مما لا شك فيه أن المشاركة في الانتخابات بصفة عامة سواء كانت رئاسية أو نيابية أو محلية تعتبر من أهم وأعظم الحقوق الدستورية للمواطن في دول العالم كافة وليس في مصر فحسب، لما لها من تأثير في صنع حاضر ومستقبل البلاد تحت قيادة قوية وحكيمة تقود البلاد إلى الاستقرار والتقدم والرخاء. وأهمية المشاركة الانتخابية تكمن في شعور الناخب بمدى قيمة وتأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية وسط جو عام من الديمقراطية والحرص على نجاح العملية الديمقراطية واحترام حق الأفراد في اختيار من يمثلهم وليس مجرد الشعور بأن صوته الانتخابي مجرد تحصيل حاصل! وكلما كان لصوت الناخب في أى دولة في العملية الانتخابية تأثير قوي، أكد هذا التأثير على أن الصورة الديمقراطية سليمة وصحيحة لهذا البلد وأنهم على الدرب السليم سائرون !
كما أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر من قبل جميع فئات المجتمع تعد واجبًا وطنيًا وإستحقاقًا دستوريًا اصيلًا بالدرجة الأولي وتأكيدًا على الإلتزام بالنهج الديمقراطي والحرص على إتاحة المجال للمشاركة الشعبية في صنع القرار.
الرئيس عبد الفتاح السيسي دعا المصريين للمشاركة فى المشهد الديمقراطى ليختاروا بضميرهم المتجرد من يصلح لتولي منصب الرئيس. وقال فى ختام اليوم الثالث والأخير لمؤتمر «حكاية وطن» الذى انعقد فى العاصمة الإدارية، وقدم خلاله العديد من الوزراء كشف حساب لما حققته وزاراتهم فى الفترة من ٢٠١٤ وحتى الآن: «يشرفنى جدا أن نسب المشاركة من كل المصريين اللى ليهم حق الانتخاب إنهم ينزلوا حتى لو لم يختارونى، الناس كلها تشجع بعضها وتنزل، واختاروا ما شئتم، اللى بيختار ربنا واللى بيؤمر بيه هيكون وأنا والله راضى». وحازت كلمته لتصفيق حار وطمأنينة كبيرة لأهمية المشاركة في هذه الانتخابات حتي ولو كان التصويت لمرشح آخر غيره !
وكما أن للمشاركة الإنتخابية أهمية كبرى في تعزيز الديمقراطية، والنهوض بالأوطان، فإن وجود نهج ديمقراطي وسعي والتزام بالنهوض بالأوطان في كافة الميادين يعمل أيضا على رفع نسبة المشاركة الانتخابية لإدراك الناخب بأهمية صوته في تغيير مصير الشعب، ووضع الوطن في الإتجاه الصحيح، خاصة أن هناك 65 مليون ناخب لهم حق التصويت والانتخاب.. ولنتذكر معًا نتيجة الانتخابات الرئاسية الماضية عام 2018 والتى فاز فيها الرئيس السيسي بنسبة كبيرة تتعدي الـ97% من أصوات المشاركين في هذه الانتخابات فيما حصل منافس السيسي آنذاك موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد على 656 ألف صوت بنسبة 2.9 بالمئة من الأصوات الصحيحة.
كما أن الانتخاب يعد أحد مظاهر المشاركة السياسية في النظم الديمقراطية إلا أنه كفعل لا يكفي وحده لتحقيق الديمقراطية، والتي يتطلب الوصول إليها تحقيق مصفوفة من الشروط المؤسساتية والقانونية والثقافية والسياسية في الكثير من النظم التي يتمتع أفرادها بحق الانتخاب.
وأعتقد أن المشاركة الإنتخابية ضرورية حتى نشعر بأن هناك دولة حقيقية ديمقراطية جديدة يراها العالم بشكل مختلف وفيها أكبر نسبة مشاركة بين فئات المجتمع وهذا ما دعا إليه الرئيس السيسي في كلمته في ختام مؤتمر «حكاية وطن» حيث قال: "أدعو المصريين دعوة صادقة أن يجعلوا من الانتخابات الرئاسية بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية، تشهد تعددية وتنوعًا واختلافًا دون تجأوز أو تجريح، وكمواطن مصرى ــ قبل أن أكون رئيسًا ــ كانت سعادتى بالغة بهذا التنوع فى المرشحين، الذين بادروا لتولى المسئولية، ولهم جميعًا منى كل التقدير والاحترام، فالاختلاف سنة الله فى خلقه، وحقيقة لا يمكن إنكارها والتنوع هو ثراء حقيقى يدلل على خصوبة أمتنا وقدرتها على البقاء".
والمشاركة الانتخابية الشعبية تعني أن المواطنين يدركون أهمية دورهم والتزامهم تجاه العملية الانتخابية، وواجبهم وحقهم في الوقت نفسه فى التعبير واختيار من يرأسهم أو يتولي زمام القيادة لبلادهم خلال الفترة الرئاسية المقبلة وأنهم يعرفون كيف يختارون المترشح صاحب البرنامج الانتخابي الأجدى له، ويحدد أولوياته وفقا لطموحاته ورؤيته الخاصة، خصوصًا وأن المشاركة الانتخابية تعني شعور الناخب والمترشح بالمسئولية تجاه الأفراد وتجاه المجتمع، وتجاه الوطن كله. ألا يستحق الوطن الغالي مصر أن نقف ونشارك في صنع المستقبل واستكمال الحلم الذي بدأناه منذ سنوات باختيار رئيس يعبر عن طموحات الشعب وآماله في السنوات المقبله وما تحمله من تحديات وآمال مقبله بإذن الله؟. وفي هذا الإطار، نتذكر قوله عز وجل في الآية 26 من سورة اّل عمران: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ صدق الله العظيم.
*أستاذ بكلية الإعلام – جامعة القاهرة