أثار الفيلم البولندي “The Green Border” للمرشحة السابقة للأوسكار أجنشكيا هولاند، موجة جدل واسعة عقب عرضه بمهرجان نيويورك السينمائي الدولي في نسخته الـ61 (29 سبتمبر – 15 أكتوبر)، وذلك بعد نحو شهر على عرضه العالمي الأول بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي وحصده جائزة لجنة التحكيم الخاصة. والسبب في تلك الموجة يعود إلى تصوير الفيلم للظروف المروعة التي يواجهها المهاجرون الذين يحاولون العبور من بيلاروسيا إلى بولندا، وانتقاد هولاند تعامل الحكومة البولندية مع أزمة الحدود، الأمر الذي دفع أعضاء الحكومة للشهير بالفيلم في وسائل الإعلام.
تستند أحداث الفيلم إلى وقائع حقيقية على الحدود البولندية البيلاروسية حيث لا يزال اللاجئون، ومعظمهم من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، عالقين في الغابات المستنقعية الغادرة بين البلدين. يتم إغراء المهاجرين من خلال الدعاية البيلاروسية التي وعدتهم بالمرور السهل إلى الاتحاد الأوروبي، ليتم القبض عليهم عندما قامت الحكومة البولندية بإجراءات صارمة.
وقالت المخرجة أجنشكيا هولاند خلال جلسة أسئلة وأجوبة عقب عرض الفيلم بمهرجان نيويورك، حيث انضم إلى المخرجة المصور السينمائي توماس نوميوك والممثلتان بيهي جاناتي- آتاي وجولي مبوندو: "لقد أصبحت أكبر تهديد للأمن القومي البولندي". وتحدثت هولاند، التي رفعت دعوى قضائية ضد وزير العدل البولندي بتهمة التشهير، عن التحديات الإنتاجية التي واجهها الفيلم منذ أواخر عام 2021، حيث استغرقت عامًا ونصف من أجل جمع التمويل اللازم للفيلم، ومن ثم دخوله حيز الإنتاج في مارس 2023 وتم عرضه لأول مرة في غضون أشهر في فينيسيا. مضيفة أن تلك كانت أسرع عملية وصول لأفلامها على الإطلاق.
كما علق نوميوك على عملية الإنتاج السريعة، مشيرًا إلى أنه بسبب الموضوع كان قلقًا من أن جمالية الفيلم بالأبيض والأسود قد تحجب العواقب الوخيمة التي يواجهها المتضررون من أزمة الحدود - ليس فقط اللاجئين - ولكن أيضًا حرس الحدود البولندي؛ والنشطاء الذين يخاطرون بسلامتهم لتقديم المساعدة للمهاجرين؛ والبولنديون العاديون الذين يعيشون بالقرب من الحدود يضطرون إلى دعم حكومتهم بشكل أعمى أو الاعتراف بالانتهاكات التي تحدث في ساحتهم الخلفية.
في حين أشار نوميوك إلى أن لغته البصرية كانت مستوحاة من عدد قليل من المصورين الصحفيين الذين حاولوا توثيق الأزمة - على الرغم من محاولات الرئيس البولندي منع الصحافة من تغطية ما يحدث على الحدود - فقد شددت هولاند نفسها على أن تجربتها تلك كانت محاولتها الخاصة لرفع مستوى الوعي . وقالت عن ردها على التعتيم الإعلامي الذي فرضته الحكومة: "كان عليّ أن أصنع صوري بنفسي".
وفي حديثها أمام الجمهور في نيويورك نقله موقع "هوليوود ريبوتر"، تناولت هولاند أيضًا الأهمية الدولية لفيلم " The Green Border". وقالت هولاند مازحة: "كنا طليعيين"، مشيرة إلى أن بولندا صوتت لصالح حكومة شعبوية ووطنية قبل وقت طويل من انتخاب الولايات المتحدة دونالد ترامب رئيسا. وعندما سُئلت عما يجب أن يعرفه الأميركيون عن بولندا، أجابت هولاند: "إن بلدينا مثل الأخوين، ما يحدث هناك يحدث هنا".
وكانت كبرى مفاجآت قائمة الأوسكار الطويلة، تجاهل بولندا ترشيح فيلم الدراما “The Green Border”، وذلك في أعقاب الأزمة التي أثارها فيلمها مؤخرًا مع الحكومة البولندية. ويأتي القرار، الذي أعلنته اللجنة في وارسو، بتصعيد فيلم الرسوم المتحركة "The Peasants" للقائمة الطويلة للأوسكار، بعد هجوم منسق على فيلم “The Green Border” من قبل حكومة اليمين المتطرف في بولندا، حيث أدان وزير العدل ورئيس البلاد، الفيلم، ووصفوه بـ"الدعاية النازية" لتصويره أزمة اللاجئين على حدود بولندا مع بيلاروسيا.
ودعا الرئيس البولندي أندريه دودا، في ظهور تلفزيوني، إلى مقاطعة الفيلم. وقبل وقت قصير من عرض الفيلم في دور العرض في بولندا يوم الجمعة الماضي، أعلن وزير الداخلية البولندي بلاج بوبوسي أن مقطع فيديو من إنتاج الحكومة يتعارض مع تصوير هولاند للأحداث سيتم عرضه قبل كل عرض للفيلم في السينمات.