اختتم مجلس كنائس الشرق الأوسط "موسم الخليقة" لهذه السّنة في خدمة صلاة مسكونيّة تحت عنوان ""ليتدفّق العدل والسّلام"، مساء أمس الأربعاء، باستضافة جامعة الروح القدس، الكسليك – لبنان.
شارك في الصّلاة القسّ الدكتور بول هايدوستيان، رئيس اتّحاد الكنائس الإنجيليّة الأرمنيّة في الشرق الأدنى، رئيس جامعة هايكازيان في لبنان، ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الإنجيليّة، القسّ جوزيف قصّاب، رئيس المجلس الأعلى للكنائس الإنجيليّة، الأنبا توماس ممثّلًا قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة، المطران بولس روحانا ممثّلًا عن البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، المطران ايلي حداد ممثّلًا عن البطريرك يوسف العبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الملكيّين الكاثوليك، الأب موفسيس دوانيان ممثّلًا عن البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة، والأب سركيس ابراهميان ممثّلًا قداسة الكاثوليكوس آرام الأوّل، كاثوليكوس الكنيسة الأرمنيّة الرسوليّة لبيت كيليكيا، المتروبوليت سلوان موسي، راعي أبرشيّة جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان) للرّوم الأرثوذكس، المطران ميشال قصارجي، رئيس الكنيسة الكلدانيّة في لبنان، المطران سيزار أسايان، راعي الكنيسة اللّاتينية في لبنان، والمطران توماس راينهولد راسموسين من الدانمارك.
خلال الصّلاة وجّه القسّ الدكتور بول هايدوستيان عظة شدّد فيها على أهميّة الحفاظ على خليقة الله حيث شرح أنّنا "قد نختار بغطرسة إفساد مياه الآبار التي يمكن الوصول إليها، أو الاعتماد على المياه التي يتم شراؤها، أو الاعتماد على المياه التي يتم شراءها عن طريق الممارسات الاقتصادية الظالمة. وينطبق الشيء نفسه على الموارد الطبيعية الأخرى أيضًا. وهكذا، بدلًا مِنَ الاستمتاع بعطايا الطبيعة التي وهبها الله مثل الغابة، حتى لو كانت لا تُمثّل أي حاجة للجودة والحياة، على حساب تدبير الله للطبيعة والناس. وفي الختام، ممكن أنْ نُلخّص الأمر في السؤالين التاليين: ما الذي تتعطشّ إليه عقولنا وقلوبنا؟ ومَنْ سيدفع الثمن على المدى الطويل لأسلوب حياتنا عندما نُخطئ؟".
تضمّنت الصّلاة تضرّعات وتأمّلات إضافةً إلى ترانيم قدّمها مجموعة من طلّاب الكنيسة الأرمنيّة في كليّة اللّاهوت للشرق الأدنى، طلّاب من الكنيسة الأرثوذكسيّة في معهد القدّيس يوحنّا الدمشقي اللّاهوتي - جامعة البلمند، وطلّاب من الكنيسة المارونيّة في كليّة اللّاهوت الحبريّة في جامعة الروح القدس - الكسليك.
بعد انتهاء الصّلاة، افتتح مجلس كنائس الشرق الأوسط بالتعاون مع رابطة الكليّات والمعاهد اللّاهوتيّة في الشرق الأوسط (ATIME) مؤتمر "مقاربات مسكونيّة حول التغيّر المناخي"، في جامعة الروح القدس، الكسليك، حيث تستمرّ جلساته لليوم الخميس 5 أكتوبر 2023 في جامعة القدّيس يوسف في بيروت.
يهدف المؤتمر إلى التوعية حول مواضيع بيئيّة عدّة من نظرة لاهوتيّة حيث تتمحور حول التغيّر المناخي، العدالة الإجتماعيّة، العناية بالمخلوقات والحفاظ على البيئة، بمشاركة قادة الكنائس، متحدّثين ومتخصّصين في مجالي البيئة واللّاهوت من لبنان ومصر ومؤسّسات أوروبيّة.
