وصل الرئيس السورى بشار الأسد برفقة زوجته أسماء الأخرس، فى ٢١ سبتمبر ٢٠٢٣، إلى مدينة هانجتشو الصينية على متن طائرة استأجرتها شركة الخطوط الجوية الصينية، وذلك لحضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية ومع ذلك، تم تأجيل دورة الألعاب الآسيوية، التى كان من المقرر إقامتها فى سبتمبر ٢٠٢٢، نظرًا لنظام العزل الصارم للغاية بسبب الكوفيد الذى تفرضه الصين.
وفى ضوء هذه الزيارة، فعلى «أسد سوريا» أن يحصل على دعم مالى أكبر بكثير من المملكة الوسطى لإعادة إعمار بلاده التى دمرتها الحرب.. وللعلم، فقد التزمت بكين فى عام ٢٠١٧ باستثمار مليارى دولار فى سوريا. من هذا المنظور، تعتزم سلطات بكين الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى «مستوى جديد».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماونينج: «نعتقد أن زيارة الرئيس بشار الأسد ستعزز الثقة السياسية المتبادلة والتعاون بين البلدين فى مختلف القطاعات، وستنقل العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد».
بالنسبة لدمشق، يعد هذا بالتأكيد انقلابًا دبلوماسيًا. وفى الواقع، أنشأت بكين ودمشق «شراكة استراتيجية»، كما أعلن الرئيس الصينى شى جين بينج فى ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٣.
ولكن الجميع يعلم أن بشار الأسد يبحث عن أموال لإعادة إعمار بلاده. فهل سيبقى على هذا الحال لفترة طويلة؟
هذه هى الزيارة الأولى التى يقوم بها بشار الأسد إلى الصين منذ بدء الحرب فى سوريا عام ٢٠١١. ومن المعروف أنه فى عام ٢٠٠٤، كان أول رئيس دولة لسوريا يذهب إلى هناك منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية مع بكين فى عام ١٩٥٦.
وبعد سنوات من العزلة عقب الحرب، بدأ الأسد فى تطبيع علاقاته مع الدول العربية وشارك فى الفعاليات الدولية بما فى ذلك القمة العربية فى جدة بالمملكة العربية السعودية فى مايو٢٠٢٣، وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية إن هذا التقارب من المملكة الوسطى «يعزز الثقة السياسية المتبادلة والتعاون فى مختلف القطاعات»، مع احتمال وجود التزامات مالية جديدة على المحك.
وتعتزم الصين المشاركة فى إعادة إعمار سوريا حتى ولو ظلت استثماراتها محدودة فى البلاد فى الوقت الحالى.
انضمت دمشق إلى مبادرة الحزام والطريق أو مبادرة «طرق الحرير الجديدة» فى عام ٢٠٢٢. ولكن هناك المزيد، فبشار لديه نية لا تتزعزع للانضمام إلى منظمة شنغهاى للتعاون، حيث يأمل فى الحصول على المزيد من الفوائد.
ويُعتقد أن هذه الزيارة تمثل أيضًا قضية دبلوماسية كبرى بالنسبة لقوة سورية تسعى إلى إعادة التأهيل على المستوى الدولى.
من جانبها؛ تلعب بكين دورًا متزايدًا فى الشرق الأوسط، مثل التقارب المذهل الذى أتاحه الصينيون فى بداية عام ٢٠٢٣ بين إيران والمملكة العربية السعودية.
أصبحت بكين نشطة للغاية أكثر من أى وقت مضى فى منطقة استراتيجية تاريخية بالنسبة لواشنطن. علاوة على ذلك، فإنها لا تفشل فى تكريس نفسها لـ«طرق الحرير الجديدة» الشهيرة، وهو مشروع ضخم للغاية يهدف إلى تطوير البنية التحتية من أجل تسهيل الروابط التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.
وهو أيضًا بمثابة رسالة من الصينيين إلى العم سام. ومن المفهوم أن لديهم النية الأكيدة فى الاضطلاع بدور رئيسى فى الشرق الأوسط الذى كان الملعب السابق للولايات المتحدة.
بالنسبة للرئيس الصينى شى جين بينج، فإن الزيارة التاريخية التى قام بها بشار الأسد إلى مدينة هانجتشو تعنى أنه بدون الصين؛ لن يتم القيام بأى شيء الآن أو مستقبلا فى منطقة الشرق الأوسط.
كنا سنفهم ذلك لو أن الأسد، خلال زيارته الأولى للصين فى عام ٢٠٠٤، كان يوجه أنظاره نحو الغرب. وفى عام ٢٠٢٣، تغير ميزان القوى الجيوسياسى بالفعل حيث أصبح الرئيس السورى يتطلع الآن نحو الشرق.
ومن هذا المنظور، يمكننا أن نشير بسهولة إلى أن وليد المعلم، وزير خارجية سوريا السابق، قد أعلن فى عام ٢٠١١ أن سوريا ستراهن على المشرق؟.. واليوم تم حسم الأمر.
معلومات عن الكاتب:
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يتناول فى مقاله، زيارة الرئيس السورى للصين وأهميتها بالنسبة للبلدين.