اعترف قادة إسرائيل بالهزيمة مبكرًا عندما تم إنزال العلم الإسرائيلى من فوق النقطة القوية الحصينة باعتبارها الأولى والأقوى فى خط بارليف من الناحية الجنوبية فى منطقة بورتوفيق، حيث كان يمثل تهديدًا مباشرًا لمدينة السويس ومناطق الزيتيات التى بها معامل البترول كما أنها النقطة الحصينة التى لها تأثير مباشر على منطقة "الجزيرة الخضراء" وسط خليج السويس والقاعدة البحرية فى الأدبية ومن هنا جاء اهتمام إسرائيل بتلك النقطة الحصينة على موقع لسان بورتوفيق.
ولأهمية الموقع تأكد مبكرًا الجيش المصرى وفى القلب منه الجيش الثالث الميدانى "المجموعة 127 صاعقة بالفرقة 19" باعتباره هدفًا مباشرًا منذ حرب الاستنزاف وكانت له الأولوية فى الاقتحام حيث كان فى لسان بورتوفيق الحصين مجموعة سرية مظلات مدعمة بفصيلة دبابات و24 مدفعًا رشاشات و12 مدفعًا مع تمركز قوات الاحتياطي.
ومنذ أول يوم للهجوم الشامل لحرب أكتوبر كان الهدف واضحًا للكتيبة 43 صاعقة والمجموعة 127 تحت قيادة الجيش الثالث ومعاونة الفرقة 19 حيث بدأت المعارك شرسة استخدم فيها 9 قوارب مطاطية وعدد من البواسل من الجنود والضباط.
وقد أدرك قائد الحصن الإسرائيلى الملازم أول "شلومو اردينست" خطورة الموقف، وبعد أن تمت محاصرة النقطة القوية الحصينة وتوقف الدعم الإسرائيلى بسبب اشتعال الجبهة بالكامل من أول السويس وحتى بورسعيد وإلى العمق فى كل سيناء وأصبح الجنود الإسرائيليون داخل النقطة الحصينة فى بورتوفيق فى سجن إجبارى بعد أن قتل منهم 5 جنود وإصابة 20 جنديًا إسرائيليًا حيث المعارك الطاحنة والهجوم الكثيف على الموقع.
ومع قلة الذخائر للجنود الإسرائيلية وحصارهم طالب شلومو اردينست قائد الموقع الإسرائيلى النجدة والإمداد إلا أنه لم يجد استجابة بسبب أن قيادة المنطقة الجنوبية الإسرائلية ذاتها كانت فى حالة هلع بسبب هجوم المصريين المفاجئ وغير المتوقع.
أثناء ذلك كان "شلومو" الإسرائيلى قائد النقطة الحصينة ببورتوفيق ينادى ويطالب النجدة عبر الأجهزة اللاسلكية الإسرائيلية وفجأة جاء الرد من القيادة الجنوبية ومن قائده الإسرائيلى "شئول جنين" بل ومن "شارون" نفسه الذى كان يقود العمليات للمنطقة الجنوبية ناحية السويس (إذ لم نستطع خلال 24 ساعة إرسال تعزيزات عليكم الاستسلام) كان داخل الحصن 42 جنديًا إسرائيليًا و5 قتلى و20 مصابًا وجريحا بإصابات بالغة.
وقد أجرى قائد الموقع الإسرائيلى شلومو عبر عددة مكالمات التقطتها القوات المصرية (إننى لن أستسلم رغم أنى محاصر والجيش المصرى يطالبنى بالتسليم) وجاء الرد حزينًا من القيادة الإسرائيلية (سلم نفسك وأطلب الصليب الأحمر).
وأمام الحصار المحكم لأبطال الجيش الثالث الميدانى من الصاعقة والمقاتلين أبطال الفرقة 19 وأمام تعفن الجثث الإسرائيلية داخل الموقع والحالة المتردية للمصابين وعدم وجود أى إمداد أو نجدة للموقع بسبب شراسة النيران المصرية، بات موقف القوات الإسرائيلية فى الحصن فى وضع لا تحسد عليه لعدم قدرتها على الهروب أو بسبب عدم تمكنها من تلقى أى إمداد أو نجدة بالمساعد العسكرية.
ولأن نيران المعارك مشتعلة بطول المواقع على أرض سيناء الذى تكبد فيها العدو خسائر فادحة وأمام لجنة الصليب الأحمر الدولية ووجود المخابرات العسكرية المصرية، لم يجد الضابط الإسرائيلى سوى أن يقبل بإنزال العلم الإسرائيلى طوعيًا ويقوم بتأدية التحية العسكرية للمقاتل المقدم زغلول فتحى ليرتفع العلم المصرى على النقطة الأولى فى الترتيب على خط بارليف من ناحية السويس والأقوى من ناحية جنوب القناة وقد تم أسر 42 جنديًا إسرائيليًا وتسليم 5 جثث بالإضافة إلى المصابين ويسجل التاريخ يومًا مشهودًا للعسكرية المصرية ورجالها الأبطال من الجيش الثالث الميداني.
ولعل الملفت للنظر هو اهتمام كل وكالات الأنباء العالمية بنشر صور تسلم الموقع ولعلها الصورة الأشهر باعتبارها الانفراد بين صور الحرب فى أكتوبر حيث دخلت معركة تحرير لسان بورتوفيق بالسويس من الإسرائيليين التاريخ من أوسع أبوابه بسبب أول موقع إسرائيلى فى حرب أكتوبر يستسلم وينزل العلم الإسرائيلى ويرتفع أول علم مصرى وهو ما يعنى علامات النصر الأولى فى حرب أكتوبر.
وتبقى تحية للشهداء والأبطال الذين شاركوا فى هذه المعركة ويبقى أخيرًا أن نتذكر أن الراحل الشاعر عبد الرحمن الأبنودى قد كتب قصيدة عن "بورتوفيق" قبل تحرير النقطة القوية مبشرًا بالنصر.
ومن هنا جاءت بشائر نصر أكتوبر من بورتوفيق التى يطالب السوايسة بضرورة فتح شارعها الرئيسى ليكون مزارا شعبيا ومتنفسًا كما كان قبل معارك الانتصار.. لذا يلح السوايسة ويطالبوا المسئولين بضرورة فتح بورتوفيق كما كان شارعها الرئيسى مكانًا لتريض أبناء السويس الأبطال.
*كاتب صحفى وبرلمانى سابق