أكد ممثل مصر السابق في لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي، السفير الدكتور حسين حسونة، أن التكاتف والتعاون الكبير بين كافة مؤسسات الدولة المصرية خلال فترة حرب أكتوبر ولاسيما بين المؤسسة العسكرية ووزارة الخارجية المصرية، كان له بالغ الأثر وتكلل بنصر عظيم سجله التاريخ بأحرف من ذهب، لافتًا إلى أن هذا التعاون الدبلوماسي-العسكري أثبت أيضًا فاعليته خلال مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل، وفي قضية استرجاع طابا.
واستعرض السفير حسونة، الذي شارك بكافة مراحل الإعداد الدبلوماسي للحرب، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة، بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبي لحرب أكتوبر المجيدة، نتائج جهود الدبلوماسية المصرية قبل وأثناء وبعد المعركة.
وأوضح أن الدبلوماسية المصرية لعبت دورًا كبيرًا في معركة استرداد الأرض والكرامة بجانب الانتصار العسكري، قائلا:" كنت عضوًا ببعثة مصر بالأمم المتحدة عام 1973 وشاركت في الجهد الدبلوماسي قبل المعركة، حيث تقدمنا باقتراح لمجلس الأمن بناءً على توجيهات القيادة السياسية يدعو إلى تسوية سلمية وعقد مؤتمر سلام في المنطقة، وحصلنا على 14 صوتًا إلا أن الفيتو الأميركي الذي كان متوقعًا اسقط الحل السياسي، وأثبتنا للعالم أننا حاولنا حتى آخر لحظة التوصل لتسوية سلمية بدلًا من خيار الحرب".
وأضاف أنه بعد انتصار الجيش المصري وإسقاط صورة "إسرائيل التي لا تقهر" واصلت الدبلوماسية المصرية المعركة بالأمم المتحدة وكذلك مع وسائل الإعلام الأمريكية بانتقاد انحياز الولايات المتحدة ومساندتها للاحتلال، وبإبراز أن غرضنا هو تحرير الأرض وليس كما يدعي الجانب الإسرائيلي "إلقاء إسرائيل في البحر"، مشددًا على أنها كانت حربا إعلامية صعبة خاضتها الدبلوماسية المصرية في محاولة للتأثير في الإعلام الأمريكي بانتقاد موقف بلادهم ضد مصر.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه عقب نصر أكتوبر عملنا على الاستثمار الدبلوماسي للحرب، وعُقد "مؤتمر السلام في الشرق الأوسط" بچنيف على مستوى وزراء الخارجية في ديسمبر 1973، وتمخض عنه اتفاقيات لفض الاشتباك والانسحاب في مراحله الأولى.
وذكر الخبير الدبلوماسي بأنه من نتائج انتصار الدبلوماسية المصرية عقب الحرب، دعوة الأمم المتحدة لمنظمة التحرير الفلسطينية لحضور اجتماعات الجمعية العامة عام 1974، وكان لكلمة الزعيم الراحل ياسر عرفات من على منبر الأمم المتحدة آنذاك واقع هام على الوفود المشاركة بالجمعية العامة إذ قال: "لقد جئتكم…بغصن زيتون مع بندقية ثائر... فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي".
وأكمل السفير حسونة أن من نتائج انتصار مصر أيضًا، نجاح البلدان العربية في إدراج اللغة العربية كلغة رسمية في عمل الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما كان صعبًا للغاية في ضوء المنافسة مع ألمانيا التي كانت تسعى أيضًا إلى إدراج لغاتها.
ونوه إلى أن الخارجية المصرية استمرت في مساعيها لاسترداد الأرض كاملة، وتم الإعداد للزيارة التاريخية للرئيس الراحل محمد أنور السادات إلى القدس في نوفمبر 1977، في خطوة مبهرة أدت إلى كسر الجمود في الموقف الإسرائيلي وترتب عليها انسحاب إسرائيل لاحقًا بموجب اتفاقية السلام في مارس 1979.
وشدد السفير حسونة الشاهد على العصر - بمشاركته في كافة تلك الأحداث سواء من داخل الأمم المتحدة بنيويورك قبل وأثناء الحرب، أو في مفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية بواشنطن عقب الحرب، أو في رحلة الزعيم السادات التاريخية للقدس - على أن المعركة مع إسرائيل لازالت مستمرة بالأمم المتحدة؛ لإصرارنا على إقامة سلام عادل ودائم بالمنطقة ومنح الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، مثمنًا نجاح الوفود العربية في استصدار قرار من الجمعية العامة يدعو محكمة العدل الدولية لإعطاء رأي استشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والاستيطان والضم، بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية، ووضع مدينة القدس، مختتمًا:"وكلها انتهاكات خطيرة تنافي الشرعية الدولية، ونأمل في إصدار حكم عادل من المحكمة يؤدي إلى مساندة الموقف الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة".