الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بوابة العرب

مجلة عبرية تروي قصة الجدل بين مائير وديان لاستخدام «النووي» ضد الجيش المصري

جولدا مائير وموشيه
جولدا مائير وموشيه ديان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

خاض الجيش المصري قبل نصف قرن، الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، لتحرير سيناء ومحو عار الهزيمة في الخامس من يونيو ١٩٦٧، وكان السادس من أكتوبر ١٩٧٣ هو أحد أمجد أيام تاريخنا الحديث الذي نحتفل به سنويا.


وفي هذا السياق، تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن أحداث الحرب التي غيرت مجرى التاريخ ومثلت أول هزيمة في تاريخ إسرائيل خلال حروبها ضد العرب منذ زرعها فوق أرض فلسطين في ١٩٤٨.
ونشرت مجلة Mosaic العبرية، تقريرا حول حرب أكتوبر المجيدة، قالت فيه إنه "في الساعة الثانية بعد ظهر يوم الغفران، ٦ أكتوبر ١٩٧٣، اقتحمت القوات المصرية والسورية حدود إسرائيل في صحراء سيناء ومرتفعات الجولان، وتغلبت سرعة الهجوم وقوته على المدافعين في الخطوط الأمامية لإسرائيل وأربكت قيادتها العسكرية والمدنية، وأصبح من الواضح فجأة أن افتراضات إسرائيل بشأن قوتها، وشخصية أعدائها، كانت خاطئة".


وأضافت المجلة الإسرائيلية أن هذا الهجوم دفع بعض القادة الإسرائيليين إلى حافة الانهيار العقلي، وأبرزهم وزير الدفاع موشيه ديان، وفي إحاطة لرئيسة الوزراء جولدا مائير، اقترح ديان تفجير سلاح نووي لردع مصر وسوريا، وفي الوقت نفسه، التراجع إلى وسط شبه جزيرة سيناء، والتنازل عن السيطرة الكاملة على قناة السويس للمصريين".


ورفضت مائير توصيات ديان، وكانت مشكلة العتاد هي التي تثقل كاهل رئيسة الوزراء إبان حرب أكتوبر، حيث خطط جنرالات إسرائيل لحرب سريعة، مدتها من ثلاثة إلى خمسة أيام، على غرار ما حدث في ١٩٦٧ ولم يتخيلوا قط أي شيء مثل الصراع الذي وجدوا أنفسهم فيه الآن، وهو صراع يستنزف المركبات المدرعة، والطائرات، والذخيرة على نطاق واسع ناهيك عن حياة الرجال".


وتابعت مجلة Mosaic في تقريرها المنشور الأسبوع الماضي أنه بحلول اليوم الثالث من حرب أكتوبر، كان من الواضح أن الحرب قد تستمر لأسابيع، وربما أشهر، وأنها ستتضمن قريبًا أكبر معارك الدبابات منذ الحرب العالمية الثانية، فكيف يمكن لإسرائيل أن تحصل على العتاد اللازم لخوض صراع بهذا الحجم؟.. إن مصير الدولة اليهودية، كما اعترفت مائير ضمنيًا بعد ذلك، يقع في أيدي أمريكا، وتحديدًا في أيدي الرئيس ريتشارد نيكسون. 


وأضافت "في الأيام الأخيرة من الحرب، تحدثت مائير بصراحة إلى مجموعة من محرري الصحف حول مخاوفها في الأيام الأولى للصراع وكشفت: "كانت هناك لحظة صعبة بشكل خاص فيما يتعلق بمسألة المعدات العسكرية، وبسبب اليأس، قررت أنه يتعين علي أن أحاول بطريقة أو بأخرى الوصول إلى أمريكا، متخفيا ودون أي دعاية، مهما كان الأمر الذي يتطلبه الأمر للحصول على اجتماع واحد مع الرئيس نيكسون".


