في مدح الرسول هامت الأرواح عشقا في النبي المرتجى شفاعته وتألقت الحناجر وصدحت بذكر المصطفى طب القلوب المعطرة سيرته، فعلى ضفاف نهر من الحب نبتت البذور الأولى للإنشاد الديني لما تغنى صحابته بقصائد حسان بن ثابت شاعر الرسول، ثم تواصلت القصائد والمدائح حتى تشربت القلوب هذا الفن الناشئ فتغلغل في التراث الشعبي.. بعد المديح فى "المكمل أحمد أبو درب سالك" تبدأ السير والملاحم وبـ"ما يحلى الحديث إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام" تبدأ القصص والحكايا وكل هذا "لأجل النبي" فيا خير خلق الله مدد.
بين متلقٍ ترهف آذانه لسماع مدائح النبي المشفع، وملقٍ يفيض قلبه حبا وعشقا تمتلئ الساحات بالمدح والإنشاد احتفالا بمولده كل عام، فعلى مدار العام يستعد المنشد الديني والشعراء والملحنون لتقديم الأناشيد والقصائد للعامة حتى تحيي هذه الذكرى العطرة التي تتمتع بخصوصية كبرى في قلب كل مسلم.
وفي هذه المناسبة المباركة تفتح البوابة ملف الإنشاد الديني وتحاور عددا من عمالقة ومواهب هذا الفن للوقوف على آخر تطوراته وطموحاته، وللبحث عن التغيرات التي حدثت في ظل انتشار العديد من وسائل التواصل.
نقيب المنشدين: مدرسة الإنشاد قدمت الكثير من المبدعين وأحلم بمركز ثقافي كبير يستضيف كل منشدي العالم، يدرس فيه الإنشاد وتقام فيه الحفلات
ولد الشيخ محمود ياسين التهامي في بيت يفيض بالإنشاد الديني، ذلك الفن الذي يعد والده قطبا من أقطابه، ورمزا من رموزه في مصر والعالم الإسلامي، لكن محمود لم يكتف باقتفاء أثر والده، حيث سعى بكل جهده في خدمة هذا الفن ليصل به إلى العالمية، ويشارك في أعمال عالمية مع فنانين عالميين منها مشاركته في "السيمفونية الثلاثية" التي حازت العديد من الجوائز العالمية، فلم يكن ذلك الشاب الذي ورث المهنة من أبيه بل كان له طموح بعيد ورؤية مختلفة.
قدم الشيخ محمود التهامي الكثير للإنشاد الديني بإنشائه مدرسة الإنشاد وقيادته لنقابة المنشدين ليؤسس أول مدرسة للإنشاد الديني بمناهج واضحة وأسس ثابتة.
وأجرت «البوابة نيوز» لقاء مع الشيخ ياسين التهامي، للتحدث عن الإنشاد الديني وعن فرصه وتحدياته وطموحاته لهذا اللون من الفن.
وأكد الشيخ محمود التهامي نقيب المنشدين أن مدرسة الإنشاد تقوم بدور مهم في تأهيل وتطوير المنشدين الموهوبين، وذلك من خلال منهج فريد يهدف إلى تكوين منشدين مثقفين ومحترفين، وعن الدراسة في مدرسة الإنشاد، فقال: يبدأ المسار التعليمي بعد اجتياز المنشد الموهوب للاختبار الذي يساعدنا في تقييم مهاراته وقدراته. ثم نبدأ في تعليمه التواشيح ودراسة المقامات التسعة الأصول، وهي جوانب أساسية للإنشاد الديني، كذلك نسعى أيضًا لزيادة المعرفة النظرية للمنشد من خلال تقديم دروس نظرية في تاريخ الإنشاد، ونقدم لهم تدريبًا على الهارموني وفن الصولفيج، وهذا يساعد في تنمية مهاراتهم وتحسين أدائهم.
وأضاف نقيب المنشدين أن البرنامج ينتهي بإجراء اختبار للتحقق من تقدم المنشد واستعداده لأداء متقن، ثم نقدمه للجمهور في حفلة تخرج تعبر عن تطوره وتقدمه، كذلك دورنا في دعم المواهب يمتد أيضًا إلى رعاية الشباب الموهوبين وتوجيههم وتقديمهم في برامج التليفزيون وتنظيم حفلات لهم. فنحن نعتبر أن دعم المواهب وتوجيهها هو جزء مهم من مهمتنا، ونسعى جاهدين لدعم الفنانين الصاعدين ونشجعهم على تحقيق أقصى إمكاناتهم في عالم الإنشاد الديني.
