لحظة تلو الأخرى ترتفع فيها حصيلة الشهداء الفلسطينيين جراء الجريمة الدولية متكتملة الأركان التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي كشفت عنها بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، مساء أمس الجمعة، حيث أكدت ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية، 2269 شهيدا، وارتفاع عدد الجرحى إلى أكثر من 9814 جريحا، وذلك منذ بداية العدوان يوم السبت الماضي.
واستحوذ قطاع غزة على النسبة الأكبر من الشهداء والمصابين، وأوضحت "الصحة الفلسطينية"، أن حصيلة الشهداء في قطاع غزة ارتفعت إلى 2215 شهيدا، و8714 مصابا، وفي الضفة الغربية 54 شهيدا، وأكثر من 1100 مصاب.
منظمات دولية تندد بجرائم الاحتلال
وأدانت منظمات دولية الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، حيث حذر المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية طارق ياساريفيتش، من أن النظام الصحي في قطاع غزة "بلغ نقطة الانهيار".
وبحسب المنظمة، فإن ستة من المستشفيات السبعة الكبرى في القطاع لم تعد تعمل سوى جزئيا، موضحة أن "مستشفى بيت حانون شمال غزة لم يعد يعمل بسبب الضربات الجوية المتتالية على مقربة منه والتي ألحقت أضرارا بالمستشفى والطرقات المجاورة.
وأضاف المتحدث أن المستشفيين الرئيسيين في شمال القطاع، المستشفى الإندونيسي ومستشفى الشفاء، تخطيا طاقتهما الاستيعابية البالغة بالإجمال 760 سريرا.، وأشار إلى أن 99% من أسرة مستشفى الشفاء باتت مشغولة في حين أن مستشفيات جنوب غزة بلغت أقصى طاقتها، لافتا إلى أن المستشفيات لا تحصل على الكهرباء سوى لبضع ساعات في اليوم لادخار الوقود الذي بات على وشك النفاد.
الصحة العالمية تحذر: إجلاء المرضى من مستشفيات غزة "مستحيل"
وقالت منظمة الصحة العالمية، إن السلطات الصحية في غزة أبلغتها أنه من المستحيل إجلاء المرضى الذين يعانون من حالات حرجة من المستشفيات في شمال غزة، وذلك بعد أن دعا جيش الاحتلال الإسرائيلي المدنيين إلى التحرك جنوبًا خلال 24 ساعة.
وأكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، إن هناك أشخاص مصابون بأمراض خطيرة، وتعني إصاباتهم أن فرصتهم الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هي البقاء على أجهزة دعم الحياة، مثل أجهزة التنفس الاصطناعي.
ونوه المتحدث بأن نقل هؤلاء الأشخاص هو بمثابة حكم بالإعدام، ومطالبة العاملين في مجال الصحة بالقيام بذلك أمر يتجاوز القسوة.
وطالب إسرائيل بإلغاء أوامرها بإجلاء 1.1 مليون شخص يعيشون شمال غزة خلال الـ24 ساعة القادمة ووضع حد للأعمال القتالية والعنف في قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم منظمة الصحة –في مؤتمر صحفي بجنيف- إن المدنيين في غزة لم يعد لديهم مكان آمن للذهاب إليه وذلك مع استمرار الغارات الجوية، مشيرا إلى أن وزارة الصحة الفلسطينية أبلغت المنظمة أنه من المستحيل إجلاء المرضى الضعفاء في المستشفيات من شمال غزة.
وأشار إلى أن المستشفيات لا تتوفر لها سوى بضع ساعات من الكهرباء كل يوم حيث تضطر إلى تقنين استهلاك احتياطيات الوقود والاعتماد على المولدات للحفاظ على الوظائف الأكثر أهمية.
كما حذر من وجود نقص في كمية الدم في بنوك الدم بمستشفيات قطاع غزة، لافتا إلى إلى نقص في أدوية الأمراض المعدية وغير المعدية لعلاج المرضى.
"مفوضية حقوق الإنسان" تدعو لاحترام القوانين الدولية
فيما دعا مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان كل الدول، خاصة تلك التي تتمتع بنفوذ، الإصرار على الاحترام الكامل للقوانين الدولية خلال الصراع بين إسرائيل وحركات المقاومة الفلسطينية.
وقالت متحدثة باسم الوكالة الدولية رافينا شامداساني -حسبما ذكرت قناة "فرانس 24" في بثها باللغة الإنجليزية - "ندعو إلى إطلاق نداء قاطع صريح من كل دولة عضوة في المجتمع الدولي، خاصة تلك الدول التي تتمتع بنفوذ، للإصرار على الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي".
الأمم المتحدة: إجلاء شمال غزة "حكم إعدام" لملايين الفلسطينيين
على صعيد متصل، أعرب العاملون في المجال الإنساني التابعون للأمم المتحدة، عن قلقهم البالغ إزاء وضع جميع المدنيين في قطاع غزة، بعد أن أمر جيش الإحتلال الإسرائيلي جميع السكان هناك بمغادرة شمال وادي غزة إلى جنوب القطاع، في خضم غارات جوية مستمرة وأزمة إنسانية متفاقمة.