وأشار التقرير إلى مذكرات إرييل شارون، رئيس وزراء إسرائيل الراحل الذي قاد فرقة دبابات في حرب أكتوبر، التي وصف فيها الارتباك الذي شهده بين الجنود الإسرائيليين أثناء انسحابهم في مواجهة القوة النارية المصرية الساحقة بالقول "رأوا شيئا غريبا على وجوههم – ليس الخوف بل الحيرة”، مضيفا "فجأة حدث لهم شيء لم يحدث من قبل، كان هؤلاء جنودا نشأوا على الانتصارات، ربما لم تكن انتصارات سهلة، لكنها مع ذلك انتصارات، والآن كانوا في حالة صدمة، كيف يمكن أن يكون هؤلاء المصريون يعبرون القناة في وجوهنا؟ وكيف كانوا يتقدمون ونحن انهزمنا؟".


وعرج التقرير إلى الحديث عن نهج الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في تخطيطه للانتصار على إسرائيل في أكتوبر ١٩٧٣ بالقول إن "الهزائم المتعاقبة علمت السادات أن مصر تفتقر إلى القوة العسكرية اللازمة لهزيمة إسرائيل في ساحة المعركة، وأن الاتحاد السوفييتي، لا يملك أي تأثير سياسي على إسرائيل، وإذا كان الهدف الرئيسي للسياسة المصرية يتلخص في إرغام الدولة اليهودية على الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب الأيام الستة، فلسوف يكون لزاما على السادات أن يبتكر صيغة جديدة، ولقد أدرك أن هذه الصيغة ستشمل كلا من الحيل العسكرية والسياسية، بما في ذلك تحسين العلاقة مع الولايات المتحدة، القوة العظمى التي كان لها نفوذ في تل أبيب".


وأضاف التقرير: "كما توصل السادات إلى أن انتزاع التنازلات من الإسرائيليين سيتطلب من مصر شن حرب وجهت فيها ضربة قوية في الجولة الأولى، ولأنه على دراية جيدة بحساسية إسرائيل في التعامل مع الضحايا، فقد قدر أنه على الرغم من عدم قدرته على اقتلاع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء فإنه قادر على الأقل على استنزافها، وإن ارتفاع عدد القتلى من شأنه أن يهز القادة الإسرائيليين بشدة لدرجة أنهم سيبدأون في التساؤل عما إذا كان الاحتفاظ بالأراضي يستحق التكلفة".


وأشار إلى أنه "للتخطيط لهجوم يحقق هذه الأهداف، درس السادات إخفاقات مصر في الحروب السابقة، وكانت المشكلة الأصعب على الإطلاق هي القوة الجوية الإسرائيلية، وأوضح قادة الجيش المصري للرئيس السادات أن مصر يمكنها تحييد هذا التفوق في مناطق محدودة باستخدام صواريخ أرض جو أو صواريخ سام.


وأكد التقرير أن "هذه الفكرة مثلت ثورة في الشئون العسكرية، وهي النسخة الأولى لما يسمى اليوم "استراتيجية منع الوصول إلى المنطقة"، وكانت خطة السادات بسيطة للغاية، لقد وضع عددا كبيرا من صواريخ أرض-جو السوفييتية الحديثة على الضفة الغربية لقناة السويس، لدرجة إنشاء مظلة منيعة لا تغطي القناة نفسها فحسب، بل تمتد لأميال داخل الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، وبالتالي، على طول خط المعركة الرئيسي، ستكون هناك منطقة لا يمكن للطائرات الإسرائيلية دخولها وبإمكان القوات البرية المصرية، المحمية بمظلة صواريخ سام، عبور القناة دون أي مضايقة.


وفي الساعة الثانية بعد الظهر انطلقت صفارات الإنذار من الغارات الجوية في جميع أنحاء إسرائيل، هاجمت خمس فرق سورية قوامها ١٤٠٠ دبابة و١٠٠٠ قطعة مدفعية اللواءين الإسرائيليين المتمركزين في الجولان، ولم يكن تحت تصرفهما سوى ١٧٧ دبابة و٥٠ قطعة مدفعية فقط، وفي سيناء، كانت الأرقام غير متوازنة أكثر حيث انطلقت خمس فرق مشاة مصرية قوامها ما يقرب من ١٠٠ ألف جندي و١٣٠٠ دبابة و٢٠٠٠ قطعة مدفعية عبر قناة السويس ضد حوالي ٤٥٠ جندي احتياطي إسرائيلي سيئ التدريب.


