كان للشراب والنبيذ طابع قدسي لدى القدماء المصريين، حيث وجد النبيذ لدى المصريين القدماء كما هو مكتشف من آثار في المقابر، حيث كانوا يضعون جرار النبيذ مع المتوفي لكي تكون معه في رحلته للعالم الآخر والتزود بها لإكمال حياتهم هناك.
وفي كشف أثري جديد عثرت بعثة مصرية للآثار، على المئات من جرار النبيذ المغلقة، بداخلها بقايا نبيذ يعود عمره إلى نحو 5000 عام، بمنطقة أم الجعاب بأبيدوس في محافظة سوهاج، جنوب مصر.
وترصد «البوابة نيوز» أهم المعلومات عن محتويات الاكتشاف الأثري الجديد، وكذلك تستعرض تاريخ صناعة الأثاث الجنائزي لدى حضارة القدماء المصريين وأهميتها للمتوفى في اعتقادهم، خلال التقرير التالي:
جِرار النبيذ المغلقة
أشار مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، في بيان وزاري على "فيسبوك"، أن البعثة الأثرية المصرية، الألمانية النمساوية العاملة في مقبرة الملكة "مريت نيث" من الأسرة الأولي بمنطقة أم الجعاب بأبيدوس، توصلت إلى اكتشاف آلاف من جرار النبيذ، بالإضافة أنها عثرت على مجموعة أخرى من الأثاث الجنائزي والأدوات المستخدمة فيه.
جِرار النبيذ عمرها 5 آلاف عام
وأوضح الأمين العام لـ«الأعلى للآثار» أن الجرار التي تم العثور عليها كبيرة الحجم وفي حالة ومحفوظة بحالة جيدة، وأن بقايا النبيذ الموجودة داخلها عمرها تتراوح بحوالي 5000 عام.
وصرح ديترش راو مدير المعهد الألماني بالقاهرة، أن أعمال الحفر بالمقبرة نجحت في إزاحة كشف الكثير من الأسرار والمعلومات التاريخية الجديدة عن حياة الملكة وفترة حكمها، وأن دراسة نقوش أحد الألواح الذي عُثر عليه داخل المقبرة، أشارت إلى أن الملكة كانت تحتل مكانة مرموقة، حيث أنها كانت مسؤولة عن مكاتب الحكومة المركزية، لافتا إلى أن "البعثة مستمرة بعملها في محاولة للكشف عن المزيد من أسرار تاريخ وهوية هذه الملكة".
تاريخ صناعة النبيذ في مصر القديمة
تعود صناعة النبيذ في مصر لحضارة الدولة المصرية القديمة منذ بداية الأسر الملكية، حيث تشير النقوش والرسومات الأثرية في العديد من المعابد والمقابر إلى أن النبيذ كان من أهم الخمور عند قدماء المصريين، فهناك المناظر المسجلة على مقابر الأسرتين الـ5 والـ6 بسقارة، وهناك مناظر في موقع البرشا الأثري ترجع لعهد الأسرة الـ12، إضافة إلى مناظر مقابر بني حسن بمحافظة المنيا بصعيد مصر.
طرق صناعة النبيذ لدى الفراعنة
أشارت الرسوم المسجلة على المقابر والمعابد لطرق صناعة النبيذ وكذلك أنواعها المختلفة، حيث كان طريقة عمل النبيذ تبدأ بالمرحلة الأولى وهي جمع عناقيد العنب الكبيرة في سلال يحملونها على ظهورهم، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي نقل العناقيد إلى مكان العصر، ثم يضعونها في أوعية كبيرة، ويقوم عدد من الرجال بدهس العنب مستخدمين أرجلهم، وقد عرف المصريون القدماء العديد من أنواع النبيذ المصنعة بجانب العنب، فهناك نوع يصنع من البلح، ويسمى في صعيد مصر حتى الآن "عرقي"، ونبيذ النخيل ويصنع من عصارة شجرة النخيل.
تاريخ صناعة الأثاث الجنائزي
الاكتشافات الحديثة لمقابر القدماء المصريين مكنت علماء الآثار من دراسة العديد من الأمور الخاصة بحياة القدماء المصريين وطبيعة معيشتهم وكذلك معرفة اعتقاداتهم بالعلم الآخر وما بعد الموت والعثور على الأثاث الجنائزي في المقابر المصرية والأدوات التي توضع مع الميت.
