الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

متغيرات متلاحقة.. أحمد أبوالعلا يشرح أسباب غياب العمق في مسرحيات انتصارات أكتوبر

الكاتب والناقد المسرحي
الكاتب والناقد المسرحي أحمد عبدالرازق أبو العلا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحل اليوم الجمعة، الذكرى الـ50، على إنتصارات حرب أكتوبر المجيدة، التي وقعت أحداثها في السادس من أكتوبر عام 1973، تلك الحرب التي تمثل الانتصار الأعظم في تاريخ مصر، وكان المسرح مشاركًا فعالًا في صنع وتمهيد الطريق لأحداث العبور، وقد لعب المسرحيون دورًا كبيرًا ومؤثرًا بعد نكسة 1967، في مواجهة مشاعر الإحباط واليأس، والمساهمة في بث روح الجماهير لخوض معركة جديدة لاسترداد العزة والكرامة لمصر، وتساءل الكاتب والناقد المسرحي أحمد عبدالرازق أبوالعلا، عن المسرح والحرب «يونيو 67 - أكتوبر 73»، لماذا لم تنعكس قضايا الحربين في  نصوص المسرح المصري؟
وقال أحمد عبدالرازق أبوالعلا، إن المسرح اتخذ بعد هزيمة يونيو 67 مظهرين: أولهما: ازدهار المسرح التجاري، والثاني: المسرحيات التي أطلق عليها الناقد فاروق عبدالقادر، اسم «مسرحيات السلطة» ويعني بها تلك المسرحيات التي ساندت النظام، بدون إدانته، وبين هذين النوعين، قُدمت مسرحيات قليلة جادة، فضلا عن أن المسرح التجاري اعتمد على الاقتباس من النصوص الأجنبية، وقدم عروضًا كوميدية مثل «قصة الحي الغربي»، و«العيال الطيبين»، و«سيدتي الجميلة»، و«هاللو دوللي»، و«مدرسة المشاغبين»، و«انتهي الدرس» كل تلك العروض الكوميدية قدمت ومصر تعيش في حالة حرب؛ أما عن مسرح السلطة، فهو المسرح، الذي ظهر بعد 67 لمناقشة قضية الهزيمة وعلاقة الشعب بالسلطة أو الزعيم، وطرح قضايا الواقع الذي فجرته الهزيمة مثل أعمال الكاتب المسرحي علي سالم  «أنت اللي قتلت الوحش» عام 1970، و«عفاريت مصر القديمة» عام 1971، و«بلدي يا بلدي» لرشاد رشدي عام 1968.
وتابع أبوالعلا في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": أما عن المسرحيات الجادة فكانت: «وطني عكا» لعبد الرحمن الشرقاوي عام 1967، وكانت أول مسرحية يقدمها المسرح المصري عن المقاومة الفلسطينية، وفي عام 1971 قدم يوسف إدريس مسرحيته «الجنس الثالث»، و«المخططين» عام 1969م، ومن المسرحيات الأخرى الجادة التي عالجت موضوع النكسة: «العرضحالجي» للكاتب المسرحي ميخائيل رومان، عام 1968م، و«المسامير» للكاتب المسرحي سعد الدين وهبة عام 1969م، و«سبع سواقي» لسعد الدين وهبة عام 1972، و«النار والزيتون» عام 1970 للفريد فرج، و"وطني عكا" عام 1969 لعبدالرحمن الشرقاوي، وللكاتب المسرحي محمود دياب مسرحيات "باب الفتوح" عام 1971، و«رجل طيب في ثلاث حكايات» وتتضمن ثلاث مسرحيات: "الغرباء لا يشربون القهوة"، و«الرجال لهم رءوس»، و«أضبطوا الساعات» عام 1970م، و«ليلة مصرع جيفارا» عام 1969م، لميخائيل رومان.
وواصل: وعلى الرغم من أن كاتبين مسرحيين هما: يسري الجندي، ومحمد أبوالعلا السلاموني، لا ينتميان لجيل الستينيات بالمعني الإجرائي المعروف، لأن أعمالهما عُرضت فوق خشبة المسرح، في السبعينيات والثمانينيات - إلا أنهما - معا - كتبا نصوصا في الستينيات، وأن لم تر النور إلا بعدها بسنوات كثيرة، ومنها ما يتعلق بمعالجة موضوع الهزيمة، فكتب يسري الجندي نصه «اليهودي التائه» في أواخر عام 1968 وبداية عام 1969، وكتب محمد أبوالعلا السلاموني نصه «رواية النديم عن هوجة الزعيم» عام 1970، ويؤكدان معا- في نصيهما- على  فكرة المقاومة "مقاومة الهزيمة"، ومن الجدير بالذكر أنه تم إيقاف بعض العروض المسرحية من قبل الرقابة، ومنها: «العرضحالجي»، و«المسامير».


