بداية من الحزب الجمهورى ومرورًا بالقومى ووصولا إلى حزب الجبهة القومية.. الجميع يصرخ قائلين: «مهاجرون، مهاجرون، مهاجرون»، وتتجه الأنظار فجأة نحو لامبيدوزا الإيطالية.. ويستعد البعض لرمى كل هؤلاء «الغزاة» فى البحر فى حين أن البعض الآخر يرحب بالمزيد منهم تحت مسمى الحق المقدس فى اللجوء!
وفى الحقيقة تعتبر مسألة الهجرة وإدارتها موضوعًا أكثر تعقيدا بكثير من كل الجمل الصغيرة التى يتم ترديدها من كل جانب. ولابد أن يتم ذلك على المستوى الوطنى فى كل دولة، مع التحرر من كل الوصاية الأوروبية، وبالتالى ستكون هناك تداعيات على المستوى الدولى مع ذلك الحزم الذى يتطلبه الوضع الحالى.
ولا يمكننا أن نتحدث بجدية عن الهجرة دون أن نجرؤ على القول أن الحل الحقيقى لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال التنديد بالمعاهدة المتعلقة بعمل الاتحاد الأوروبى، بما فى ذلك المواد ٦٧ و٧٧ و٧٨ و٧٩، أو القرار الأوروبى ٢٠٠٣/٨٦/EC المتعلق بوضع مفهوم لم شمل الأسرة، الأمر الذى يؤكد فقدان سيادة الدول الأعضاء طبقًا لهذا القرار. وهذا يتعلق فقط بالهجرة القانونية، لأننا يجب ألا نغفل حقيقة أن فرنسا تخضع هنا أيضًا لمعاهدة دبلن غير القابلة للتطبيق وإملاءات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حيث تم تتويج كل ذلك باتفاقيات شنجن.
على أرض الواقع، لا ينبغى لنا أن ننظر إلى «كارثة» لامبيدوزا الإيطالية، بل إن نحول أعيننا نحو جزيرة ليسبوس فى اليونان، حيث يعتبر مخيم موريا الحزين هو ذكرى رهيبة لا يمكن نسيانها.. حتى لو كان كل شيء هو أبعد ما يكون عن المثالية، فعلينا أن نستلهم من كل ذلك الحلول خاصة أن إنشاء مراكز مراقبة الهجرة المجهزة بجميع الوسائل الصحية والاجتماعية والقانونية التى تسمح بالاحتجاز أثناء دراسة الحالات المختلفة هو التزام أمنى، ولكنه إنسانى أيضًا يجب أن نجرؤ على القيام به بصورة سريعة. كما يجب أن تستوعب هذه المراكز جميع المهاجرين الذين تمكنوا من الحصول على موطئ قدم على التراب الوطنى ومنعهم من التجول فى شوارعنا حيث إنهم يمثلون خطرًا محتملًا على مواطنينا وأيضا على أنفسهم.
أما بالنسبة لطالبى اللجوء، فسيخضعون لقاعدة بسيطة: أى طلب سيتم تقديمه لدراسته فى إحدى السفارات أو القنصليات الفرنسية الموجودة فى جميع أنحاء العالم وأخيرا، ينبغى النظر فى اتخاذ إجراء عسكرى ضد قواعد المهربين على شواطئ ليبيا، التى باتت غير قادرة على حل مشكلة مافيا الاتجار بالبشر.
فى الحقيقة، بدون الشجاعة اللازمة للتحرر من أغلال أوروبا والإنسانية الزائفة، فلن يحدث أى شيء جيد لأراضينا الوطنية ولا أيضًا لمرشحى الهجرة التعساء.
معلومات عن الكاتب:
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول، ما يعتبره «أزمة فرنسا» فى مواجهة تدفق المهاجرين على القارة الأوروبية.