شدد الأب الدكتور طلال الهاشم، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك، خلال الكلمة التي القاها اليوم على ضرورة التوعية البيئيّة، وقال "من شأن هذا المؤتمر أن تكون بمثابة منصّة فعّالة لتعزيز النقاش البنّاء ولاكتسابِ فهمٍ أفضل وترسيخ تعاونٍ قوي بشأن هذه الحاجة المُلحّة لمواجهة التحّدي العالمي المتمثل بتغيُّر المُناخ... وقد التزَمَت جامعة الرّوح القدس - على مرّ السّنين - بنشاط بالاستدامة، وقد انعكس ذلك في تصنيفاتها كواحدة من أكثر الجامعات استدامةٍ في المنطقة، حيث تعزز أهداف التنمية المستدامة، حيث تترك تأثيرًا مجتمعيًا لافتًا، وتخلق ثقافة قائمة على الاهتمام بكوكبنا والحرص على الاهتمام فيه".
من ثمّ، ألقى الدكتور ميشال عبس، الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، كلمة أدان فيها لامبالاة الإنسان تجاه البيئة، وقال "بما إننا في صدد معالجة مشكلة التغير المناخي، لا بد لنا من التوقف أمام ظاهرة التغير المناخي المفتعل، أي الذي ينتج عن مشاريع بيئية تقوم بها دول، أما لتأمين مصالح مواطنيها، أو لحصار جار غير مرغوب فيه. تتمثل هذه المشاريع في السدود او الاقنية، التي جعلت أن يكون طابخ السم آكله، وينعكس سحر المشاريع البيئية على الشعب سحر زلازل وانهيارات في التربة وغيرها من الكوارث البيئية".
بعدها كانت كلمة الأرشمندريت د. يعقوب خليل، رئيس رابطة كليّات ومعاهد اللّاهوت في الشرق الأوسط، وعميد معهد القدّيس يوحنّا الدمشقي في جامعة البلمند في لبنان، حيث أشار فيها إلى أنّ الرابطة تتطلّع إلى إدخال المقاربات البيئيّة ضمن مناهج المعاهد والكليّات اللّاهوتيّة في الشرق الأوسط. ولفت إلى أنّ الرابطة "اختارت للعام 2023 موضوع "الخليقة" للدراسة والتعمّق بمسائل ملحّة ترتبط به... ها الرابطة اليوم تتعاون مع مجلس كنائس الشرق الأوسط لتنشيط التفكّر بطريقة تعاملنا مع البيئة وتوازن الخليقة الذي وضعه الله، لما في ذلك من فوائد روحيّة أوّلًا، ثمّ بيئيّة، وتلك الضروريّة لاستمرار الحياة ووفرة بركات الله على البشر".
قدّمت للندوة القسّيسة د. ريما نصراللّه، أستاذة في اللّاهوت العمليّ في كلية اللّاهوت للشرق الأدنى، حيث تخلّلت محاضرة رئيسيّة ألقاها حضرة القسّ د. ديڤ بوكليس، مدير الشؤون اللّاهوتيّة في منظّمة "آروشا" العالميّة، بعنوان "تغيّر المناخ: منظورات بيئيّة ولاهوتيّة". خلالها، تطرّق القسّ بوكليس إلى مخاطر التغيّر المناخي الّذي يسبّبه الإنسان، إلى جانب فقدان التنوّع البيولوجي العالمي وعدم المساواة في المجتمعات، حيث يشكّلان تهديدًا وجوديًّا لحياة الإنسان وربّما لاستمراريّة المجتمعات. ولفت إلى أنّنا "كمسيحيّين مدعوّون للعودة إلى الله في التوبة والتفكير والعمل. نحن نعتمد على تقاليدنا، ولا سيّما على الكتاب المقدّس حيث يدعونا الله إلى الحفاظ على عالم جيّد...".
وفي الجلسة الختاميّة، عرض الأب د. أنطوان الأحمر، مدير دائرة الشؤون اللّاهوتيّة والعلاقات المسكونيّة في مجلس كنائس الشرق الأوسط، لبيان الكنائس الّذي سيتمّ توجيهه إلى مؤتمر الأطراف حول تغيّر المناخ COP28 في دبي. يشمل البيان محاور عدّة تتعلّق بالالتزام العالمي طويل الأمد، التمويل المناخي العادل، الإدارة العادلة للموارد، التزام الكنائس، والتعاون بينها وبين الحكومات...
اختُتم اليوم الأوّل من المؤتمر بمعرض بيئيّ يتضمّن مبادرات ونشاطات متنوّعة في مجال البيئة والحفاظ على الخليقة تقوم بها منظّمات وحركات شبابيّة مختلفة، ليجتمع بعدها المشاركون حول نخب للمناسبة.