قال المؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، إن حرب أكتوبر عام 1973 جاءت بادرة الأمل أمام الإرادة المصرية والعربية لتثبت لذاتها قبل أن تثبت للعالم أنها إرادة الشعوب القادرة على عبور المحن والهزائم مهما كانت شدتها، وفي فورة الحماس عمل المسرحيون على تقديم عدد من العروض الحماسية الوطنية، فقدم المسرح القومي عروض «أقوى من الزمن» ليوسف السباعي، وإخراج نبيل الألفي، و«صلاح الدين» لمحمود شعبان، وإخراج كمال حسين، و"حدث في أكتوبر" لإسماعيل العدلي، وإخراج كرم مطاوع، و«حبيبتي شامينا» لرشاد رشدي، وإخراج سمير العصفوري عام 1973، و«سقوط خط برليف» لهارون هاشم رشيد، وإخراج سناء شافع عام 1974، و«النسر الأحمر» لعبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع عام 1975، و«باب الفتوح» لمحمود دياب، وإخراج سعد أردش عام 1976.
وتابع: وقدمت كذلك فرقة «المسرح الحديث» بعض العروض الوطنية من أهمها «مدد مدد شدي حيلك يا بلد» لزكي عمر، وإخراج عبدالغفار عودة عام 1973، و«رأس العش» لسعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش، و«العمر لحظة» ليوسف السباعي، وإخراج أحمد عبدالحليم، و«الحب والحرب» لشوقي خميس، وإخراج عبدالغفار عودة، في العام 1974، كما شاركت فرقة "مسرح الطليعة" بتقدين ثلاثة عروض وهي: «القرار» لسعيد عبدالغني، وإخراج مجدي مجاهد، و«جبل المغماطيس» لنفس المؤلف، وإخراج فهمي الخولي، و«حراس الحياة» لمحمد الشناوي، وإخراج أحمد عبدالحليم عام 1974، وأيضا قام قطاع «الفنون الشعبية والاستعراضية» بتقديم عدة مسرحيات غنائية استعراضية من أهمها: «حبيبتي يا مصر» لسعد الدين وهبة، وإخراج سعد أردش عام 1973، و«الحرب والسلام» ليوسف السباعي، وإخراج محمود رضا، ومحمد صبحي، عام 1974، و«بلدنا» لحسام حازم، وإخراج أحمد زكي عام 1978، و«نوار الخير» لتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وإخراج حسن عبدالسلام عام 1979.
وواصل: برغم كثرة الأعمال السابقة نسبيا إلا أنه يجب ملاحظة أن عددا كبيرا من هذه المسرحيات قد كتبت وقدمت في عجالة بحيث أصبحت أقرب إلى عروض المناسبات والاحتفالات التي يصعب إعادة تقديمها بعد ذلك من خلال عروض الريبرتوار، كما أن هناك عددا آخر من المسرحيات لم تتناول معركة أكتوبر وملحمة العبور بصورة مباشرة وإن نجحت في القاء ظلالها عليها من خلال الربط بين أحداث الماضي والحاضر ومن بينها على سبيل المثال كل من مسرحيات "صلاح الدين الأيوبي، وباب الفتوح، والنسر الأحمر"، حيث تناولت كل منها أحداث الحرب الصليبية وبطولات الناصر صلاح الدين الأيوبي، للأسف فقد استمر الصراع بين عدد من المبدعين والنظام حتى بعد انتصار أكتوبر ففي صيف 1975 أودع في السجون مجموعة من بينهم: "صلاح عيسى، وإبراهيم منصور، وأحمد فؤاد نجم" وبدأت وتوالت هجرة بعض الكًتَّاب والشعراء والمثقفين إلى الخارج بعضهم إلى الدول العربية منهم: "د. علي الراعي، وسعد أردش، وكرم مطاوع، وأحمد عبدالحليم، ورجاء النقاش، وفؤاد دوارة، وعبدالغني قمر"، والبعض الآخر إلى أوروبا منهم: «أحمد عبدالمعطي حجازي، وغالي شكري، ومحمود السعدني، ومحمد عفيفي، وعبدالرحمن الخميسي».
وأضاف دوارة، أن المسرح المصري شارك بدوره الموازي لحرب الاستنزاف، وقدمت على خشباته العديد من العروض التي ترفض الهزيمة وتدعو لضرورة الاستعداد للمعركة الكبرى والعمل على رفع الروح المعنوية، ومن أهم العروض المقدمة، وهى: «كوابيس في الكواليس» لفرقة المسرح القومي عام 1967، من تأليف سعدالدين وهبة، وإخراج كرم مطاوع، و«وطني عكا» عام 1969، لعبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع، و«ليلة مصرع جيفارا» من تأليف ميخائيل رومان، وإخراج كرم مطاوع، و«النار والزيتون» عام 1970، من تأليف ألفريد فرج، وإخراج سعد أردش، التي تناولت القضية الفلسطينية، ويمكن إدراجها تحت مسمى «المسرح التسجيلي»، حيث اعتمد المؤلف على الوثائق الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية والحقائق التاريخية والتقارير الصحفية والبيانات والدراسات التي تناولت القضية بالبحث والتحليل، فيما شاركت الفرق المسرحية الأخرى بتقديم عروضها الوطنية، حيث قدمت فرقة المسرح الحديث من عام 1968 حتى 1971 وهى: «أغنية على الممر» من تأليف علي سالم، وإخراج أنور رستم، وقدم مسرح الجيب عرض «رسالة إلى جونسون» من تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع، وقدمت فرقة «مسرح الحكيم» مسرحيتى أرض كنعان «فلسطين 48»، و«الصليب» من تأليف محمد العفيفي، وإخراج جلال الشرقاوي، و«زهرة من دم» من تأليف سهيل إدريس، وإخراج كمال ياسين.
وأكد دوارة، أن المجتمع المصري شهد في منتصف سبعينيات القرن العشرين بعض التحولات الكبرى في الحياة السياسية، والاقتصادية، والإجتماعية ومن أبرزها ذلك الانفتاح الاقتصادي الذي جاء بعد إنتصار أكتوبر، فأفرز طبقة جديدة من الانتهازيين أصحاب الدخول الطفيلية، بالإضافة إلى توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1978، وبجانب ذلك ازداد التطرف الديني الذي شجعته الدولة في البداية ليكون أداتها لضرب الثوار والاشتراكيين الذين اتهمتهم بالشيوعية! كما ظهرت القوانين الاستثنائية وتدخلت الرقابة بتعسف في رفض كثير من العروض المسرحية التي حاولت التعرض لموضوعات اجتماعية أو سياسية، وكانت هذه المتغيرات السريعة المتلاحقة سببا في غياب الرؤية الواضحة وتخبط المسرح المصري مثله كمثل باقي أوجه الثقافات المصرية الأخرى.
بعد هذا الانتصار قرر الأديب يوسف السباعي، وزير الثقافة، فتح المسارح مجانًا للجمهور، وذلك تعبيرًا عن الفرحة التي شاهدها العالم أجمع، وقد قام الدكتور سيد على إسماعيل، أستاذ المسرح بجامعة حلوان، ورئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الأسبق، بإهداء المكتبة المركزية للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية 30 نصًا مسرحيًا و«أوبريت» لم تنشر إلى الآن، تلك النصوص قد بدأ تأليفها بدءًا من 6 أكتوبر المجيد وعبور أكبر مانع مائي في التاريخ، وهى عبارة عن مخطوطات ونصوص مطبوعة، وأغلب هذه النصوص تتناول موضوعات حول بطولات القوات المسلحة المصرية لانتصار أكتوبر العظيم، والمركز يعمل على إصدارها في موسوعة ضخمة تحت عنوان «مسرحيات حرب أكتوبر 1973» ويشارك بها مجموعة من الباحثين فى توثيق هذه النصوص وإضافة لها المعلومات الدقيقة، ومن بين هذه الأعمال «هيلا هيلا يا مصر» تأليف السيد طليب، و«الشرارة» تأليف زكى عمر، و«حدث في أكتوبر» تأليف إسماعيل محمد العادلى، وإخراج كرم مطاوع، و«ولاد بلدنا» تأليف محمد الشناوي، بجانب أوبريت «فرحة القنطرة» تأليف الهادى السيد إسماعيل.