لم تكن حارة اليهود مجرّد مكان صغير الحجم، يجمع اليهود المقيمين في مصر فقط، كما يبدو من اسمها، بل كانت حيّ كامل يعيش فيه أعداد كبيرة من المسلمين والمسيحيين ، إضافة إلى اليهود .
ولا زالت تحتفظ الحارة ببعض المعالم اليهوديّة المتهالكة، مثل نجمة داود السداسيّة التي تعلو أبواب بعض منازلها القديمة، و التي لم يقم سكّانها المسلمون بإزالتها حتّى الآن .
يعود تاريخ إنشاء الحارة إلى عهد إنشاء حي الموسكي الى عام 1848، وتقع حارة اليهود بجوار شارع الموسكى في القاهرة، وتتبع الحارة في التقسيم الإداري حي الجمالية، وتضم حارة اليهود حيا بأكمله يضم ما يقرب من 360 زقاقا وحاره، وقسم الحي بطريقة طائفية على شياختين، واحدة لليهود الربانيين و واحدة لليهود القرائين .
وضمت الحارة ثلاثة عشر معبدا يهوديا لم يتبق منها سوى ثلاثة معابد، وهي " معبد موسى بن ميمون " الذي كان طبيبا وفيلسوفا شهيرا في بدايات القرن الثاني عشر الميلادي، وكان مقربا من السلطان صلاح الدين الأيوبي، ويقال:" إن بداخل المعبد سردابا يقود إلى الغرفة المقدسة وفي طقوس اليهود من يدخل هذا السرداب يجب أن يكون حافي القدمين"، أما المعبد الثاني "بار يوحاي" ويقع في شارع الصقالبة، بينما الثالث في درب نصير وهو معبد "أبو حاييم كابوسي".
و يرجع سر تسمية الحي بحارة اليهود حسب أراء بعض المؤرخين إلى أن اليهود هم أنفسهم من جنحوا إلى التجمع بمكان يضمهم ويحوي طقوسهم ، فالشخصية اليهودية تجنح دائمًا إلى العزلة بحسب المعتقدات التوراتية وذلك للتمكن من ممارسة شعائرهم وطقوس العبادة والطعام والشراب، فاليهودي لايأكل إلا الذبائح التي تذبح بحسب الشريعة اليهودية، واليهودي يأثم إثما كبيرا لو أدي صلاة السبت بمفرده وإنما يتوجب عليه أن يؤديها في جماعة .
وقد خرج من حارة اليهود الكثير من المشاهير و الفنانين والعباقرة و العلماء مثل "قطاوى باشا" وزير مالية مصر والذي أصبح بعد ذلك وزير المواصلات وعضو مجلس النواب .كما خرج منها رائد المسرح المصرى "يعقوب صنوع" والذي عرف بلقب "أبو نضارة" والذي أصدر جورنالا مصريا ساخرا والذي تسبب في نفيه من البلاد ، بسبب سخريته من الخديو إسماعيل .
ومن سكان هذه الحارة أيضًا المخرج "توجو مزراحى" والممثلة "ليليان ليڤى كوهين" والتي اشتهرت باسم "كاميليا"، الفنانة "راشيل ابراهام ليڤى" والتي اشتهرت باسم "راقية إبراهيم" والممثلة "نجمة إبراهيم" والتي تبرعت بدخلها في المسرح لصالح الجيش المصري، وكذلك الفنانة "نظيرة موسى شحاتة" والتي عرفت باسم نجوى سالم وهي الفنانة المصرية الوحيدة اللى حصلت على درع "الجهاد المقدس" لدورها الوطنى في حرب الاستنزاف، والمطربة الشهيرة "ليلى مراد"، و قيل أيضا "موشي ديان" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق وغيرهم الكثير .
وعن تاريخ حارة اليهود كتبت الكثير من المؤلفات أشهرها كتاب نجيب الكيلاني الذي حمل عنوان "حارة اليهود"، وكتاب محمد أبو الغار والذي حمل عنوان "يهود مصر من الازدهار للتشتت" والذي تحدث عن طبيعة حياة اليهود في مصر و حياة اليهود بعد ذلك وحالة التشتت التي عاشوها بعد رحيلهم عن مصر .