الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الاعداد الخاصة

مسرح مديح سيدنا النبي.. روحانيات وذكر وبهجة وإبداع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إن المسرح حالة دينية ولدت بمطالب أخلاقية، فهو وسيلة من وسائل التغير في المجتمعات، وقد لعب المسرح الإسلامي في الماضي دورًا فعالًا وبارزًا في تثقيف الناس، فالأدب المسرحي الإسلامي سلاح للدفاع عن التاريخ الإسلامي بأسلوب حضاري معاصر، فهو فن يدعو للأمل والفعل الإيجابي، الذي ينهض بالمشاعر والفكر إلى مرحلة الصلاح والبناء.

 المسرحية الدينية ثقافة ربانية إنسانية منفتحة

وتحمل المسرحية الدينية ثقافة ربانية إنسانية منفتحة، والصراع فيها أخلاقي واقعي بين الحق والظلم، وبين الروح والمودة، وبين الغواية والهداية، والتي تسمو بالإنسان جسدًا وروحًا مع ترسيخ القيم الأصيلة في سبيل تحقيق الخير والنماء، والحق والعدل، والحرية والجمال، والتشديد على الرسالة في بناء الشخص حضاريًا وتوعيته أخلاقيًا.
وبمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، كان المسرح حاضرًا بقوة في جميع المناسبات والاحتفالات الدينية، فقدمت بعض المسرحيات التي تناولت السيرة العطرة للمصطفى صلى الله عليه وسلم، وقيم الرسائل التنموية والتوعوية التي تُحدثنا دائمًا عن سيرته، وآل البيت والصحابة والأنصار الأطهار، وكيف كان النبي مهمومًا بالشباب ويضعهم نصب عينيه، والإيمان بهم وجعلهم يضطلعون بمراكز قيادية وحيوية في حياة الأمة، فإننا نسير على هداه ونقتفي أثره، وفي السطور التالية نستعرض بعض الأعمال التي تناولت سيرة النبي، وأحفاده وشبابه.

الحسين ثائرا وشهيدا
كانت أروع ما كتبه في المسرح "الحسين ثائرا"، و"الحسين شهيدا"، والتي حلم رائد المسرح الشعري عبدالرحمن الشرقاوي بتجسيدها على خشبة المسرح، لكن فتوى الأزهر منعت العرض من تقديمه 1972م، فهما يجمعان بين عظمة الشعر والدراما سويًا، ومستندة من الواقع، فقد قام الفنان كرم مطاوع بإخراج العرض المسرحى "الحسين ثائرا"، لكنه قدمها فى صورة بروفات لمدة 30 يومًا.
انتظر "الشرقاوي" كثيرًا أن يرى أشهر أعماله المسرحية "الحسين ثائرا وشهيدا" أمام عينيه قبل وفاته، هذا العمل الذي أخرجه الفنان الراحل كرم مطاوع على خشبة المسرح القومى في عام ١٩٧٢، ليتحقق حلمه، لكن قابله الأزهر الشريف بفتوى تسببت فى عرقلة استكمال مسيرة هذا الحلم الذى يرى النور على خشبات المسرح، فى حين أن العمل يتناول مسيرة وشخصية الإمام الحسين ومكانته فى الإسلام، بالإضافة إلى ثورته الإصلاحية تجاه أمته، ورسم واقعة استشهاد الحسين رضى الله عنه، كأننا نحياها الآن حين نقرأ هذا النص، وكأنه يأخذنا فى رحلة لآلاف السنين نرى بأعيننا فيها، كيف استشهد الحسين رضى الله عنه، إلا أن للأزهر الشريف رأيا آخر، عندما قرر مجمع البحوث الإسلامية، اعترض على ظهور العشرة المبشرين بالجنة وآل البيت فى الأعمال الفنية، إلا عن طريق راوٍ فقط، والأزهر الشريف لديه حساسية شديدة من ظهور الشخصيات الإسلامية، وطلب عدم ظهورهم فى الأعمال الفنية أو المسرحية حتى أصبح هذا العمل معقدا للغاية.
ومن نص أبيات "الحسين ثائرا وشهيدا"، يقول الشاعر عبدالرحمن الشرقاوي: "فلتذكرونى عندما تغدو الحقيقة وحدها حيرى حزينة/ فإذا بأسوار المدينة لا تصون حمى المدينة/ لكنها تحمى الأمير وأهله والتابعين/ فلتذكروني عندما تجد الفصائل نفسها/ أضحت غريبة/ وإذا الرذائل أصبحت هى وحدها الفضلى الحبيبة/ وإذا حكمتم من قصور الغانيات ومن مقاصير الجوارى فاذكروني/ فلتذكرونى حين تختلط الشجاعة بالحماقة/ وإذا المنافع والمكاسب صارت ميزان الصداقة/ وإذا غدا النبل الأبى هو البلاهة/ وبلاغة الفصحاء تقهرها الفكاهة".
ويعد العمل من المسرحيات الممنوع تقديمها على خشبة المسرح المصري، أو مجرد التفكير أو التلميح بتقديمها، وذلك من قبل صناع المسرح التي تجد فتاوى الأزهر بمنع تقديمها كالأمطار التى تندلع من قبل شيوخ وأئمة الأزهر الشريف، ذلك الأمر الذى لم يتوقف عنه المخرج كرم مطاوع بعد أن أجرى بروفات العرض كاملة، وأصبح جاهزًا لتقديمه على خشبة المسرح القومي، فقد واصل "مطاوع" تقديم العرض في صورة بروفات يومية لمدة ٣٠ يومًا فى إطار اكتمال كل العناصر المسرحية من الديكور، والموسيقى، والإضاءة، والملابس، وسينوغرافيا العرض، دون فتح شباك التذاكر، وقد شارك البطولة كل من كرم مطاوع، وعبدالله غيث في دور "الحسين"، وأمينة رزق في دور "السيدة زينب"، ويوسف وهبى في دور "وحشي"، وعبدالرحمن أبو زهرة، وحمزة الشيمي، في حين حاول الفنان الراحل نور الشريف، تنفيذ هذا العمل لكنه فشل، وأيضا الفنان أحمد ماهر الذى قام بتجسيد شخصية "الحسين"، لكن الرقابة منعت تنفيذ العرض مؤكدا أنه لا يحق أى جهة الاعتراض على تجسيد شخصية "الحسين" في حين عرض "السيدة مريم"، و"يوسف الصديق" على الشاشات العربية الفضائية فلا مانع من ذلك، ولكن فشل أيضًا.
في حين حاول المخرج محمد الخولي، تقديم هذا العمل، لكنه لم يحالفه التوفيق بسبب رفض الأزهر لتقديمه، والمخرج جلال الشرقاوى قد حاول إخراج هذا العمل، وقدم طلبا مكتوبا للأزهر الشريف لمناقشة فتوى الرفض بشأن هذا العمل، وقد طلب شيخ الأزهر مقابلته للحديث حول هذه المسرحية، مما أثار جدلا بين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية بين المؤيد والمعارض، لكن توصلت النتيجة فى النهاية إلى عدم تنفيذ العمل.