سبب وجود الأثاث الجنائزي بالمقابر
يُعد الأثاث الجنائزي عبارة عن مجموعة من الأدوات التي كان يستعين بها المصري القديم بوضعها مع المتوفي في مقبرته قبل مماته، ويعتقد العلماء أن وجود هذا الأثاث في المقابر وتلك الأدوات لاعتقادهم المصريين القدماء بوجود عالم آخر يذهبون إليه بعد الموت ومن ثم فكان هناك احتياج دائم لذلك المتوفى إلى عدد من الأمور التي من الممكن انها كانت تلزمه في أن يتولى أمور المعيشة في ذلك العالم الآخــر.
أدوات الأثاث الجنائزي
ووجد الأثاث الجنائزي الأثري في المقابر الفرعونية للمصريين القدماء منذ فترات حكم ما قبل الأسرات، وكانت تحتوي على مجموعة كبيرة من تلك الأواني التي كانت توضع فيها كلا من اللحوم والخضار وعدد من الحبوب خاصة حبوب الشعير وعدد من الأشربة التي كانوا يفضلونها مع الأدوات المخصصة من أجل الحرب مثل الرماح والأسنة تلك السهام.
أدوات الزينة عند القدماء المصريين
وتم اكتشاف العديد من الأدوات المخصصة من أجل الزينة عند المصريين المصريين مثل الأساور والعقود وعدد من الأمشاط وغيرها من أدوات الزينة.
الأثاث الجنائزي في مقبرة توت عنخ آمون
واستدل علماء الآثار على تاريخ وجود هذا الأثاث الجنائزي المخصصة للملوك الفراعنة وكذلك الحاشية، وإن كان ذلك دليل في نفس الوقت على ما يعانيه بقية القوم من فقر الذي كانوا يعيشونه في ذلك العصر، ومن أهم الدلائل على ذلك القول هو مقبرة الملك الفرعوني الشاب توت عنخ آمون وما كان قد اكتشف فيه على عدد من أهم تلك الكنوز الذهبية، وعثر في قبر الملك الفرعوني الشاب على عدد من التماثيل الخاصة به ومجموعة من المجوهرات الذهبية وعدد من الأثاث الجنائزية السحرية، كما أحتوت على محاريب ذهبية ومجموعة من الأواني التي كانت هي المصنوعة من مادة المرمر ومن الخزف ايضا والتي هي الآن متواجدة بالفعل في المتحف المصري في نصر وقد احتلت بالطبع مكانة هامّة كبيرة جدا في التوزيع العام لمختلف ثروات ذلك المتحف الأثرية.
الأدوات في مقابر الأميرات
كما احتوت المقبرة الخاصة بـ الأميرات والملكات من الفراعنة على الكثير من أنواع المختلفة من الحلى وعددًا من أدوات الزينة، كما في مقبرة الأميرة "خنومت" حيث وجد الأثريون وريدات من الذهب ذات رسوم مفرغة متصلة بعضها ببعض بواسطة سلاسل صغيرة يتدلى منها قفل صغير مستدير يحتوى على صورة ملونة لعجل راقد وهى مغطاة بطبقة رقيقة من الكوارتز وجزء من عقد مؤلف من إشارات هيروغليفية يرمز بها للحياة والثبات والصحة وتاج بأسلاك من ذهب وغيرها من الأدوات بباقى مقابر الأميرات.
مقابر العساكر والمحاربين
كما عثر بمقابر المحاربين والعساكر الكبار الكثير من الأدوات مثل: الحراب، النشاب، خوذ ومن الدليل على ذلك ما وجدوه بقبرة رمسيس الثالث حيث كان من المحاربين العظماء فلم يكتفوا بموائد معدّة للقرابين، بل وجدت مخازن توضع فيها القرابين والنعال ومسند للرأس وعلى صدر الميت سبح من خرز وفصول من كتاب الموتى كما تحف الميت التماثيل الصغيرة الخزفيّة والتي تسمى بـ المساخيط وهم بمثابة الوكلاء والنائبين فهم يجيبون عن الميت عندما يطلب للحساب والعقاب وتؤدى بدلا عنه أشغال السخرة التي يطلبها أوزيريس وتحفه بأجنحتها لتقيه من الشرّ وتكون بأعداد معتبرة ويطلونها بالزجاج الأزرق، الرخام، المرمر.
وكشفت عدد من الآثار الجنائزية على وجود خبز، ولحم، وملابس وعدد من التحف الأخرى التي كانت تزخر بها مقابر وأماكن دفن موتى المصريين القدامى من ملوك وعامّة الناس.