مُنذ عامين فقط أصبحت دائم التردُد على مقر "إتحاد كُتاب مصر"، فى كل مرة تَلِفِت نظرى صِوَر قِمَم الثقافة والأدب والإبداع والفِكر فى مصر والعالم العربي، تلك الصِوَر المُعلقة على جدران الإتحاد، أستَرجِع الذكريات مع عمالقة الرواية والشعر والقصة والأدب فمن "نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وإحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس" حتى "سعد الدين وهبه ويوسف السباعي ومحمد عبدالحليم عبدالله وأحمد رامى ورجاء النقاش وعبدالحميد جودة السحار وأمين يوسف غُرابة ومحمد سلماوي" مرورًا بـ"ثروت عكاشة وأحمد عبدالمعطى حجازى وفاروق شوشة وجمال الغيطانى وبهاء طاهر ويوسف القعيد وخيري شلبي وأحمد على باكثير وفكري أباظة"، أجيال عَلَمَت أجيالًا وكانت نبراسًا أضاء الطريق لأجيال تَقَدَمت الصفوف وحَمَلت راية التنوير والفِكِر ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربي أيضًا، ومعظم هذه الأسماء وصلت لقمة نُضجها الأدبى خلال فترة الستينات والسبعينات وهى الفترة التى مثلت عصر التنوير والثقافة بلا جدال.
ما لَفَت نظرى أن الإتحاد يُنظم ندوة أو ندوتين يوميًا فى مقره الرئيسي بشارع حسن صبرى بالزمالك، وتُنظم المقرات الفرعية والتى يُقدَر عددها بـ١٠ فروع ندوة أو ندوتين إسبوعيًا، إذن تصل عدد الندوات لـ٤٠٠ ندوة سنويًا.. وخلال العامين الماضيين نظم الإتحاد عددًا من الندوات الهامة فى المقر الرئيسي، وكُنت أحرص على حضور بعضها ومنها ندوة عن ذكرى حرب أكتوبر ١٩٧٣، وأعترِف بأنها كانت ندوة جادة ومُوَفَقة إلى أقصى درجة لأننى إستفدت منها كثيرًا وإستمعت فيها لِشعراء موهوبين قالوا شِعرًا عظيمًا عن مصر وجيشها وأبطالها وشهدائها، ألقوا أبياتًا شعرية فخرًا وإعتزازًا بما حققه الجيش المصرى العظيم فى حرب أكتوبر، وإستضافوا عددًا من أعضاء الإتحاد الذين كانوا ضمن الضباط الذين حضروا الحرب وحرروا الأرض، كانت ندوة مميزة جدًا جعلتنى أقول: عاش "إتحاد كُتاب مصر"، لأننى شعرت بالسعادة وأنا حاضر بينهم وإستمعت لأبياتهم الشعرية وقِصص بطولاتهم عن يوم النصر العِزة والكرامة.. وما لفت نظرى أيضًا البيان الذى صَدر عن الإتحاد فى ذكرى حرب أكتوبر والذى قالوا فيها: إن ٦ أكتوبر ١٩٧٣ يوم خالد من أيام الكبرياء الوطنى وهو اليوم الذى غَير مسار التاريخ وجَسد عظمة شعب مصر وعقيدة قواته المسلحة الذين سَطروا أرفع أيات البطولة وأسمى درجات التضحية.
مواقف "إتحاد كُتاب مصر" ثابتة لا تتغير، فقد رفض الإساءة لـ"أم كلثوم" ووقف الإتحاد موقفًا حاسمًا.. وقام الإتحاد بتنظيم ندوة هامة للإحتفال بمئوية البابا شنودة وهذا التَصرُف مُقَدر ونحترمه جميعًا.. قام الإتحاد برفض التصرف الهمجى الذى أقدم عليه بعض المَوتورين فى أوروبا الذين حرقوا المُصحف وتمت إدانة هذا الفِعل المرفوض والمنبوذ.. نظم الإتحاد ندوة بعنوان (يونيو ضرورة حتمية) وهذا يؤكد على دور الإتحاد الرافض لهيمنة تيار متطرف على مصر ومُساندة ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وخلال الندوة تحدث الضيوف عن الوعى الوطنى لدى الشعب المصرى الذى رفض الحُكم الإرهابى ونزلوا فى ثورة عارمة ورفعوا شعار "يسقط يسقط حكم المُرشِد" وأشادوا بدور القوات المسلحة التى إستمعت لنداء الشعب.. ونظم الإتحاد ندوات متميزة ومُميزة وتدُل على الدور التنويري الذى يقوم به ومن هذه الندوات (الثقافة وتطوير الفكر - تذوق الموسيقى - الأغنية الوطنية المصرية - وجوة مصرية مُضيئة - أفاق التبادل الثقافى بين الشعوب - التنوع الثقافى فى أدب الجنوب - العنف فى الدراما السينمائية والتليفزيونية - شخصية مصر)، وكل هذه الندوات تُدير حوارًا بناءًا هادفًا يخدم الوطن.
إلتقيت، ذات يوم، بالشاعر علاء عبدالهادى رئيس إتحاد كتاب مصر وأمين عام إتحاد الكُتاب العرب وقال لى عبارات آراها فى غاية الأهمية ومنها (إن مصر لديها متاحِف وآثار وبنية تحتية من شأنها أن تجعلنا فى المُقدمة دائمًا) و(نُقيم ندوات ضد الإرهاب ونحن نعتبر نشر الثقافة فى الأساس حربًا ضد الإرهاب) و(نحتاج لثورة ثقافية جديدة تستطيع أن تُدَعم ما تقوم به القيادة السياسية من تنمية لبناء الجمهورية الجديدة).
كلمات الشاعر علاء عبدالهادى رئيس إتحاد كُتاب مصر أراها بليغة وهادفة لما لها من مغَزى ثقافى، لعل وعسى الجميع يقتدى بإتحاد كُتاب مصر ويُنظم ندوات لها مغزى لكى يقوم الجميع بدوره فى توعية الشعب بما حققته الجمهورية الجديدة من إنجازات، فلابد أن تتحرك الأحزاب السياسية والوزارات المعنية والنقابات العامة وإتحاد العمال ومراكز الشباب وقصور الثقافة لإبراز ما حققته الجمهورية الجديدة من إنجازات، أتمنى أن تتضافر الجهود لكى تصل هذه الإنجازات إلى جميع المواطنين ويعلموا أن الوطن يسير بخطي ثابتة نحو المستقبل.
*كاتب صحفى