مسرحية الحسين ثائرا وشهيدا

شباب في عين الرسول
يجمع العرض المسرحي الغنائي الاستعراضي "شباب في عين الرسول"، الذي قدمته الفرقة الغنائية الاستعرضية، التابعة للبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية، على خشبة مسرح البالون في 31 مايو عام 2018، إلى جانب المديح والإنشاد، التمثيل والفنون الاستعراضية أيضًا، وذلك تأكيدًا لأزكى معاني الحب والرعاية التي أولاها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه للشباب الذين بادلوه الحب بالحب، فعلى كلمات "الشباب فجر الحياة"، التي تغنى وأنشد بها المنشد أحمد الكحلاوي، في بداية العرض الفني الذي يدور حول دور الشباب وأهميته في حياة الرسول وهم شباب المسلمين الذين تربوا في رحاب رسول الله، وكيف عودهم على طاعة الله كأسماء بنت أبي بكر الصديق، ودورها في هجرة الرسول من مكة إلى المدينة، وكذلك معوذ ومعاذ ابنا عفراء ودورهما في غزوة بدر رغم صغر سنهما وقضائهما على أبي جهل واستشهاد معوذ على يد عكرمة بن أبي جهل، إضافة إلى الصحابي أسامة بن زيد بن حارثة أصغر قائد للجيش في عهد الرسول، وكذلك أول مولود في الإسلام عبدالله بن الزبير بن العوام، وأيضًا عبدالرحمن بن عوف، أحد كبار قادة المسلمين، ومن السابقين الأولين في الإسلام، وغيرهم من الشباب، فيهدف العمل إلى حث الشباب في وقتنا الراهن للاقتداء بالشباب الذين كانوا حول النبي صلى الله عليه وسلم في الاجتهاد والتضحية حتى يتسنى تحقيق التقدم والرقي في المجتمع.
تناولت المسرحية شخصيات عدة، ونموذجا للشباب الذي تربى على يد الرسول (ص)، وقدم العمل مزجًا بين الحاضر والماضي من خلال عائلة مكونة من أب، وأم، وولد، وبنت، والخال الذي يقدمه الفنان أحمد عبدالوارث، ويحكي عن لسانه الحكايات التي تحدث، ويرويها الراويان أحمد ماهر، ومديحة حمدي، التي روت شخصية الصحابي والفارس الشاب "أسامة بن زيد بن حارثة"، وقت ما كان أصغر قائد للجيش في عهد الرسول، ومواقفه عقب توليه قيادة الجيش إلى أن استشهد، فهو نجل زيد بن حارثة الكلبي، الذي كان مولى عند النبي صلى الله عليه وسلم، والمُلقب بـ"حِبي رسول الله"، وأمه أم أيمن رضى الله عنها، التي كانت حاضنة لرسول الله وهو صبي، وإحدى المناضلات مع الرسول في المعارك الكبرى، نشأ "أسامة" وتربي في أحضان الإسلام، وكان ملازمًا للنبي منذ صغره، وأحبه كثيرًا، وفي صحيح البخاري أن النبي كان يقرب منه "أسامة"، و"الحسن"، و"الحسين" ويدعي لهما قائلا: "اللهم أحبهما فإني أحبها" فأمر النبي الصحابة بحب أسامة بن زيد، لأنه كان ذكيًا شجاعًا وحكيمًا، وفي السنة الحادية عشرة من الهجرة أمر النبي بتجهيز جيش لغزو الروم في الشام بعد وفاة زيد بن حارثة، وجعل فيه أبا بكر، وعمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبا عبيدة بن الجراح وغيرهم، وأمر على الجيش أسامة بن زيد، وهو لم يتجاوز العشرين من عمره، ورجع "أسامة" حاملا راية النصر وشارك في فتوحات كثيرة، حتى ظل أسامة ما امتدت به  الحياة موضع إجلال المسلمين وحبهم وفاءً لرسول الله.