يأتي هذا التطور في أعقاب ما قاله المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك - إن ممثلي الأمم المتحدة في غزة "أبلغوا بواسطة ضباط الاتصال في جيش الإحتلال الإسرائيلي" أن كل الذين يعيشون شمال وادي غزة يجب عليهم الانتقال إلى جنوب غزة خلال 24 ساعة، وهذا "حكم إعدام" بالنسبة للكثيرين
وقال دوجاريك إنه من المتوقع أن يغادر حوالي 1.1 مليون شخص شمال غزة، مضيفا أن الأمر نفسه ينطبق على جميع موظفي الأمم المتحدة وأولئك الذين يقيمون في مرافق الأمم المتحدة- بما في ذلك المدارس والمراكز الصحية والعيادات.
وأضاف دوجاريك أن الأمم المتحدة تعتبر أنه "من المستحيل" أن يتم مثل هذا الانتقال دون عواقب إنسانية كارثية وتدعو إلى إلغاء الأمر.
"يونيسف": الضحايا في ارتفاع كل ساعة
نددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، بسقوط المئات من الأطفال بين قتلى وجرحى في قطاع غزة، محذرة من ارتفاع أعداد الضحايا كل ساعة.
وقال متحدث باسم "يونيسف"، جيمس إلدر في بيان أوردته شبكة "سي إن إن" الأمريكية،: "يجب وقف قتل الأطفال.. فالصور والأنباء واضحة.. أطفال يعانون من حروق مروعة، وجروح بقذائف الهاون وأطراف مفقودة، والمستشفيات مكتظة تمامًا بمعالجتهم".
ولفت إلدر الى أن الوضع الإنساني وصل إلى أدنى المستويات المميتة، ومع ذلك فإن كل التقارير تشير إلى وجود المزيد من الهجمات، وشدد على أن القانون الدولي والرحمة يجب أن تسود.
وأوضح أن اليونيسف تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، في ظل تحذيرات من تعرض 1.1 مليون شخص - نصفهم من الأطفال تقريبًا - لأضرار، منوهًا إلى أنه لا يوجد مكان آمن ليذهب إليه المدنيون هناك، وأن أكثر من يعانون في كل حرب هم الأطفال وأن هذه حقيقة مأساوية في الوقت الحالي.
العفو الدولية: إسرائيل تقصف غزة بـ "الفوسفور"
قالت منظمة العفو الدولية، إن الوحدات العسكرية الإسرائيلية تقصف غزة بقذائف الفوسفور الأبيض، وكتبت المنظمة، عبر حسابها على منصة "إكس" "تويتر سابقًا": "لقد تحقق مختبر أدلة الأزمات لدينا من أن الوحدات العسكرية الإسرائيلية التي تضرب غزة مجهزة بقذائف مدفعية من الفوسفور الأبيض".
ووفقا لوكالة أنباء فلسطين "وفا"، فإن المنظمة تجري "تحقيقًا فيما يبدو أنه استخدام للفوسفور الأبيض في غزة، بما في ذلك في غارة وقعت بالقرب من فندق على الشاطئ في المدينة".
ولفتت المنظمة إلى أن "الفوسفور الأبيض مادة حارقة تستخدم في الغالب لإنشاء حاجز دخان كثيف أو تحديد الأهداف، وهو يحترق في درجات حرارة عالية جدًا عند تعرضه للهواء ويمكن أن يستمر في الاحتراق داخل اللحم. كما يسبب ألمًا مروعًا وإصابات تغير الحياة ولا يمكن إخماده بالماء".
وأضافت "لذلك لا يجوز أبدًا استخدام الفوسفور الأبيض في المناطق المدنية. وتعتبر غزة إحدى أشد المناطق اكتظاظًا بالسكان في العالم"، وتابعت "بينما نواصل التحقيق عن كثب في هذه الحالات المقلقة للغاية، نحث إسرائيل على احترام القانون الدولي الإنساني في جميع الأوقات".
كانت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قد أكدت في تقارير سابقة أنها تحققت من استخدام إسرائيل قنابل فوسفورية في قطاع غزة وعلى الحدود اللبنانية.
الأمم المتحدة: نتلقى رسائل مفجعة من سكان غزة
في السياق ذاته، صرحت رافينا شامداسانى، المتحدثة باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأن مكتب حقوق الإنسان يتلقى رسائل مفجعة عن عجز السكان في غزة وهم ينتقلون من منزل إلى آخر مذعورين بحثا عن الأمان بعيد المنال.
وأضافت شامداسانى في مؤتمر صحفي في جنيف أن أكثر من 2700 شخص من بينهم مدنيون قتلوا حتى الآن في كل من إسرائيل وغزة، وأن المكتب الأممى يحث وقف استخدام المقذوفات العشوائية بطبيعتها والتي تنتهك القانون الإنساني الدولي وكذلك الهجمات الموجهة ضد المدنيين.
وطالبت المتحدثة الأممية إسرائيل بضمان الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، لافتة إلى أن الغارات الجوية والقصف المدفعي قد أدت بالفعل إلى تدمير أجزاء كبيرة من الأحياء المكتظة ب السكان في غزة.
وحذرت من أن الحصار الكامل الذي أعلنته إسرائيل يؤدى بالفعل إلى كارثة إنسانية في غزة ويعرض سكان القطاع بالكامل للخطر، وأكدت أن مثل هذا العقاب الجماعي للمدنيين محظور بشكل صارم بموجب القانون الدولي.