وأشار التهامي إلى أن مصر بطبيعتها رائدة في هذا المجال حيث يوجد فيها الفن والإذاعة والقرآن والمدارس الإنشادية من زمن بعيد فبطبيعتها هي ولادة، كما أن مياه النيل والحضارة لها دور في بناء الموهبة المصرية، لكن الإنشاد الديني تغير فلم يعد يعتمد على الموهبة فقط بل أصبح يعتمد على الموهبة والشكل والدراسة والعلاقات والإمكانيات، فهناك أشياء تدخلت في الإنشاد الديني، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح والموهبة تفرض نفسها في الآخر.
وأوضح نقيب المنشدين أن المدارس القديمة كان يساعدها وجود جمهور ذواق ومثقف لكن المدرسة الحديثة فهناك فنون كثيرة تشتت الجمهور، ونحن نحاول عمل فروع للإنشاد الديني، مثل الابتهال والإنشاد ببطانة والإنشاد التراثي والإنشاد الحديث، وكل ذلك لاستقطاب لجمهور أكبر لأن الانشاد لابد أن يخاطب كل الفئات العمرية وخطاب الإنشاد، كما أن مدرسة الإنشاد تستقبل المنشدات وتخرج منها فنانات تضاهي الرجال في الفن والإبداع والثقافة والفكر.
وعن تطلعاته في مجال الإنشاد قال: طموحاتي إن ربنا يوفقني من خلال مؤسسة بيت الإنشاد اللي منها تفرعت مدرسة الإنشاد يكون عندي مهرجانات عالمية للإنشاد الديني يكون عندي مركز ثقافي كبير يستضيف كل منشدي العالم وننظم كل سنة مؤتمرا إنشاديا نقف على تطور فن الإنشاد في العالم ونضع أهدافنا وطموحتنا، يكون هذا المركز مخصصا لدراسة وتخريج المواهب نهارا وليلا يكون متخصصا في الحفلات والندوات.
الهلباوي: الإنشاد في حب سيدنا النبي من مسببات السعادة ومفاتيحه المصداقية في الأداء والمناجاة
وقال الفنان على الهلباوي، في حديثه لـ«البوابة نيوز»، إن المصداقية في الأداء والمتعة في مناجاة المولى عزوجل والإنشاد في حب سيدنا النبي وآل البيت، لهم سر خاص في الحياة كمسببات للسعادة والصدق، وعن النشأة في منزل اعتبره مدرسة المشايخ، التى علمت كبار الفنانين، وعبد الوهاب وأم كلثوم تعلموا على يد شيخ، وعبد الوهاب تعلم على يد الشيخ على محمود، وأم كلثوم تعلمت على يد الشيخ أبوالعلا محمد، أثرت النشأة عليّ شخصيا في العلم، فقد علمني الشيخ الهلباوي كيف أتعلم وما زلت أتعلم، وكذلك الاتقان في اللغة والنغم الموسيقي والمقامات والتصوير النغمي للنص، وتعلمت على يد مدرسة المشايخ ماتعلمونه أعلام الغناء في مصر.
وأضاف أن هناك أصواتا جيدة تسير على نفس خطى المشايخ، بحكم وجودي في لجان تحكيم مسابقات إبداع في وزارة الشباب والرياضة وكذلك وزارة الثقافة وجدت الكثير من الشباب الذين يتعلمون من مشايخنا القدامي ويحملون الراية، بالإضافة لمدرسة الإنشاد الديني التى أنشأها الشيخ محمود التهامي فقد أنتجت عددا كبيرا من المنشدين والأصوات الرائعة، وحينما أجد صوتا شابا يريد التعلم لا أبخل عليه بما أعطاني الله من علم.
وتابع كل مجال في مصر له مواصفات خاصة، ولكنني أرفض موسمة الدين، فنجد الناس تلتف حول الدين في المناسبات الدينية فقط، والتريندات وما على شاكلتها يجب أن تركز على حفظة القرآن والمنشدين، بدل مما يحدث من تهريج وسخف من أجل المال، يجب أن نفكر في الآخرة وما الذي نقوله لله يوم الحساب، والفن يجب أن يراعي المصداقية في الذوق العام لنربي أولادنا بشكل جيد، وأناشد وسائل الإعلام بالتركيز على المنشدين والقراء مثل مايحدث في مسابقة الشارقة في دبي، ومصر حققت بها مراكز متقدمة، والشباب والرياضة مشكورة تقدم مسابقات جيدة في مجالات الإنشاد والقراءة.
ويحكي الهلباوي عن تجربة توضح كيف ينظر المنشدون لمصر بأنها رائدة لهذا الفن فيقول كنت في الهند قريبا والتقيت شابا سعوديا اسمه مهند وشابا إماراتيا وهما منشدان يمثلان بلديهما في المهرجان وأول الحديث في كلامنا معا، قال لي الشاب الإماراتي تعلمت على يد الشيخ الهلباوي رحمه الله من خلال فيديوهات التعليم على الإنترنت، بينما الشاب السعودي قال إنه تعلم على يد الشيخ محمد عمران رحمه الله من خلال التسجيلات السابقة، وسلكا الطريق من خلال سماعهما للمشايخ المصريين، وتعلما علم النغم والمقامات للوصول لأسلوبهم والأداء، وبالتالي مصر ستظل رائدة في علم الإنشاد الديني
وأشار الهلباوي إلى الفارق الكبير بين الإنشاد قديما وحديثا وخاصة أنه فارق زمني من 1917 حتى نهاية التسعينيات كان الأسلوب متشابها في الإنشاد والابتهال والتواشيح، وما زالت إذاعة القرآن محتفظة بالنهج القديم، ولكن الجديد هو التراكيب الموسيقية والإضافات المختلفة والمزيكا الغربية، للوصول إلى طبقات جديدة لم تكن تسمع الإنشاد من قبل، وهو من مراحل التطوير التى اتبعها الشيخ الهلباوي، ونعمل على التطوير مع الاحتفاظ بالهوية الوطنية في الأداء.
مصطفى النجدي: مصر رائدة في الإنشاد الديني وأتمنى أن يكون معترفًا به طوال العام، وليس فقط في المناسبات الدينية
في عالم الفن والموسيقى الدينية، يبرز الفنان مصطفى النجدي كواحد من أبرز رموز الإنشاد الديني في يومنا هذا. حيث يقدم أداءً مميزًا ورائعًا في مجال الإنشاد الديني، وهو محفظ بفرقة الإنشاد الديني بدار الأوبرا المصرية. في هذا السياق، قام النجدي بمشاركة تفاصيل رحلته الفنية وآرائه حول تطور الإنشاد الديني في مصر والعالم العربي.
بدأت رحلة مصطفى النجدي مع الإنشاد الديني في عام 1997 بعد دراسته في معهد الموسيقى العربية، حيث أكمل تعليمه الموسيقي واكتسب المهارات الأساسية التي تمكنه من أداء الإنشاد الديني ببراعة واحترافية. ثم انضم إلى فرقة الإنشاد الديني بدار الأوبرا المصرية، حيث قام بحفظ مجموعة كبيرة من الموشحات والأناشيد الدينية المختلفة التي تعكس تنوع التراث الديني في مصر.
تجسد رحلة النجدي تطورًا ملحوظًا في أسلوب الإنشاد الديني على مر الزمن. وبفضل خبرته العميقة وثقافته الموسيقية الواسعة، يعكف النجدي على توجيه رسالة إيجابية تعكس الجانب الروحاني للموسيقى الدينية. يؤمن النجدي بأهمية تقديم الإنشاد الديني بأسلوب يلامس قلوب الجمهور ويثري تجربتهم الدينية.
من جانب آخر، يلاحظ النجدي التحولات التي شهدها مجال الإنشاد الديني في عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. يشير إلى أن هذه التقنيات قدمت فرصًا جديدة للإنشاد الديني من خلال سرعة الانتشار ووصول الأعمال الدينية إلى جمهور أوسع. ومع ذلك، يشير إلى أن هذا التطور أيضًا جاء بتحديات، حيث يجب مواجهة غزارة الإنتاج الفني والتأكد من أن الأعمال الدينية تحمل القيم الروحانية والثقافية العميقة.
وفيما يتعلق بالمكانة الريادية لمصر في مجال الإنشاد الديني، يشدد مصطفى النجدي على أن مصر تعتبر واحدة من أهم الدول الرائدة في هذا المجال. يعزى هذا التفوق إلى تنوع التقاليد الدينية والثقافة العميقة في مصر. ويرى أن الفنانين المصريين لديهم تراث غني من الإنشاد الديني ويتبعون مدارس إنشادية متنوعة، مما يجعل مصر رائدة في هذا المجال.
بالنسبة للتغيرات في الإنشاد الديني بين القديم والحديث، يشير النجدي إلى أن هذه التغيرات تشمل القالب وأسلوب الأداء. في الماضي، كان الإنشاد الديني غالبًا عبارة عن مدائح وابتهالات مطلقة بلغة عربية فصحى، وكان معظم المبتهلين قراءً للقرآن الكريم. ومع مرور الزمن، أصبح الإنشاد الديني يشمل غناء دينيا يختلف قليلًا عن الغناء العادي، باستثناء نوعية الكلمات والمضامين التي تحملها الأعمال الدينية.
أخيرًا، يطمح مصطفى النجدي إلى تعزيز انتشار الإنشاد الديني بشكل أوسع، وأن يتم التعرف عليه طوال العام، وليس فقط في المناسبات الدينية. يأمل أيضًا في أن تسلط وسائل الإعلام الضوء على هذا القالب الفني المهم والمؤثر. ومن خلال التزامه بالتطوير المستمر لمهاراته وعمله الفني، يسعى النجدي لتقديم أعمال إنشادية تلهم وتلامس قلوب الجمهور، مما يسهم في إثراء التجربة الدينية والثقافية للمستمعين.
أحمد البربري: إذاعة القرآن الملهم والمعلم الأول لكل منشد.. والإنشاد يشهد تقدما كبيرا في السنوات الأخيرة
يعتبر المنشد أحمد البربري واحدًا من عشاق الفن والإنشاد الديني الذي نجح في تحويل هذا الشغف إلى مهنة ومسار فني مشرف. تجسد رحلته الفنية التي انطلقت من حبه لتلاوة القرآن الكريم في مرحلة الصبا إلى تطور مذهل في مجال الإنشاد الديني. في هذا السياق، شارك البربري تفاصيل رحلته وآرائه حول حالة الإنشاد الديني في مصر والتقدم الذي شهده في السنوات الأخيرة.
بدأت شغف أحمد البربري بالإنشاد الديني منذ نعومة أظفاره عندما كان يستمع إلى تلاوات القرآن الكريم في منزله. يعتبر إذاعة القرآن هو المعلم الأول والمصدر الملهم لكل منشد، وهذه اللحظة الأولى هي التي أشعرته بشغفه العميق نحو هذا الفن.
قال البربري: "بدأت رحلتي التعليمية في مدرسة نور ونغم، وهي مدرسة تعنى بتعليم الإنشاد الديني بإشراف الفنان علي الهلباوي ومجموعة من الأساتذة المتخصصين. هناك، درست العديد من المفاهيم والتقنيات الفنية الأساسية، مثل المقامات والإيقاعات، وزدت من معرفتي بفن الإنشاد."
وتابع البربري رحلته الفنية قائلًا: "في عام 2016، انضممت إلى مدرسة الإنشاد الديني بقيادة الشيخ محمود التهامي، وهذه الخطوة كانت حجر الزاوية في تطوري الفني. هناك، تعلمت من الشيخ طه الإسكندراني والمايسترو مصطفى النجدي، محفظ دار الأوبرا المصرية. ومن هذه المدرسة، تأثرت بالعديد من المشايخ والمعلمين وتخرجت بترتيب الأول في الدفعة الثالثة التي أُطلق عليها اسم الشيخ ممدوح عبد الجليل."
تحدث البربري عن تأثير المشايخ والمعلمين في رحلته الفنية، مشيرًا إلى أهمية تلقي التعليم والإرشاد منهم. قال: "تأثرت بشكل كبير بالمشايخ مثل الشيخ محمد الهلباوي والشيخ محمد عمران والشيخ طه الفشني والشيخ علي محمود. كانوا مصادر إلهام لي بالإضافة إلى ذلك، استفدت كثيرًا من تلاوات المشايخ الكبار مثل تلاوة الشيخ المنشاوي وتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البنا والشيخ الحصري."
حول تنوع الإنشاد الديني في مصر، أوضح البربري: "الإنشاد الديني في مصر يعتبر غنيًا ومتنوعًا للغاية. هناك اختلافات كبيرة في الأساليب والأصوات، وهذا التنوع يظهر بوضوح في إنشاد بردة الإمام البوصيلي مثلا فهي تُنشد بأشكال متعددة حسب المنطقة. كل منطقة لها خصوصيتها وبصمتها الخاصة في فن الإنشاد، ولهذا السبب يُعتبر مصر الرائدة في هذا المجال."
وفي الختام، تحدث البربري عن التحديات التي يواجهها المنشدون في العصر الحالي، مشيرًا إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا على هذا الفن التقليدي. قال: "نعيش في زمن الترند، ونحن نعمل بجد لنقدم فنًا راقيًا ونعمل على تطوير أنفسنا باستمرار. ليس من المناسب أن نلوم الجمهور على عدم وعيهم، بل نسعى جاهدين لتوعيتهم وتثقيفهم حول قيمة هذا الفن الجميل. في النهاية، قاعدة المنشدين تتوسع ونحن نعمل بلا كلل على تعزيز هذه القاعدة ونشر فن الإنشاد الديني في كل مكان."
زكريا سيف: الإنشاد الآن به العديد من القوالب الجديدة.. والسوشيال ميديا تحدٍ كبير للمواهب
زكريا سيف ، المنشد والمبتهل الشاب الواعد، يُعتبر واحدًا من الأصوات الواعدة في عالم الإنشاد الديني. يمتلك حسًا فنيًا رائعًا ينقل به المعاني والحب كأنك تشعر بها في قلبك قبل أن تصل إلى أذنيك.
بدأت اهتمامات زكريا سيف بالإنشاد الديني منذ صغره، حيث كانت والدته دائمًا تستمع إلى شرائط للشيخ سيد النقشبندي، وغيره من عمالقة الإنشاد الديني، هذا الاهتمام المبكر بالموسيقى الدينية أثر بشكل كبير على تفكيره وشكل مصدر إلهامه لاحقًا.
تجربته الفعلية في الإنشاد بدأت عندما انضم إلى مدرسة الإنشاد الديني قبل حوالي إحدى عشرة سنة. من خلال هذه المدرسة، تمكن ذكريا من فتح أبواب عالم الإنشاد أمامه، حيث بدأ في تطوير مهاراته وموهبته بشكل ملحوظ.
وفيما يتعلق بالتغيرات في عالم الإنشاد الديني، أشار زكريا إلى التحولات في القالب وأسلوب الأداء. في الماضي، كان الإنشاد الديني يتميز بالمدائح والابتهالات بلغة عربية فصحى، وكان المبتهلون غالبًا قراءً للقرآن الكريم. لكن مع مرور الزمن، شهد الإنشاد تحولًا نحو شكل يشبه الغناء العادي ببعض التفاصيل في الكلمات، مما أثر على مستوى الإبداع والتنوع في هذا المجال.
أما بالنسبة للإنشاد في زمن الترندات ووسائل التواصل الاجتماعي، فأكد أن هذه الوسائل قد أتاحت فرصًا كبيرة للمنشدين الشبان للتعبير عن مواهبهم والوصول إلى جمهور أوسع. إنها فرصة للعرض والتحدي في الوقت نفسه، حيث يجب على الفنانين الشبان العمل بجد وابتكار لتقديم أعمال تلامس ذائقة الجمهور وتتفاعل مع تطلعاتهم.
يتطلع زكريا سيف إلى تعزيز انتشار الإنشاد الديني بشكل أوسع طوال العام، وأن يصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس، وليس مقتصرًا على المواسم الدينية فقط. يتمنى أيضًا أن تلقى الفنون الدينية اهتمامًا أكبر من وسائل الإعلام لإبراز قيمتها وأهميتها في المجتمع. يعكس تفانيه وعشقه لهذا الفن الجميل ويعمل جاهدًا على نشره بين الشباب والجمهور بشكل عام.