الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أحاديث الإخلال بمعادلات أمن المنطقة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع كل أزمة عسكرية أو سياسية تمر بها القضية الفلسطينية تظهر إلى السطح تأثيرات الوضع المعقد لدول المنطقة.. على هامش الكارثة الإنسانية التى يتعرض لها سكان قطاع غزة بعد محاصرتهم ومنع إمدادات الغذاء والماء والوقود والكهرباء؛ أنكرت بعض الأطراف حق الفلسطينيين المحاصرين فى المقاومة، رغم أنه من المعلوم بالضرورة أن جميع الصهاينة جنود فى جيش الاحتلال، وأن جميع قطعان المستوطنين مسلحون وهاهم خرجوا فى الضفة الغربية يقطعون الطرق ويحرقون السيارات ويطلقون الرصاص على المدنيين العزل من سكان مدن وقرى الضفة.

من حيث المبدأ الإنسانى والأخلاقى لا يمكنك إنكار حق مقاومة المحتل على أى طرف حتى لو كان اختلافك الأيديولوجى معه جذريًا؛ وحين يرفع سيفه فى وجه عدوه المغتصب لأرضه المستحل لدمائه ليس بوسعك إلا احترامه وتقديره ودعمه إن استطعت إلى ذلك سبيلًا.

الآن يظهر للجميع أن كل خطط التنمية الاقتصادية وما تسمى باتفاقات السلام لا تساوى ثمن الحبر الذى كتبت به؛ طالما لم يسع الكيان الصهيونى ليكون دولة محترمة يمكن قبولها إقليميًا ضمن دول المنطقة.

حتى بدون اتفاق يهدف لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونى لا يمكنك وضع استراتيجيات وخطط للتنمية الاقتصادية تكتسب صفة الاستدامة؛ فها هى الحرب الدائرة فى غزة، فبوارج البحرية الأمريكية تضع المنطقة بأسرها على حافة حرب إقليمية؛ بل إن بعض تلك الخطط باتت تواجه عراقيل بمجرد اشتعال فتيل الصراع المسلح.

وربما بات على الحكومات فى منطقة الشرق الأوسط ربط استدامة استراتيجياتها بحل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى؛ حيث لا يتعين عليك أن تنتظر ممن احتلت أرضه واغتصب حقه فى الحياة أن يضع ضمن حساباته خططك واستراتيجياتك وأمنك واستقرارك عندما يشرع فى مهاجمة العدو.

لم يعد حديث اليوم مقصورًا على الصراع الفلسطينى الإسرائيلى فهاهو يمتد إلى احتمالات افتعال أزمة على حدود مصر الشرقية؛ فقد بات واضحًا للجميع حقيقة المسعى الصهيونى إلى تهجير سكان قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء.

قالها الصهاينة بوضوح: إذهبوا الى مصر إن أردتم الأمان والحفاظ على حياتكم وحياة أبنائكم، فلما كشرت مصر عن أنيابها، أعلنوا فى وقاحة غير مسبوقة حصار قطاع غزة ومنعه من سبل الحياة كافة، وأخذوا يكثفون بحجم هجماتهم على كل مناطق ومحافظات غزة، واستهدفت طائراتهم الحربية معبر رفح بالقذائف والصواريخ حتى يتم تدمير الطرق التى قد تستخدمها الشاحنات المصرية لنقل المساعدات والإمدادات الطبية والغذائية إلى سكان القطاع.

مفهوم أن الخطوة اللاحقة الضغط بشدة على المدنيين عبر القصف العشوائى ثم الاجتياح بنحو 350 ألف عنصر صهيونى ما سيدفع عشرات وربما مئات الآلاف للنزوح نحو معبر رفح ما سيشكل ضغطًا سياسيًا وأخلاقيًا على الدولة المصرية.

هذه البوارج والطائرات الحربية الأمريكية لم تأت فقط لمنع تدخل أطراف إقليمية وإنما للمساعدة فى تنفيذ هذا المخطط الذى مهد له الرئيس الأمريكى جو بايدن فى حديثه مع رئيس الوزراء الصهيونى نتنياهو حول إنشاء ممر آمن فى معبر رفح.

المؤكد أن فى جعبة الدولة المصرية ما تفعله لإفشال المخطط الأمريكى الصهيونى المعروف بالمصطلح سيىء السمعة (صفقة القرن)؛ لكن ماذا لو نجح ولن ينجح؟! من يدفع كلفة استضافة مئات الآلاف من اللاجئين؟! من يضمن أى نوع من الاستقرار الأمنى والسياسى لكل دول المنطقة المحيطة؟!.

هبت أوروبا من وراء زعيمتها أمريكا لدعم الكيان الصهيونى ومنحته رخصة دولية لارتكاب أكبر مجزرة فى تاريخ هذا الصراع؛ فليس أقل من أن تهب دول المنطقة لحماية الشعب الفلسطينى للدفاع عن مصالحها وحماية أمنها القومى بالدرجة الأولى.

تلك التى لا تربطها حدود جغرافية مع الكيان المحتل وأبرمت معه اتفاق سلام أمامها فرصة لاستخدام هذه الورقة لوقف القصف العشوائى ومنع مخطط الاجتياح البرى لقطاع غزة.

وأظن أن لدى دول المنطقة أوراقا اقتصادية وسياسية -أقلها ورقة البترول والغاز- للضغط على أوروبا وأمريكا ليكونوا أكثر تحفظًا فى دعمهم للعدو الصهيونى.

غير أن هذا الدور المفترض لابد أن يمتد إلى الداخل الفلسطينى بحيث تلعب الدول العربية دورًا حاسمًا فى لملمة شتات القوى والفصائل الفلسطينية لإبرام مصالحة شاملة وعادلة بين حركتى فتح وحماس ليصبح الجميع تحت مظلة سلطة سياسية موحدة؛ فعلى الأقل لتحتذى تلك الفصائل المتفرقة حذو عدوها الصهيونى الذى إئتلفت أطرافه المتصارعة فى حكومة وطنية على وقع ضربات المقاومة المهينة لجيش العدو فى مستوطناته الاستعمارية.

هذا وقت الدروس وظنى أن جميع حكومات المنطقة مطالبة بمراجعة سياساتها وبرامجها الاقتصادية الداخلية وتعمل على تقوية بعضها البعض، فهاهو العدو الصهيونى وحلفاؤه فى الغرب يراهنون على ضعف وتضعضع البنية السياسية والاقتصادية لبعض الأطراف فى تنفيذ مخططاتهم الشيطانية.