وكان الجنود الإسرائيليون في سيناء يحرسون خط بارليف، وهو عبارة عن سلسلة من ستة عشر معقلًا دفاعيًا يقف خلف حاجز رملي ضخم، وهي معاقل كانت متباعدة للغاية بحيث لا يمكن لبعضها البعض تقديم دعم ناري فعال، وبعد عبور القناة، توغلت القوات المصرية عبر الفجوات الواسعة بينهما بكل سهولة.


واعتمدت خطة الحرب الإسرائيلية على القوة الجوية لإبطاء التقدم في الوقت المناسب لزيادة الاحتياطيات لكن لم يجهز الطيارون الإسرائيليون أي شيء لصواريخ أرض جو التي واجهوها، في عام ١٩٦٧، بدا أن الطيارين لا يقهرون وبعد ست سنوات فقط، فقدوا ما بين ١٠ إلى ٣٠٪ من طائراتهم العاملة في أول ٢٤ ساعة من الصراع وكانت القيادة العليا الإسرائيلية في حالة صدمة.


وأثبتت صواريخ سام-٦ المحمولة المصرية، أنها فتاكة بشكل خاص، ولكن العدد الهائل من الصواريخ وكثافة النيران هي التي شكلت التحدي الأكبر، قال أحد الطيارين الإسرائيليين: "امتلأت السماء فجأة بصواريخ أرض-جو وكان الأمر يتطلب كل قدر من التركيز لتجنب التعرض للضرب".


ولم تكن صواريخ سام-٦ هي النظام المتطور الوحيد الذي نشره المصريون بإبداع، حيث عبرت مشاة السادات القتالية القناة بصواريخ ساجر المحمولة المضادة للدبابات في ذلك الوقت، كانت دقة القنبلة الصاروخية النموذجية تصل إلى بضع مئات من الياردات فقط، وعلى النقيض من ذلك، كان نطاق ساجر يبلغ ميلين، يقوم الجندي الذي يطلق صاروخ ساجر، بنشر قاذفة ثم يختبئ في مكان قريب ومن هذا الموقع الآمن، كان يطلق صاروخًا على دبابة تقترب.


وفيما يتعلق بالمعركة الكبرى التي سحقت فيها الدبابات الإسرائيلية يوم الثامن من أكتوبر ١٩٧٣ قال التقرير إن الجيش المصري فطن إلى أن قادة الدبابات الإسرائيلية سيشنون هجوما مضادا في أول فرصة، واتبع الإسرائيليون هذا السيناريو في الثامن من أكتوبر، والذي أصبح اليوم الأكثر شهرة في تاريخ جيش الدفاع الإسرائيلي.


وبينما كانت دبابات باتون الإسرائيلية تتقدم لمواجهة المصريين، اخترقت صواريخ ساجر دروعها بسهولة، فقدت وحدة واحدة ٢٢ دبابة من أصل ٢٥ دبابة في خمس دقائق، وخلال الحرب بأكملها، فقدت إسرائيل ما مجموعه حوالي ١٠٠٠ دبابة - أكثر من ١٠٠ دبابة في اليوم الأول - معظمها بسبب صواريخ ساجر.


وفي التاسع من أكتوبر، توقف الهجوم الإسرائيلي المضاد، وبدا ديان غير مستقر، واهتزت جولدا مائير بشدة، وبعد أقل من ثلاثة أيام من القتال، كانت الحرب تستهلك الطائرات والدبابات والذخائر بمعدل كبير، وعندما لجأت مائير إلى واشنطن طلبًا للمساعدة، وافقت إدارة نيكسون، ولكن لأسباب لا تزال محل جدل، تحركت ببطء؛ مر ما يقرب من أسبوع قبل أن يأمر نيكسون بإعادة الإمداد بكميات كبيرة.