تروج حركة النهضة الإخوانية التونسية إعلاميا دخول قيادتها المسجونين على ذمة قضايا خطيرة، في إضراب عن الطعام، معززة ذلك بإعلان تعاطف خارجي من قبل شخصيات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية التي أعلنت تضامنها مع هذه الدعوات، متجاهلة تماما خطورة القضايا التي يوقفون لأجلها، وتمس الأمن القومي للبلاد، وتتعلق بجرائم إرهابية، واغتيالات سياسية، وفساد مالي وإداري.
ويرى مراقبون أن التحقيقات القضائية مع عناصر وقيادات من الصف الأول لحركة النهضة في اتهامات خطيرة أبرزها قضية "التآمر" سوف تكشف عن الكثير من جرائم الحركة أمام الشعب، ما جعلها تسعى لكسب التعاطف الشعبي بتنظيم إضراب مزعوم عن الطعام، شكك فيه مسئولون تونسيون، وأيضا لتحويل الرأي العام عن الجرائم التي يحاكمون عنها إلى ترسيخ أنهم يواجهون تصفية سياسية.
اتبعت حركة النهضة عدة أساليب من أجل الضغط على الحكومة، وللبحث عن مخرج للأزمة التي وقعوا فيها، حيث أعلنت عن التنسيق لعقد مؤتمر عام للحركة لتنظيم عمل الحركة في وقت الأزمة والبحث عن حلول وبدائل مناسبة، بدأها رئيس الحركة بالإنابة منذر الونيسي، الذي اتبع خطابا يتسم بالتهدئة مع الرئاسة التونسية، وفي نفس الوقت وسط معارضة داخلية على تولية الونيسي لقيادة الحركة في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الحركة، الذي طالب بعقد مؤتمر، تقرر له منتصف شهر أكتوبر الجاري، ثم عادت وأجلت انعقاده لأجل غير مسمى، تتحدى بذلك قرار الأمن التونسي بمنع عقد اجتماعات الحركة وغلق جميع مقراتها الرئيسية، وفي الشهر الماضي أوقفت السلطات الأمنية عبدالكريم الهاروني رئيس مجلس شورى الحركة، وأوقفت منذر الونيسي على خلفية تسجيل صوتي شمل على اتهامات خطيرة لشخصيات بارزة في المشهد التونسي.
بعد تعطل عقد مؤتمر الحركة، اتجهت القيادات الموقوفة لترويج فكرة الإضراب عن الطعام، ورفض التعامل مع قاضي التحقيقات.
دفع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان شخصياته الهاربة في الخارج للترويج لهذا الإضراب المزعوم وإعلان مساندته، حيث أعلن عن ذلك المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الأسبق، وأحد الشخصيات المستخدمة من قبل التنظيم الدولي بالخارج، مع الناشطة اليمنية توكل كرمان، وشخصيات مصرية هاربة إلى الخارج.
هذا الإضراب المزعوم كان محل سخرية واندهاش من الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي أدلى بتصريحات أثناء تجوله في شوارع العاصمة التونسية فجر الخميس الماضي، حيث تفقد شارع الحبيب بورقيبة ثم تنقل إلى ضاحية جبل الجلود مشيا على الأقدام، كي يتفقد محطة القطارات وحالة السكك الحديدية.
وقال الرئيس التونسي: "كانوا يقولون لفلان يا سفاح، والآن في إضراب جوع مع بعض، اتحدوا، وعاملين معاه إضراب جوع فر فرنسا، وهو لا إضراب جوع ولا شيء". وأشار الرئيس التونسي في كلمته إلى الخصومة التي كانت بين زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وبين سياسيين آخرين وصفوه بـ"السفاح" لتورط حركته في العديد من الجرائم الكبيرة.
ويندهش الرئيس من هذه الشخصيات التي اتهمت الغنوشي بالسفاح ثم تعود لتسانده الآن أثناء تقديمه للقضاء في تهم خطيرة تمس الأمن القومي للبلاد، كما أشار الرئيس في كلمته إلى المنصف المرزوقي، المقيم في فرنسا، والذي أعلن عن مساندة الغنوشي بالدخول في إضراب، بينما نفى الرئيس جدية هذا الإضراب، وكأنها خدعة لاكتساب التعاطف الشعبي مع شخصيات أمام القضاء.
بالخارج، يواصل المنصف المرزوقي، أحد أبواق جماعة الإخوان الإرهابية، التحريض على الرئيس قيس سعيد، ومحاولة كسب تأييد الدول الأوروبية لموقف الجماعة ومن ثم الضغط على الرئيس التونسي، ومن خلال منظمة مشبوهة تحمل اسم "المجلس العربي" تعمل لصالح التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، كشف المرزوقي عن توجهه لكسب التأييد الأمريكي مجددا من أجل تنشيط موجة ثانية مما عرف بـ"الربيع العربي".
وقد تمكنت بعض الدول من التغلب على المخططات والمؤامرات التي دُبرت لها، وعادت تستجمع قواها وتلفظ جماعة الإخوان الإرهابية التي مثلت اليد المنفذة للمخططات التدميرية الخارجية، ولذلك يأمل المرزوقي في صعود موجة ثانية من "الربيع العربي" وكأنه يبحث عن "فرصة ثانية" كي يتمسك بها، ويعود بتونس إلى الوراء بعدما خطت خطوة واسعة بعد قرارات ٢٥ يوليو.
بعد وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن للبيت الأبيض، تحمست الجماعة الإرهابية لكسب تأييده من أجل الضغط على البلاد التي يحرضون ضدها مثل مصر وتونس، وأثناء توجه الرئيس الأمريكي لعقد "القمة من أجل الديمقراطية" استغل المرزوقي الفرصة وعقد مؤتمرا سماه "الديمقراطية أولا في العالم العربي"، ٣ديسمبر٢٠٢١، جمع فيه كل الشخصيات المشبوهة والهاربة من بلادها والمنتمية للتنظيم الدولي للجماعة الإرهابية.
وأصبحت الجماعة الآن رافعة شعار الديمقراطية، ومن المدهش أن أحد قيادتها من دولة الأردن وهو المهندس ليث الشبيلات، الذي شارك في مؤتمر الإخوان، وقال ضمن مشاركته أن المشاركين في المؤتمر "ضد الديمقراطية في الأساس".
وأضاف: "إننا أمام أكبر تنظيم لا يستطيع أن يجمع بين أطرافه في مكان واحد، لأنهم لا يسمعون لبعض، ولا يمارسون الديمقراطية فيما بينهم، وأنهم يمارسون الفساد والطغيان، كما أنهم لا يحبون بعضهم البعض". حيث فضح الجماعة الإرهابية في بث مباشر للمؤتمر الذي عقدوه من أجل توحيد الرؤى لرفعها إلى الرئيس الأمريكي قبل عقد قمته عن الديمقراطية.
يعود المرزوقي مجددا، ليعلن أنه بصدد تنسيق لمؤتمر عن وضع الديمقراطية في العالم العربي، في ٨،٧ من أكتوبر الجاري، بهدف تشبيك الجهود وتجميعها لكسب الدعم الأمريكي، حيث شارك المرزوقي في مهرجان ثقافي تقيمه جمعية هندية تدعو للسلام، بهدف الترويج لدعوات الجماعة.
كما شارك في محاضرة جامعية، وأيضا نظم مؤتمرا صحفيا، ويستعد لمؤتمر لشخصيات إخوانية هاربة من بلادها، يخدعون القوى السياسية بحجة أنهم يعملون من أجل تنسيق الرؤى والجهود لإقرار الديمقراطية، بينما هم يحرضون على الأنظمة السياسية التي لفظتهم وكشفت جرائمهم.
في داخل تونس، قرر قاضي التّحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب استنطاق المحامي العيّاشي الهمّامي في إطار ما يعرف بقضيّة "التآمر" ، وذلك يوم الثلاثاء ١٠ أكتوبر الجاري، وذلك وفق بيان صادر عن هيئة الدفاع عن المتهمين. وعلى الجانب الآخر تستعد الجبهة المناوئة للرئيس التونسي المتمثلة في حركة النهضة الإخوانية وأنصارها لتنظيم يوم الغضب التي أعلنت عنه منظمة تحمل اسم "تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين" استعدادا لإضراب الجوع التضامني والمساند للمسجونين، وادعاء أنهم سجناء بناء على اختلافاتهم السياسية.
وبالعودة إلى مواقف الرئيس التونسي، فإنه خاطب الإعلام ودعاه لدعوة الشعب للمشاركة في "الاستشارة الإليكترونية" التي أطلقها في إطار البحث عن طريقة مثالية لتطوير التعليم الأساسي، وإقرار هيئات عليا للعمل على هذا التطوير، مشددا على ضرورة أن يلعب الإعلام الوطني دوره في حث المواطنين على المشاركة في الاستشارة الوطنية حول إصلاح التربية والتعليم.
وفي نفس الوقت كشف الرئيس عن استيائه من إذاعات محلية ووسائل إعلام تعمل على شيطنة الشارع التونسي، كما أنه يعتمد طريقة تستند إلى المصارحة والشفافية مع الشارع، حيث يناقش عديد المسائل والقضايا بوضوح في جولاته التفقدية وسط شوارع العاصمة التونسية وضواحيها. مشددا أيضا على ضرورة انسجام العمل الحكومي وعلى أن يلتزم كل من يتولى المسئولية السياسة التي يضبطها رئيس الدولة كما نصّ على ذلك دستور ٢٥ جويلية/ يوليو.
سياسة
فضائح النهضة التونسية.. القيادات البارزة أمام القضاء بتهمة "التآمر".. والحركة تضغط على الحكومة بإضراب مزعوم
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق