"عميلنا العزيز اعتبارا من ٩ اكتوبر ٢٠٢٣ ينحصر استخدام بطاقات الخصم المباشر على ذات عملة الحسابات الخاصة بها. وبالتالي تستخدم البطاقات المربوطة على حسابات بالجنيه المصري محليا فقط ولن تستخدم خارج مصر او بالمقابل بالعملات الأجنبية"، إذا كنت واحد من ملايين المصريين الذين تلقوا هذه الرسالة صباح اليوم الثلاثاء، فإنك تكون قد تم إخطارك ببدء تطبيق قرار البنك المركزي المصري، الذي أصدر تعليمات للبنوك العاملة داخل مصر "بقصر استخدام بطاقات الخصم المباشر" المصدرة لحسابات منشأة بالعملة المحلية على الاستعمال داخل مصر فقط.
وأثار قرار "المركزي" حالة من القلق لدى قطاع كبير من المواطنين المرتبطين بدفع اشتراكات أو أية التزامات بالعملة الأجنبية، وكذلك بعض الشركات العاملة داخل مصر والتي تعتمد على بطاقات بنكية في تسديد التزاماتها بالعملة الأجنبية.
وبحسب مصادر مصرفية متعددة فإن القرار يأتي ضمن مجموعة من التعليمات التي أصدرها البنك المركزي، والخاصة بتنظيم عمل الجهاز المصرفي داخل مصر، بهدف الحفاظ على مقدرات الدولة المصرية، ووقف جميع طرق ومحاولات التلاعب أو سوء استخدام النقد الأجنبي.
وأكدت المصادر المصرفية أن عمليات استخدام بطاقات الخصم المباشر قد يساء استخدامها وتدخل في غسيل الأموال أو تمويل الإرهاب وسحب الأرصدة بالعملة الأجنبية، الأمر الذي يؤثر على احتياطيات النقد الأجنبي داخل مصر في ظل الأزمة التي تعاني منها مصر في الآونة الأخيرة والخاصة بنقص العملة الأجنبية.
وقالت المصادر إن التعليمات الجديدة تأتي لمنع تكرار بعض الأخطاء والممارسات غير السوية التي قامت بها بعض الشركات، عبر تحويل الأموال إلى الخارج في نهاية الفترة من أبريل ومايو الماضيين، والتي تسببت في سحب ما يقرب من 250 مليون دولار من بطاقات الخصم المباشر في اليوم الواحد.
تداعيات القرار
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة "جولد بيليون" فإن هذا القرار صدر من اجل خفض نفقات الدولة بالدولار في ظل استمرار أزمة نقص الدولار والعملات الأجنبية، مشيرا إلى ان هذه الأزمة وراء توسع الدولة في اتخاذ المزيد من القرارات القاسية مثل تطبيق نظام الاعتمادات المستندية للواردات وتخفيض الحد الأقصى لسقف سحب الأفراد من بطاقات الخصم بشكل تدريجي وتطبيق عمولة تدبير عملة وصلت إلى 10% ووقف استخدام بطاقات الخصم المباشر خارج مصر.
البنك المركزي المصري كان قد أعلن نهاية شهر مايو الماضي إيقاف العمل بالكارت مسبق الدفع خارج مصر، للسيطرة على سوء استخدام العملاء لهذه الكروت في الوقت الذي تعاني منه البنوك من شح العملة الصعبة.
وأشار تقرير جولد بيليون إلى أن أحد الأسباب الرئيسية وراء وقف استخدام بطاقات الخصم المباشر خارج مصر هو حالة الذعر في الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية للأسباب التالية:
- إعلان وكالة موديز عن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر إلى درجة غير مرغوب فيها.
- تصريحات رئيسة صندوق النقد الدولي أن مصر تستنزف الاحتياطي لديها لدعم العملة وتأجيل قرار تعويم سعر الصرف.
- التوترات الجيوسياسية بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل وتصاعد أعمال العنف بين الجانبين.
تسبب هذا في ارتفاع السحوبات باستخدام بطاقات الخصم المباشر
ماذا بعد قرار وقف استخدام بطاقات الخصم المباشر "بالدولار"؟
وأكد تقرير جولد بيليون أن هناك العديد من الشركات والأفراد يستخدمون بطاقات الخصم المباشر في شراء خدمات من مزودي خدمة خارج مصر، والآن أصبحت الطريقة المتاحة لديهم هي استخدام كروت الائتمان أو فتح حسابات بالدولار واستخراج بطاقات لهذه الحسابات تمكنهم من شراء الخدمات خارج مصر عن طريق سحب العملات الأجنبية مباشرة من حسابتهم دون تدخل البنك لتدبير العملة.
سيزداد الطلب على الدولار في السوق الموازية نتيجة هذا القرار مع بحث الشركات والأفراد عن الدولار لإيداعه في البنوك لسداد التزاماتهم. وقد ارتفع سعر صرف الدولار في السوق الموازية بالفعل خلال الأيام القليلة الماضية ليرتفع متوسع سعره قرابة جنيه.
خبراء: القرار ضروري لوقف استنزاف النقد الأجنبي
وفي هذا الشأن، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن قرار البنك المركزي المصري بوقف استخدام بطاقات الخصم المباشر للعملاء في الخارج، على أن يتم الاقتصار على استخدامها داخل مصر فقط، وذلك بعد قيام عدد من حاملي البطاقة بإجراء عمليات شراء للكثير من المنتجات كالذهب والهواتف المحمولة وغيرها للاستفادة من انخفاض سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري.
أوضح غراب، في تصريحات تليفزيونية، أن القرار هام وجاء في توقيت مناسب خاصة بعد قيام الكثير من العملاء بالخارج في مختلف البنوك باستخدام بطاقات الخصم المباشر في عمليات الشراء مستغلين فرق العملات الأجنبية مقارنة بالجنيه المصري ما يقلل من من الدولار داخل مصر، خاصة وأننا نعاني من نقص في العملة الصعبة، موضحا أن القرار يوفر العملة الصعبة من الدولار ويقلل من استنزافها في شراء الاحتياجات الغير ضرورية، موضحا أن القرار يحقق التوازن في العملة الصعبة واستمرار التدفق من العملة الصعبة من الدولار.
إجراءات لتوفير عملة صعبة
وأشار غراب، إلى أن الدولة تتخذ كافة الإجراءات التي من شأنها توفير العملة الصعبة، كما تتخذ كافة الإجراءات الهامة التي تقلل من استهلاك العملة الأجنبية والاعتماد على إتمام المعاملات التجارية بين مصر والدول بالعملات المحلية لتقليل الاعتماد على الدولار.
فيما أشادت الدكتورة هدي الملاح، الخبيرة الاقتصادية بالقرار، وقالت إن الهدف منه "وقف استنزاف العملات الأجنبية مع تفاقم نقص العملة في مصر، والتصدي للمؤامرات الخارجية لسحب الاحتياطات المصرية من النقد وكذلك مخططات إفشال السياسات النقدية المصرية بعد النجاحات التى حققتها.
وأكدت "الملاح" في تصريحات تليفزيونية، أن القرار جاء بعد استمرار عمليات سحب كبيرة للدولار الأمريكي بالخارج الأمر الذي يعود بالضرر على الاقتصاد المصري، ومن هنا كان لزاما على البنك المركزي التدخل لحماية الاحتياطات المصرية للحفاظ على اقتصادها من مخططات التدمير الخارجية خصوصا في وقت تعاني فيه مصر من أزمة في النقد الأجنبي.