشديدة، ودعمها الدائم للجيش المصري، حيث قادت حملات كثيرة للتبرع من أجل تسليح الجيش، وتبرعت بجزء من مجوهراتها لدعم المجهود الحربي، قبل حرب أكتوبر 1973.
كما تبرعت الفنانة الكبيرة شادية، بأجرها فى بعض الحفلات والأفلام لصالح المجهود الحربى والدعم المادى للجيش المصرى استعدادًا لحرب أكتوبر 1973، وكذلك دعم المصابين خلال الحرب.
والفنان الكبير عبد الحليم حافظ الذي تبرع، بأجر جميع حفلاته للجيش المصرى عقب نكسة 1967، ومنها حفله الشهير فى لندن، كما تبرع بإيرادات فيلمه أبى فوق الشجرة، الذى حقق أرقامًا كبيرة فى شباك التذاكر وقتها، وأيضا كان له دور فى الدعم المعنوى للجنود، حيث قدم مجموعة من الأغانى الوطنية، مثل: «بالأحضان، حكاية شعب، يا أهلًا بالمعارك، عدى النهار، خلي السلاح صاحي، الوطن الأكبر»، ولا ننسى أيضًا أغنية الفنانة شريفة فاضل «أم البطل» التى غنتها بعد استشهاد إبنها وأرادت أن تصبر قلب كل أم فقدت إبنها شهيدًا فى نصر أكتوبر.
وأيضًا رأينا الأعمال السنيمائية والدرامية تجسد وتخلد الواقع، فقد قدمت السنيما المصرية العديد من الأعمال الفنية الوطنية التى جسدت حرب أكتوبر. جسدت الدراما المصرية جميع المواقف فى الحرب من دور المخابرات، مثل فيلم الصعود إلى الهاوية، التى تدور أحداثه فى إطار مخابراتى أثناء حرب أكتوبر، حول جاسوسة مصرية يتم تجنيدها من قبل المخابرات الإسرائيلية أثناء حرب الاستنزاف لتتجسس على مصر، ويتم كشفها فى باريس، وتم خداعها بحيث تسافر إلى بلد عربي، ومن هناك استلمتها المخابرات العامة المصرية، حيث أحيلت إلى المحاكمة وتم إعدامها، والفيلم تم إنتاجه عام 1978.
وأيضًا، اهتمت الدراما المصرية بالحياة الطبيعية للرجال والنساء، مثل فى فيلم فيلم الرصاصة لا تزال فى جيبى، بطولة الفنان الكبير محمود ياسين، وتدور أحداث الفيلم حول شاب مصرى يعمل فى الجيش يستقبله أهل قريته بنفور بعد نكسة 67، وبعدها يشارك فى حرب الاستنزاف، ويقرر أن يتزوج الفتاة التى يحبها إلا أن حرب أكتوبر تقوم ويعبرون القناة، والفيلم تم إنتاجه عام 1974.
وأيضًا فيلم بدور، بطولة الفنانة نجلاء فتحى، وتدور أحداث الفيلم الذى تم إنتاجه عام 1974، حول «صابر» الذى يلتقى بفتاة حرامية، ولكنها تقرر التوبة، ويدعى لأهل حارته بأنها إبنة عمه، حتى يعرف أهل الحارة حقيقتها فى الوقت الذى يذهب خلاله «صابر» للحرب «حرب أكتوبر»، ويشتعل الصراع مع العدو الإسرائيلي، وبعد ذلك يحدث النصر، ويعود «صابر» للحارة مصابًا ويحتفل مع أهل حارته بزواجه من «بدور».
وفى الواقع لا يقتصر الفن فقط على انتصارات أكتوير المجيدة بل مازال الفن المصرى يقدم عددًا من الروائع الفنية الوطنية التى تشرح لشبابنا جزءً من تاريخنا العظيم وتلهب مشاعر الوطنية العظيمة، مثل العمل الدرامى المتمثل فى مسلسلات هجمة مرتدة، الزيبق، الاختيار 1، الاختيار 2، الاختيار 3، التى تدور أحداثه حول ما شهدته مصر خلال السنوات التى أعقبت ثورة 25 يناير، والأسباب التى أدت إلى وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة، والأزمات التى لحقت بمصر فى تلك الفترة التى سببت فى حالة غضب شعبى على الجماعة والرئيس السابق محمد مرسي، والتى انتهت باندلاع ثورة 30 يونيو.
وهكذا لعب الفن المصرى دورًا كبيرًا فى إشعال الروح الوطنية والمساندة المعنوية لشعبنا العظيم الذى يجب أن يستمر لشرح وتقديم جزء من تاريخنا المتميز لشبابنا وللعالم كله بأن مصر صامدة أبية أمام كل معتدٍ رافعة هاماتها لآخر الدهر.. حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.
*نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا