افتتح السيد أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، والسفيرة بيث جونز القائمة بأعمال السفارة الأمريكية بالقاهرة، مساء اليوم، مركز الزوار الذي تم إنشاؤه حديثًا بسبيل الإمام الشافعي بجوار المسجد والقبة الضريحية.
حضر الافتتاح رفيق منصور نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون التعليمية والثقافية، والدكتور مصطفى وزيري رئيس المجلس الأعلى للآثار، والسفير خالد ثروت مستشار وزير السياحة والآثار للعلاقات الدولية والمشرف العام على الإدارة العامة للعلاقات الدولية والاتفاقيات بالوزارة، والدكتور أبو بكر عبد الله القائم بأعمال تسيير أعمال رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، والدكتور هشام عبد العزيز رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، وعدد من قيادات الوزارة والمحافظة والسفارة.
وقام الوزير والسفيرة بجولة تفقد خلالها القبة الضريحية ومركز الزوار، حيث استمعا خلال الجولة إلى شرح تفصيلي من الدكتورة مي الابراشي، مدير مشروع ترميم قبة الإمام الشافعي من مكتب مجاورة للعمران، عن مركز الزوار، والذي يتيح للزائر تجربة فريدة للتعرف على جبانة الإمام الشافعي وتاريخها، وما تم فيها من أعمال ترميم.
وأشارت الإبراشي في حديثها إلى ما أسفرت عنه أعمال الترميم من العثور على بقايا جدران قبة فاطمية لم تُذكر من قبل في المصادر التاريخية، وكذلك أشرطة كتابية خلف العناصر المعمارية، وعناصر زخرفية مستترة خلف طبقات من الطلاء الحديث، مشيرة إلى أن هذه الاكتشافات الجديدة -والتي تم إظهارها وتوثيقها بالقبة الأثرية- إضافة بالغة الأهمية لعمران القبة الضريحية وتطورها.
كما شاهد الوزير والسفيرة فيلما تسجيليًا عن تاريخ جبانة الإمام الشافعي، ومراحل أعمال الترميم والاكتشافات الأثرية بالمنطقة.
وفي كلمته، أشار عيسى إلى حماسه للشراكة بين الوزارة والسفارة الأمريكية بالقاهرة، والتي تسفر عن تعاون مثمر، من بين ثماره مبادرة "الأثر لنا"، التي يتم تنفيذها مع مكتب مجاورة للعمران.
وأشار عيسى إلى افتتاح الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق لمشروع ترميم قبة الإمام الشافعي في عام 2021 الذي تم تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار والقاهرة التاريخية، وبتمويل من صندوق السفير الأمريكي للحفاظ على التراث الثقافي؛ لافتًا إلى أنه منذ فَتح المكان للزيارة لاقى اقبالًا كبيرًا من الزائرين والسائحين، حيث يستقبل ما يقرب من 700 زائر خلال أيام الأسبوع، و1000 زائر في الإجازات والأعياد والمواسم الدينية.
وأوضح أنه انطلاقًا من ذلك جاءت فكرة إنشاء مركز زوار الإمام الشافعي ليكون عنصر جذب متميز لإثراء تجربة الزائرين والسائحين بهذه المنطقة الأثرية الهامة ومن ثم تطوير ورفع كفاءة الخدمات المقدمة بها ونشر الوعي بين أهالي المنطقة المحيطة بالأثر، حيث تم إعادة توظيف وإحياء السبيل والكتاب، بعد أن كان المكان مهملًا.
وأكد الوزير على أن ذلك يأتي في ضوء حرص الوزارة على فتح وإتاحة العديد من المواقع السياحية والأثرية الجديدة للزيارة أمام الزائرين والسائحين ولا سيما في القاهرة الكبرى، حيث يساهم ذلك في تنفيذ خطة الوزارة نحو جعل مدينة القاهرة مقصدًا سياحيًا قائمًا بذاته وخاصة في إطار الترويج لمنتج القاهرة الكبرى الثقافي الجديد الذي يضم القاهرة الخديوية وما بها من مباني تراثية، ومنطقة أهرامات الجيزة، والمتاحف الأثرية الهامة بها، ومنطقة مصر القديمة والقاهرة التاريخية وما تضمه من معالم أثرية.
واستهلت السفيرة بيث جونز، القائم بأعمال السفير الأمريكي بالقاهرة، كلمتها بالإشارة إلى سعادتها برمزية أول ظهور علني لها بصفتها القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة في مصر "والذي جاء بعد وصولي بأيام في موقع مهم ورمزي مثل ضريح الإمام الشافعي"، حسب قولها.
وأشارت جونز إلى أنها المرة الأولى منذ أن تم تشييد ضريح الإمام في عام 1211 م، يتم إنشاء مركز للزوار في هذا الموقع "لقد تصورنا هذا المركز كموقع مجتمعي يضم مساحة للأطفال والكبار، ليأتوا ويتعلموا بشكل مباشر عن تاريخ وتراث رجل عظيم وسط مكان ذو معمار تاريخي مثل هذا الضريح".
وقالت: يحظى الإمام محمد بن إدريس الشافعي بالتبجيل لأعماله التي أرست إحدى أسس الفقه السني. كان الشافعي يؤمن بشدة بقيمة التعليم، وكتب ذات مرة: "من يبحث عن اللؤلؤ يغطس في البحر". أرى هذا القول شهادة قوية على الفضول الدائم والسعي وراء المعرفة.
وأشارت إلى أن مركز الزوار هذا على الشباب، وغرس الاحترام والشغف بالتاريخ، والحفاظ على الثقافة بين الشباب والسياح والمؤمنين على حد سواء "يتماشى إلى حد كبير مع روح وأخلاق الإمام الشافعي ونظرته للعالم"، حسب تعبيرها.
وأوضحت جونز أن صندوق السفير الأمريكي للحفاظ على التراث الثقافي هو مبادرة حكومية أمريكية تهدف إلى الحفاظ على مواقع التراث الثقافي وإحيائها حول العالم "أنا فخورة جدًا بأننا، من خلال هذه الآلية، تمكنا من دعم جهود استمرت لمدة خمس سنوات لترميم الضريح وقبته والحفاظ عليهما. يمثل هذا المشروع أكبر موقع منفرد في مصر يرعاه مشروع صندوق السفير الأمريكي للحفاظ على التراث الثقافي".
ومن خلال صندوق السفير للحفاظ على التراث الثقافي، استثمرت الحكومة الأمريكية في الحفاظ على العديد من المواقع الأثرية في جميع أنحاء مصر، بما في ذلك مجمع تكية إبراهيم الجولشاني، والمجمع الجنائزي للسلطان قايتباي، ومعبد سيتي في أبيدوس، والحمام الروماني في الكرانيس.
وأضافت: يشرفنا أن نتشارك مع الحكومة المصرية لضمان استعادة هذا الجزء الرائع من التاريخ، ونتطلع إلى مواصلة الشراكة مع الشعب المصري والحكومة المصرية، لضمان الحفاظ على التراث الثقافي والديني الغني لمصر، وحمايته لقرون قادمة.
وأوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن مركز زوار الإمام الشافعي يعد مشروعًا نوعيًا جديدًا يتيح لزائري القبة الضريحية للإمام الشافعي التعرف على تاريخ القبة وصفاتها الأثرية والمعمارية، والمجموعة الأثرية للإمام الشافعي بصفة عامة.
ولفت إلى فرصة اكتشاف الهندسة المعمارية الفريدة للضريح، من خلال عرض المكتشفات التي تم العثور عليها أثناء مشروع الترميم، والورش التفاعلية لسرد قصة المكان وسيرة الإمام الشافعي، والقرافة الصغرى وما بها من أضرحة وقباب للصحابة والصالحين.
وقال: سيُعرض بالمركز فيلم وثائقي يسرد قصة القبة الضريحية للإمام الشافعي ومراحل العمل لمشروع ترميمها، والتي تمت تحت إشراف إدارة آثار منطقة الإمام الشافعي والإدارة العامة للقاهرة التاريخية بتمويل من صندوق السفير الأمريكي وتنفيذ مبادرة "الأثر لنا".
وأكد وزيري على أهمية المشروع، واصفًا إياه بالنموذج الذي يجسد الدور الذي تقوم به الوزارة في الحفاظ على الآثار المصرية بكافة أنواعها؛ سواء بالتمويل الذاتي أو بالتعاون مع بعض الجهات الدولية والمحلية، مما يساهم في إضافة منطقة جذب سياحي جديدة للزائرين، وترويجًا هامًا للسياحة الثقافية.
وأشار إلى ما يلعبه المركز من دور هام في نشر الوعي الأثري والسياحي بين الزائرين وساكني المنطقة المحيطة به، من خلال تسليط الضوء على القبة الضريحية "والتي هي أحد أهم الآثار الإسلامية في مصر وواحدة من أشهر القباب الضريحية، ليس فقط لعمارتها وقبتها الخشبية الضخمة، ولكن لأنها ضريح الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي أحد الأئمة الأربعة ومؤسس المذهب الشافعي، والقاضي، والفقيه، والرحالة"، حسب وصفه.
ويعد مركز الزوار عنصرا من عناصر مشروع ترميم القبة الضريحية بقيمة 1.4 مليون دولار تم تمويله من الحكومة الأمريكية، جزئيًا من خلال صندوق السفير للحفاظ على التراث الثقافي، بالتشاور مع وزارة السياحة والآثار، على مدى خمس سنوات.
وقد تم افتتاح مسجد الإمام الشافعي وأقيمت به شعائر صلاة الجمعة عام 2020، كما افتتحت القبة الضريحية للإمام الشافعي عام 2021، وذلك بعد الانتهاء من أعمال ترميمهما وصيانتهما، والتي بدأت منذ عام 2016، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار، وبتمويل من صندوق السفير الأمريكي.
أما عن مسجد الإمام الشافعي فقد شيد في عهد الخديوي توفيق عام 1892 ميلادية وهو يتبع طراز المساجد المغطاة ومشيد من الحجر الجيري وسقفه من الخشب تتوسطه شخشيخة مربعة. ملحق بالجامع قبة ترجع للعصر الأيوبي.
أما القبة الضريحية، فيتفرد مبناه باحتوائه بأمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة وتكوينات بديعة من الخشب الملون بأنماط مميزة، ليصبح المبنى سجلًا بصريًا لطرز الزخارف الإسلامية على مر العصور.
وتقع القبة الضريحية للإمام الشافعي بجوار المسجد، شيدها السلطان الكامل الأيوبي عام 1211 أعلى قبر الإمام الشافعي إكراما وتعظيما له.