ستظل ذكرى تحرير سيناء علامة بارزة في ذاكرة ووجدان الشعب المصري، مفخرة أساطير وطنية، كتبت بطولاتها بحروف من نور، على جبين التاريخ، وفي إطار الاحتفال باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر المجيدة، "البوابة نيوز" التقت بعض من كان لهم شرف المشاركة في تحقيق نصر أكتوبر لتسترجع معهم ذكرياتهم عن هذا النصر فماذا قالوا ؟
- يقول الشيخ إبراهيم سالم جبلي ( عمدة قبيلة المزينة ورئيس ائتلاف مشايخ جنوب سيناء ):
لم يقتصر دور بدو جنوب سيناء في مساعدة الجيش المصري في حرب أكتوبر 73 فقط ولكن قاموا بتضحيات وبطولات منذ نكسة 67 فالبدو والمشايخ هم الذين قاموا بتوصيل الجيش المصري إلى الضفة الغربية لقناة السويس وفي حرب الاستنزاف كنا همزة الوصل مع الأجهزة المصرية لتوصيل المؤن والمواد الغذائية من الغرب للشرق والمعدات الحربية من الشرق للغرب فوق الجمال فالمشايخ والرجال والشباب حتى السيدات كلهم وهبوا أرواحهم فداء لتراب مصرنا الحبيبة .
ويستطرد الشيخ إبراهيم الحديث عن شقيقه الشهيد حميد قائلا: أنه كان دليلا بدويا لقوات الكوماندوز المصرية مع المرحوم سعد جبلي خميس وأنهما زرعا الألغام لتدمير مركبات العدو في طريق شرم الشيخ كما دمر أهدافا كان العدو يسيطر عليها في مطار طور سيناء ، مضيفا أن شقيقه المرحوم الشيخ محمد سالم جبلي كان قائدا لمجموعة مدنية وتم أسره من قبل الاحتلال الإسرائيليالذي حكم عليه بالسجن المؤبد المضاعف لمدة 75 عاما وتم الإفراج عنه بعد 3 سنوات من سجنه ومعه من المزينة سعد خميس وحسين عايدفي حركة تبادل الأسرى بين مصر وإسرائيل وبعد تحقيق النصر في 73 استعانت الدولة بوالدي المرحوم سالم جبلي أبو بريك شيخ مشايخ قبيلة المزينة في عهد الرئيس الراحل مبارك لمعرفة حدود طابا لأنه كان من ضمن مشايخ سيناء الذين لديهم خبرة معرفة العلامات الحدودية والادعاءات الباطلة التي تهمل دور البدو في 73 لا أساس لها من الصحة والتاريخ شاهد عيان والقوات المسلحة هي الجهة الأكثر يقينا بما قام به البدو من تضحيات وشهادة الرئيس جمال عبد الناصر والسادات والرئيس مبارك ومنح أنواط الواجب الوطني من الطبقة الأولى لبدو سيناء لم يأت من فراغ .
وفي تخليد ذكرى اليوبيل الذهبي لنصر أكتوبر المجيد ناشد الشيخ إبراهيم المسؤلين برعاية جمعية مجاهدي سيناء وكل من قدم روحه فداء مصر من بدو سيناء وأسرهم معلقا: "لولا هؤلاء ما كنا اليوم نعيش على هذه الأرض الطاهرة التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء وننعم بهذا الرخاء وهذه التنمية .
ويحث الشيخ إبراهيم الشباب على ضرورة معرفة التاريخ وكفاح جدودهم وآبائهم والتحامهم مع القوات المسلحة وإعادة سيناء الحبيبة ولا بد من تضافر الجهود لدفع عجلة التنمية حتى لا نضيع ما ضحى به أبطالنا وشهداؤنا هباء فتعمير الأرض هو أقل شيء يمكن أن نقدمه لهؤلاء 0
- نجل البطل "سعد جبلي خميس":
والدي رأى الموت مرات ومرات داخل المعتقل الإسرائيلي
وإن كان التاريخ روى عددًا من بطولات أبناء سيناء، فإن هناك علامات أخرى لم تلق حظها من الشهرة ومنهم المجاهد البطل رحمة الله عليه "سعد جبلي خميس" من قبيلة المزينة ، أكبر قبائل جنوب سيناء ، من كان له شرف المشاركة في تحقيق نصر أكتوبر وتحرير سيناء، و"البوابة نيوز" التقت بنجله الأكبر "حميد سعد" بالتربية والتعليم والمقيم بقرية الجبيل التابعة للعاصمة طور سيناء لتسترجع معه ذكريات والده البطل عن تحرير سيناء، فماذا قال ؟
يقول "حميد سعد": والدي البطل المجاهد "سعد جبلي خميس" ( رحمة الله عليه )، ولد في سيناء عام 1925 ونشأ في أسرة بسيطة الحال كادحة تعتمد في رزقها ومعيشتها على الصيد والعمل في البحر بالمراكب الشراعية تزوج والدي وأنجبنا نحن ثلاثة أولاد وبنت وكان يتميز بحبه الشديد لوطنه مصر ومعروف بوطنيته وفدائه .
وأشار حميد إلى أن رحلة والده في الجهاد بدأت بعد نكسة 1967، مع الجيش المصري لتحرير سيناء ، حيث عمل متطوعا مع الجيش المصري عن طريق المخابرات الحربية .
وأضاف: أن الأسرة آن ذاك لم يكن لها اختيار ، فنداء الوطن فوق كل اعتبار ، مهما كانت التضحيات وتقديم كل ما هو غال ونفيس حتى ولو كانت الروح من اجل تحرير الأرض ، فشرع والدي في نقلنا من سيناء إلى الغردقة بالبحر الأحمر وكنا صغارا وقتها، نقلنا بمركب شراعي بسيط حتى يتفرغ للعمل بحرية مع المخابرات الحربية داخل سيناء .
وتابع: عندما احتلت سيناء عمل والدي البطل خلف خطوط العدو هو ومجموعة ضباط من الجيش المصري وكانوا يتنقلون ليلا من منطقة جبلية إلى أخرى لتنفيذ عمليات كتصوير مواقع إسرائيلية وزرع ألغام لاستنزاف العدو وكانوا يعودون كل فترة ومعهم ما تم تصويره إلى البر الغربي بالبحر الأحمر لمركز القيادة ثم يعودون مرة أخرى عن طريق اللنشات التي تقوم بتنزيلهم على شواطئ سيناء ومعهم طعامهم والماء الذي يكفيهم لمدة أسبوع أو أكثر حسب ظروفهم في عملهم .
واستطرد: كان هناك مواقف كثيرة قصها والدي لنا ويحضرني هنا قصة رواها والدي لي حيث قال إن الطعام معهم قد نفذ ثم طلبوا من والدي أن يتصرف ويذهب للساحل في يوم حضور اللنش البحري الذي يأتي ببعض الضباط والمجاهدين ومعهم الطعام والذي كان عبارة عن بعض المعلبات فذهب والدي لانتظار اللنش ماشيا من الجبل إلى الشط ليلا وفى عتمة شديدة مسافة تتعدى الـــ 30 كيلو على قدميه ليحضر لهم الطعام ، فعند وصوله للشط وجد رجلا ينتظر على الشط فقال له من أنت ؟ قال أنا فلان فقال له ماذا تفعل هنا ؟ اخبره انه ينتظر اللنش للعودة للبر الغربي حيث انه كانت هناك مجموعات من الوطنيين والمجاهدين يعملون في سيناء المهم اخذ والدي طعام من اللنش من المعلبات وبعض الأشياء وعاد مرة أخرى إلى حضن الجبل في نفس الليل وهنا فرحوا به الضباط المصريين الذين كانوا معه يختبئون في الجبال لتنفيذ المهمات وحملوه على أكتافهم واخذوا يرفعونه إلى الأعلى ويقذفونه فرحين به وهم يهتفون تحيا مصر تحيا مصر بعد أن ظنوا أنهم كانوا سيموتون جوعا وعطشا في الجبال الوعرة وظلوا يعملون إلى أن تم القبض عليهم في عام 1970 واعتقل في إسرائيل لسنوات رأى فيها الموت مرات ومرات أثناء تعذيبهم بمعرفة العدو الإسرائيلي .
وعن وسائل تعذيب إسرائيل للمجاهد البطل "سعد جبلي خميس"، قال نجله: اخبرنا والدي أنهم خلعوا أظافر أيديهم بالكماشات وخلعوا ضروسهم بدون بنج بخلاف الضرب والسحق بالكهرباء والنوم على أرضيات مبللة بالماء البارد وخلافه وكانت هناك حفلات تعذيب تمارس عليهم واخبرني والدي انه من التعذيب كان يسقط منهم مجاهدين موتى من شدة تعذيبهم إلى أن تم الإفراج عنهم ومبادلتهم وتسليمهم إلى مصر .
وأضاف: معي شهادة رقم (759) لسنة 1975 ما زلت محتفظا بها تفيد بأن والدي تم اعتقاله بمعرفة العدو لقيامه بأعمال وطنية وأفرج عنه .
وتابع: شارك والدي رحمة الله عليه أيضا في معركة جزيرة شدوان بالبحر الأحمر ، وهي كانت معركة ملحمية أضافت سطرا في سجل البطولات الخالدة للجيش المصري، ورجاله البواسل. ومجاهدي سيناء ، وحصل أيضا والدي على شهادة من الرئيس عبد الناصر ونوط امتياز بفضل جهوده في تلك معركة جزيرة شدوان .
واستطرد: الرئيس السادات كرم والدي ومنحه نوط امتياز من الطبقة الأولى لأعماله الوطنية ودوره في حرب أكتوبر المجيدة ، بجانب شهادة تقدير من اللواء خالد فودة ، محافظ جنوب سيناء تقديرا لما أبرزه من وطنية وتضحيات ساهمت في تحرير وعودة سيناء الحبيبة إلى حضن الوطن مصر، وبعد تحرير سيناء وعودتها إلى حض الوطن عاد والدي على طور سيناء ليعمل صيادا كما كان واخذ يعمل في الصيد إلى أن توفاه الله فرحمة الله على مجاهدي سيناء الأبطال الذين لن يعوضهم التاريخ .
- ويقول عياد سالم عطوة ( من قبيلة أولاد سعيد ) :
حضرت الحرب وكنت وقتها أعمل في ورشة ميكانيكية بشرم الشيخ وتم ضرب شرم الشيخ وكان عددنا 31 فردًا وفي أثناء الضرب مكثنا مختبئين تحت الحجارة لمدة 24 ساعة وبعد أن توقف الضرب فررنا إلى سانت كاترين سيرًا على الأقدام وتولى محمود حسين كان صاحبًا لمحطة بنزين حماية الفارين في جبل البنات بكاترين بجوار الشيخ عواد ومكثنا بالجبل ما يقرب من 6 شهور وبعدها انتقلنا إلى جبل المعصا بالقرب من قرية الطرفة وكان معنا صديق رحمة الله عليه اسمه عبد الرحمن كان معه جهاز موتورولا وقمنا بالاتصال بالسويس وتم إرسال لنش فيه سالم عطوة رحمة الله عليه وعطية عطوة موسى وتم توصيل قوات الجيش كان بالجمال ليلًا، مؤكدًا أن كل ما فعلوه لأنهم يحبون أرضهم ولا يقبلون أن يحتلها أحد وأختتم حديثه قائلًا: "يكفيني مقابلة الرئيس وقادة الجيش وتقديرهم لما بذلناه" .
المرحوم الشيخ "هويشل"
ومن أبطال جنوب سيناء أيضًا وبالتحديد من مدينة رأس سدر الشيخ هويشل سلمان من إحدى قبائل جنوب سيناء والذين شاركوا في محاربة العدو وكان دليل القوات المسلحة .
والفدائي البطل هويشل سلمان عليه رحمة الله كان له دور في مقاومه الاحتلال حتى أن العدو عذبوه كي يعترف على من معه ورفض وفقد عقله من كثرة التعذيب بالكهرباء، وهو من أبرز الفدائيين و الأبطال اللذين شاركوا في كثير من البطولات مع الجيش المصري . و غيره الكثير و الكثير من أبناء سيناء المباركة .