وأضاف أبوالعلا، أنه بعد أن حدثت هزيمة 67، سقط الحلم، وسقط الزعيم، وباتت أحلام الثورة مجرد شعارات، لأن الفرصة لم تسمح- في ظل هزيمة يونيو- لتحقيق ما أرادت ثورة يوليو أن تحققه، أو- بعبارة أخري- تستكمله، تلك اللحظة التراجيدية التي عاشها كتاب مسرح الستينيات، تركت تأثيرًا بالغًا ليس فقط، على إنتاجهم المسرحي، لكن على رؤيتهم، وموقفهم من الثورة ذاتها، ومن زعيمها، ومنهم من صمت ولم يعبر عنها مسرحيا؛ وبرغم ما كان لحرب يونيه 1967 من نتائج مروعة منها احتلال أجزاء من الأرض العربية في سيناء والجولان، فضلا عن توقف حركة الملاحة في قناة السويس، وبرغم ما كان لحرب أكتوبر نتائج مبهجة كُللت بالانتصار وبعبور القناة، وسقوط خط بارليف المنيع، إلا أنه في الحالتين لم تنعكس قضايا الحربين في  نصوص المسرح المصري، والسؤال: لماذا؟ 
وأوضح أبو العلا، أن هناك مجموعة من الأسباب يمكن إجمالها في التالي أولا: ضرورة مرور فترة طويلة على الأحداث، تساعد الكاتب على معالجتها فنيًا، بعيدًا عن المباشرة والخطابية، والانفعال، وثانيًا: هناك من النقاد من ذكر أن السبب يرجع إلى أن كُتَّابنا لم يكتبوا مباشرة بنيران الحرب، ومن كتب منهم جاءت كتابته مباشرة وانفعالية، والسبب الثالث: أن الانفعال يولد أعمالا لا قيمة لها، أما التأمل فهو الوسيلة الناجعة لتقديم إبداع حقيقي، يبقي مع مرور الأيام ولا تذهب قيمته، والسبب الرابع: يعود إلى المتغيرات السريعة المتلاحقة التي لم تهدأ، حتى  يستطيع الكاتب متابعتها، وفهمها واستيعابها، ومنها «حرب الاستنزاف» بعد الهزيمة، وحتى اتخاذ القرار بحرب التحرير في أكتوبر 1973، ثم المتغيرات التي جاءت عقب الانتصار، وأولها: انتهاج سياسة «الانفتاح الاقتصادي» عام 1974 أي بعد الحرب بعام واحد، وجاء هذا المتغير، تمهيدًا لمتغير أكبر وهو «اتفاقية كامب ديفيد» عام 1978، وبعدها بعام واحد عقدت "اتفاقية السلام مع إسرائيل" في 26 مارس 1979، وقبل التاريخين قام السادات بزيارة القدس في 19 نوفمبر عام 1977، كل هذا حدث بعد انتهاء الحرب بأربعة أعوام فقط، فكيف يستطيع الكُتاب التعبير عن حرب أكتوبر في ظل تلك المتغيرات الكبيرة المتلاحقة؟ تلك التي ترتبت عليها نتائج كثيرة، تركت تأثيرًا على «الواقع» الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، وهو المرجعية التي تنطلق منها الرؤى الفنية، والمواقف الفكرية! فالعروض التي قدمت كلها دعائية، ومباشرة، وتسجيلية، ولا ترقى لمستوي النص المسرحي الدرامي الصحيح، الذي يعالج قضية الحرب بمفهومها الشامل بشكل فني حقيقي.