مع الاحتفال بالعيد الـ ٥٠ لانتصار أكتوبر، "البوابة نيوز" تسلط الضوء على الجوانب المضيئة لتلك الحرب من خلال الحديث مع عسكريين وسياسيين لكشف الدور الذي تلعبه الدراما في تسطير ملاحم وتخليد أبطال الحرب.
اللواء سمير فرج مدير الشئون المعنوية الأسبق، شدد على ضرورة وجود عمل تليفزيوني وسينمائي يرقى إلى مستوى العمل العسكري فى حرب أكتوبر، مشيرا إلى أنه ما زال هناك الكثير من الأعمال العسكرية والبطولات التي لم يعرف عنها المواطن شيئا حتى الآن.
وقال فرج خلال حديثه لـ"البوابة نيوز": عندما كنت أتولى إدارة الشئون المعنوية فكرت وبدأت في تنفيذ مشروع سينمائي ضخم بتقديم فيلم سينمائي مدته ٤ ساعات بنفس الشكل لفيلم فرنسا وأمريكا الذى تحدث عن الحرب العالمية، وبدأت في العمل وجلست مع أسامة أنور عكاشة للتحضير للفيلم، وتم وضع لجنة عسكرية تضم أعضاء من كل إدارات القوات المسلحة.
وأضاف، اخترنا أحد مخرجي هوليوود المعروفين، وتعاقدنا معه لمدة ١٠ شهور، وكان الفيلم ينقسم إلى جزئين الأول لمدة ساعتين يشمل حرب الاستنزاف، والثاني أيضا لمدة ساعتين عن حرب أكتوبر، ويشمل رصد معارك عسكرية ضخمة لم تكشف مثل حصار كبريت، ومدى المعاناة التي حدثت لأولادنا الأبطال لأنهم كانوا محاصرين وتحملوا حتى النصر، وأيضا موقف الجنود من أسر عساف يأجورى وماذا حدث، بجانب معركة المنصورة الجوية، ومرحلة العبور وجهود الجنود المصريين التي لم تظهر للنور حتى الآن رغم وجود عدد قليل من الأعمال السينمائية إلا أنه لم يتم الكشف عن بعض الأحداث والبطولات الحقيقية التى حدثت أثناء الحرب وقبلها وبعدها.
وتابع فرج، عملت ١٣ فيلما وثائقيا عن حرب أكتوبر، منها الحلقة الأولى عن النكسة، و٦ أفلام عن حرب الاستنزاف ومثلها عن حرب أكتوبر، وهذه الأفلام موجودة فى الشئون المعنوية وأتوقع عرضها قريبا.
وعن رأيه في فيلم "جولدا" الذي عرض مؤخرا فى السينما العالمية، قال هذا الفيلم تزييف للحقائق والسبب الرئيسي يرجع إلى أن اللجنة الإسرائيلية أدانت رئيسة الوزراء حينها لأنها لم تأمر باستدعاء الاحتياطي قبل الحرب، وهذا يعنى التقصير، بسبب عدم استدعاء الاحتياطي، والموساد لم يعرف جيدا بتاريخ الحرب، ورئيس أركان الجيش لم يدر عن الحرب شيئا وعُزل بعد الحرب بقرار من جولدا.
وحول فيلم "الملاك" وظهور شخصية أشرف مروان، قال فرج، طبيعي جدا، الشعب الإسرائيلي غضبان، وما حدث من مشاهد فى مسلسل رأفت الهجان أثبت قدرة المخابرات المصرية، وعن الفيلم فهو نوع من "التضليل"، لأنه بكل بساطة يريد إظهار بطولات الموساد حتى بعد انتصارنا.
وأكد أن أشرف مروان ليس جاسوسًا والدليل موجود فقد كان على علاقة معهم بعلم الأجهزة، والقيادة المصرية لذلك كان أشرف يقوم بدوره فى الخداع لدرجة أن أشرف مروان طلب مقابلة مدير الموساد يوم ٤ أكتوبر والهدف ضمان عدم وجود مدير الموساد داخل إسرائيل فى السادس من أكتوبر.
