فينك ياحبيبي يا دنيتنا
قاسية الأيام فين ودتنا
والطير الرايح لبلادك
حامل رسايل دمعتنا
فينك يا حبيبي يامسافر
عندما أستمع لتلك الكلمات لا أتذكر سوى أخي؛ فهي كلمات تعبر عن لسان حال أسرتي جميعًا، مازلنا لم نستوعب بعد، كيف مر عامين بهذه السرعة على رحيله... أتذكر الأيام العصيبة التي مررنا بها في المشفى، كنت أعلم أنه في حالة متأخرة وأن الأمر يحتاج تدخل إلهي ورغم ذلك لم أكن أتخيل أن هذه هي النهاية، لم أتخيل حكاية كفاحه في هذه الحياة ستنتهي هكذا... عندما كان محتجزًا بالحجر الصحي كانت مشاعري أشبه بمشاعر أحد تلاميذ سقراط عندما رأوا معلمهم وهو يتجرع السم بعد محاكمته؛ سنكمل حياتنا بدون المعلم والمرشد، بدون صانع بهجتنا وراسم ابتسامتنها، لا نعلم كيف ستمر رحلتنا بدونه.
يوم رحيله وكأنه يوم أمس، نظن أن هذا سفر،غياب مؤقت، ولكن ليس رحيل وفرقة قاسية... أتذكر يوم رحيله جيدًا لم يكن يدور في خاطري في هذا اليوم المشؤوم سوى عدة أسئلة: هل هذه النهاية؟ لماذا يا الله؟ هل سيصبح مجرد ذكرى كتبت نهايتها؟ كنت في حالة من عدم الوعي بمن حولي، حالة من الصدمة أرى العالم رماديًا اللون.
مواقف كثيرة كانت تجمعنا كنا نمزح كثيرًا، كنا نضحك في أحلك الظروف وفي أصعب المواقف كان يُحب أن يواجه الصعاب بابتسامة نقية؛عندما كنا نجتمع أنا وأخوتي لم يكن ينتهي الحديث وإلا أن نكون بكينا ضحكًا؛ فالمواقف الطريفة لا تُعد فنحن كنا صانعيها، وعندما نجتمع الآن بدونه نشعر أننا فاقدين جزًا من جسدنا، عمود ارتكاز بيتنا غائب!
لا أنسى نصائحه وتوجيهاته علمني منذ طفولتي وغرز في وجداني حكمته وحصيلة تجاربه، كان يعاملني معاملة الأبن، كان وجيز وثاقب الكلام، لا يبالي بقوة المخاطر، كان حازم في مواجهتها، واثق في قوة ووعود الله، يسير مطمأنًا فبجانبه سيف الملاك ميخائيل.
وبالرغم من ارتباطي بأخي أرتباط الإبن بأبيه وأعلم عنه الكثير والكثير، أجزم أني وأخوتي نعلم الفتات من قصته، أعلم أنه هناك ما هو أعظم في الخفاء أدركت ذلك بعدما رحل والكثير ينهال علينا بالقصص البطولية ويكشف لنا مواقف وحكايات جميلة، كان هناك جوانب أقوى وأعظم في قصته لا نعلم عنها شيء، كانت تنتظر أن يرويها هو بنفسه.
سأفتخر به طيلة حياتي أفتخر أنه لم ينكسر يومًا أفتخر به أنه عاش شامخًا كشموخ الإسكندر وكانت نهاية قصته كنهاية العظيم لم يخسر سوى أمام مرض لعين.
لوحة شرف وامتنان
سأظل في كل ذكرى له أشكر من وقف بجانبي في هذه المحنة، محنة مرضه وما بعدها.
- الدكتور عبد الرحيم علي رئيسي مجلسى الإدارة والتحرير الأب والإنسان أتذكر ماذا فعل من أجل اسامة منذ يومه الأول بالمشفى، وكيف كان يتعامل مع الامر بمنتهي الإنسانية، يتابع ويطمئن في كل لحظة، ولم يقتصر اهتمامه بأسامة فقط بل طالني انا ايضًا بعد رحيله وقام بتعييني.
- واتوجه بجزيل الشكر إلي الكاتبة الصحفية الدكتورة داليا عبد الرحيم علي رئيس التحرير، لمحبتها ودعمها المستمر، ولم ولن انسي كلماتها التي القتها بحفل تأبين أسامة العام الماضي.
- واتوجه بجزيل الشكر إلي الكاتب سليمان شفيق علي كل ما بذله من اجل أسامة ومتابعته المستمرة ومحبته له، ادام الله حضورك.
- أتوجه بجزيل الشكر إلي كل من الكاتب الصحفي حسام السويفي والمستشار شريف رسمي، والكاتبة الصحفية مريان ناجي، على متابعتهم واهتمامهم في تلك الفترة العصيبة.
- أتوجه بجزيل الشكر إلي الدكتورة ماريان جرجس والدكتور مينا قليني والدكتورة مريت سامح، علي متابعتهم الطبية، واهتمامهم ومحبتهم طيلة هذه الفترة.
أتوجه بالشكر بجميع الأحباء الذين كانوا يصلون من أجل أسامة الذين حزنوا على رحيله، أشكر كل من كانوا يتصلون بي ويطمئنون عليه في هذه المحنة، أتوجه بجزيل الشكر إلى كل من كتب كلمة في حق هذا الفارس، وأشكر كل المواقع وكل الجرائد التي شاركت في هذا اليوم منذ عامين بنعيه.