"العمارنة".. هو الاسم العربي الحديث لموقع مدينة أخطين المصرية القديمة، وهي العاصمة الجديدة التي أنشأها الملك أخناتون، ويُعرف الموقع رسميًا باسم تل العمارنة، الذي يعود لقبيلة بني عمران الذين كانوا يعيشون في المنطقة عند اكتشافها.
ويُعرف “التل” في علم الآثار بأنه عبارة عن منطقة تعود إلى آثار قوم آخرين، نظرًا لأن كل جيل جديد يبني على أنقاض الجيل السابق، إذ ترتفع مبانيهم لإنشاء تل صناعي، وتختلف العمارنة عن غيرها في أنها لم تُدمر من خلال قوة خارجية أو زلزال، إلا أنها دُمرت بدلًا من ذلك بأمر من الفرعون حور محوب، الذي سعى إلى محو اسم أخناتون وإنجازاته من التاريخ.
بقيت أنقاضها في السهل على ضفاف نهر النيل لعدة قرون، وبنيت بعد ذلك تدريجيًا على يد أشخاص آخرين كانوا يعيشون في مكان قريب، وعندما تولى أخناتون السلطة، كان ملكًا قويًا كما عُهد إليه، كجميع الملوك في الأرض، وقد ألغى أخناتون في السنة الخامسة من حكمه الدين المصري القديم، وأغلق المعابد وفرض رؤيته التوحيدية على الناس، وقد أدت تلك الإنجازات بالرغم من الإشادة بها من قبل الموحدين على مدار المائة عام الماضية، إلى شل الاقتصاد المصري الذي كان يعتمد على المعابد بصورة كبيرة، وصرف انتباه الملك عن الشؤون الخارجية، وأدى إلى ركود الجيش وفقدان مصر لمساحة كبيرة من الأراضي المجاورة.
وتقع تل العمارنة في محافظة المنيا في مصر، وبالتحديد على الضفة الشرقية لنهر النيل، على بعد يبلغ حوالي 52 كم من مدينة المنيا، وعلى العكس من العواصم الأخرى في مصر القديمة، كانت تل العمارنة مجرد عاصمة لفترة قصيرة نسبيًا بعد وقت قصير من وفاة فرعون أخناتون ،إذ عاد ابنه الملك توت عنخ آمون إلى عاصمة طيبة التي تعد في الأساس موقع الأقصر المعاصر، وقد كانت تل العمارنة مدينة مصرية قديمة تأسست خلال حكم الأسرة الثامنة عشر، في عهد الفرعون أخناتون.
ومن ناحية أخرى يوجد العديد من المعالم الأثرية التي يتميز بها تل العمارنة، ومن أبرزها ما يأتي:
_ معبد آتون الكبير: كان للمعبد الكبير الخاص بالإله آتون أسلوبًا وهندسة معمارية مميزة، فقد كانت معابد مصر القديمة عمومًا تحتوي على غرف وأماكن مقدسة مسقوفة، بينما كان لمعبد آتون ملجًأ بلا سقف للسماح لأشعة الشمس بالدخول إلى داخل المجمع لإظهار قوة ومجد إله الشمس آتون.
مجمع شمال نفرتيتي: يعد من أحد المباني التي حوفظ عليها منذ القدم، إذ لا يزال من الممكن ملاحظة تصميم الهيكل الموجود بجانب بعض طوابق الفسيفساء الرائعة للقصر.
القبر الملكي: وهو قبر مصمم من أجل الملك أخناتون في وادي جانبي ضيق، وقد كان مخصصًا لدفن العديد من أفراد عائلة أخناتون الملكية، بما في ذلك؛ الملك والأمراء والملكة تاي، ويضم أيضًا ملحقًا غير مكتمل قد يكون مخصصًا للملكة نفرتيتي.
قبر هويا: يقع هذا القبر في الجزء الشمالي من مقابر تل العمارنة الرائعة، والمشرفة على الحرم الملكي ومقر والدة أخناتون، ويحتوي هذا القبر الرائع على بعض أكبر الولائم الملكية شهرة لصاحب القبر الذي يخدم العائلة المالكة، وواحدة من أبرز المشاهد الموجودة داخل قبر هويا هي المقبرة ذات الرقم واحد في تل العمارنة، والتي تعرض طعام الملك أخناتون مع والدته، وتعد تلك المقبرة واحدة من أحدث المجموعات الشمالية، والتي تتبع التخطيط المعتاد لمقابر العمارنة، وتضم قاعة خارجية تحتوي على عمود واحد وقاعة خارجية وتمثال.
قبر ميريري الأول: يعد هذا القبر أحد أجمل مقابر تل العمارنة الشمالية، ويشتهر بألوانه الرائعة التي حافظت على رونقها منذ أكثر من 3500عام في الماضي، وقد كان ميري ري، رئيسًا لكهنة معبد إله الشمس آتين، وقد قدمه له أخناتون كمكافأة عن إنجازاته في المعبد، وتُظهر العديد من النقوش الموجودة على جدران القبر أخناتون وهو ينفذ الطقوس الدينية لعبادة إله الشمس.
قبر ماهو: بالرغم من صغر هذا القبر، فإنه قد يكون أحد المقابر الجنوبية الأكثر إثارة للاهتمام، ويحتوي على العديد من المشاهد غير العادية، إذ يصور المدخل الخاص به المشاهد المعتادة للعائلة المالكة مع ابنة واحدة فقط لهم.
قبر آي: يقع هذا القبر في الجزء الشمالي من أنقاض تل العمارنة، ويوجد به قسم آخر يستضيف المقابر الملكية لهذا الموقع التاريخي، ولا يمكن الوصول إلى هذه المقابر بسهولة كغيرها من المقابر الموجودة في القسم الجنوبي، إلا أنها تستحق المغامرة والزيارة، إذ تعد من أجمل المقابر في تل العمارنة، كما تنتشر العديد من اللوحات الرائعة في جميع أنحاء الجدران الداخلية لقبر آي، وتصور تلك اللوحات بعض المشاهد التي تظهر آي وزوجته وهم يتلقون الشرف العظيم لذوي الياقات الذهبية الاحتفالية من الملك أخناتون وزوجته نفرتيتي.
وفى سياق آخر قد افتتحت مركز زوار «تل العمارنة» بمحافظة المنيا ، في إطار جهود وزارة الآثار لتنشيط السياحة الوافدة إلى البلاد، عقب قيام كثير من الشركات السياحية بحظر السفر للبلاد في أعقاب سقوط الطائرة الروسية في سيناء.