وعن الحلم الحقيقي الذى لم يتحقق في السينما عن أكتوبر، قال نتمنى صناعة فيلم عظيم كبير لا تقل مدته عن أربع ساعات يحكى عن النكسة ثم حرب الاستنزاف مرورا بإعداد القوات للحرب واتخاذ القرار والجزء الأخير منه إدارة الحرب وتدمير خط بارليف.
أما اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق ومستشار الأكاديمية العسكرية، فأكد أن مصر استطاعت التغلب على العدو نفسيا، وهذا الأمر تم تناوله دراميا وسينمائيا.
وقال: إن إسرائيل سعت لاستغلال حرب ٦٧ وقدرة الجندى لديها الذى وصفته بأنه "لا يقهر" فى خوض حرب نفسية ضدنا، لكن الرد المصرى لم يتأخر كثيرا فقد سعت البلاد لرفع الروح المعنوية للجندى وإعادة الانضباط، والانخراط فى التدريب وتجهيز مسرح العمليات وتدبير الاشتباكات.
وعدد الغبارى أمثلة كثيرة لرفع الروح المعنوية للقوات المصرية منها ضربة الطيران الإسرائيلى فى منتصف يوليو، والتى أدت إلى تدمير أماكن إدارية، ثم موقعة رأس العش، ومن الضرورى الحديث عن تدمير المدمرة إيلات وكانت أول مرة تستخدم فى القتال وغيره.
وعن الأفلام الإسرائيلية التى تتحدث عن حرب أكتوبر قال: بكل تأكيد إسرائيل مهزومة وتريد الزعم أنها فى حالة تعادل من خلال أفلامها وإعلامها المضلل، فمثلا فيلم "الملاك" الذي يصف أحد المقربين من الرئيس السادات بأنه جاسوس، هذه معلومات غير صحيحة ومغلوطة، لأن أشرف مروان كان عميلًا مزدوجًا.
وحول أفلام أكتوبر المصرية، قال هناك فيلمان أو ثلاثة، الأول رصاصة لا تزال فى جيبي، والثاني، الممر، حتى الآن لم نرى فى عمل سينمائي رؤية الشعب المصري أثناء حرب أكتوبر، والظروف الحياتية التى عاشها الشعب المصري كيف كانت، الفراخ كان يتم توزيعها يوم فى الأسبوع وكان الموظف ممكن يقف في الطابور بالساعات ليحصل على فرخة، بالإضافة الى قرار السادات اللحمة يومان فى الأسبوع، مواقف عديدة وحكايات كثيرة من أول المواطن البسيط حتى الجندى المقاتل فى القوات المسلحة.
وفي حديث الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، " للبوابة نيوز " شدد على أن ملف أشرف مروان الهدف منه إثارة البلبلة، ومحاولة إسرائيلية للتشويش على البطولات العربية.
وقال: إسرائيل كل عام تريد تجديد بعض الخرافات حول موضوع أشرف مروان، وبالنسبة لفيلم جولدا، فهم يعرضون روايتهم.
وأضاف أن أجهزة المخابرات والمعلومات فى إسرائيل تدخلت فى الكثير من الصياغات الخاصة بكتاب أشرف مروان، الذي أشبه ما يكون برواية تجسس، لا يحتوي على معايير مهنية، مؤكدا أن الكاتب خبير علاقات دولية وليس صحفيا، والفيلم الخاص بالكتاب ليس عملا فنيا، ولكنه مجرد دعاية واستعراض للعمليات المفبركة للمخابرات الإسرائيلية.
وتابع أن هناك صراعا داخليا بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وصلت إلى الكنيست وخرجت لوسائل الإعلام، وبدأوا فى استعراض عملياتهم الخاصة من بينها القضية الملفقة لأشرف مروان، والتعامل معه على أنه جاسوس إسرائيلى.
وأوضح أن هناك العديد من الملفات السرية الخاصة بالجواسيس الإسرائيليين فى الشرق الأوسط والعالم، تهدف للتشويش على البطولات العربية التي استطاعت اختراق النظم الإسرائيلية المعقدة.