وكذلك روى الفنان أحمد ماهر شخصيتين من شباب الرسول وهما: "معوذ" و"معاذ" ابنا عفراء، موضحا دورهما في غزوة بدر، رغم صغر سنهما، وقضائهما على أبي جهل، واستشهاد معوذ على يد عكرمة بن أبي جهل، لأنه آذى الرسول.
وقدمت الفنانة إيمان إمام شخصية "أسماء بنت أبي بكر" رضي الله عنها، والمُلقبة بـ"ذات النطاقين" التي كانت من أوائل المُسلمات في سن صغيرة، وأحد النماذج الشابة في عهد النبي، إضافة إلى دورها البارز في هجرة الرسول من مكة إلى المدينة، ويرجع تسميتها بذات النطاقين، لأنها صنعت للرسول وأبيها أبي بكر يوم هاجرا إلى المدينة زادًا وأعدت لهما سقاءً، فلما لم تجد ما تربطهما به شقت نطاقها شقين، فربطت بأحدهما مزودًا وبالثاني السقاء، فدعا لها النبي أن يبدلها الله منهما نطاقين في الجنة، فهي تعتبر قدوة حسنة للشباب في وقتنا الحالي في كثير من سلوكياتها خاصة في الجلد، والصبر، والمثابرة على العمل، والتصدق في سبيل الله ومؤازة الإسلام بشتى الصور.
بينما جسد الفنان أحمد الشريف شخصية "عبدالرحمن بن عوف"، والذي يعد أحد كبار قادة جيش المُسلمين والصحابة العشرة المُبشرين بالجنة، وأيضًا من السابقين الأولين في الإسلام، فكان له منزلة كبيرة عند عمر بن الخطاب، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين اختارهم الفاروق عمر لاختيار الخليفة من بعده، فقد شهد عبدالرّحمن بن عوف غزوات بدر، وأحد، والخندق، وبيعة الرضوان، وفتح مكة، والمشاهد كلها مع النبي.
وأيضا شخصية "عبدالله بن الزبير بن العوام" الذي قدمها الفنان أحمد عزمي، وكيف ذبح على باب الكعبة من قبل بن يوسف الثقفي، لأن بن الزبير كان يريد أن يحقق رغبة النبي بأن تهدم الكعبة ويعاد بناؤها بدخول حجر سيدنا إسماعيل بداخلها، ففهم ذلك خطأ بأنه يعتدي على المقدسات فكان شهيدًا في سن صغيرة، حيث قدم العمل جانبا آخر في شخصية "عبدالله" أول مولود في الإسلام، وما مر به من مواقف وتضحيات في سبيل الدفاع عن الإسلام ونشر الرسالة المحمدية، فكان والده الزبير بن العوام حواري رسول الله، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأمه أسماء بنت أبي بكر "ذات النطاقين"، وجده لأمه أبي بكر الصديق خليفة رسول الله، وخالته عائشة أم المؤمنين، فقد نشأ "عبدالله" في بيت النبوة، وكان أحب خلق الله إلى خالته عائشة بعد رسول الله، اصطحبه والده معه إلى البلاد النائية ليحضر المعارك ويشهد الفتوحات منها "اليرموك" من المدينة إلى بلاد الشام، وتعد أعظم معركة في تاريخ الإسلام، ولم يتأخر "عبدالله" عن أي غزوة غزاها الملسمون منذ غدا أهل حمل السلاح، وكان في كل معركة خاضها المسلمون أثر يذكر فيشكر، ولقد أكرمه الله فحظى فوق مزاياه كلها بسمو التقوى وطهر الصلاح.
والعرض من بطولة مداح الرسول د.أحمد الكحلاوي، ومديحة حمدي، وأحمد ماهر، وأحمد عبدالوارث، ورضا إدريس، وإيمان إمام، وأحمد عزمي، ولبني الشيخ، وأحمد الشريف، وهادي خفاجة، وسيد عبدالرحمن، وسحر عبدالله، والعمل فكرة وإنشاد وألحان د. أحمد الكحلاوي، تأليف وأشعار سراج الدين عبدالقادر، وإخراج صلاح لبيب.

عرض شباب في عين الرسول

أوبريت الليلة المحمدية
وفي العام 1990م، قدم المخرج جلال الشرقاوي أوبريت "الليلة المحمدية" السادسة، والذي بثته إذاعة جمهورية مصر العربية في حفلها بذكرى المولد النبوي الشريف، هذا الأوبريت يعد استعراضًا متكاملًا تنتظم فيه اللوحات الشعرية، والتمثيلية، والغنائية، والذي يُحييها نجوم الغناء والمسرح في مصر والعالم العربي، فيستلهم الأوبريت المعاني الإنسانية والقيم العظيمة، التي يجب أن نتمسك بها في هذه المرحلة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية، لتكون كما أراد لها الله خير أمة أخرجت للناس.
الأوبريت للشاعر عبدالرحمن الأبنودي، والملحن د. جمال سلامة، من شعر البردة محمد الأبنودي، وغناء محمد قنديل، وعفاف راضي، وزينب يونس، ومحمد ثروت، وياسمين الخيام، ومحمد الحلو، وسوزان عطية، والمطرب الكويتي عبدالله الرويشد، والمطربة وردة الجزائرية، ومن تمثيل الفنانين: محمد السبع، ونادية رشاد، ومديحة حمدي، وأشرف عبدالغفور، ومحمد وفيق، ومحمود الحديني، ولأول مرة النجمة الكويتية سعاد عبدالله، إخراج مسرحي جلال الشرقاوي، ونقلها للتليفزيون المخرج شكري أبو عميرة.

أوبريت الليلة المحمدية


كأنك تراه
قدم المخرج ماهر محمود، في العرض المسرحي "كأنك تراه" لفرقة الطليعة، التابعة للبيت الفني للمسرح، الذي عرض على مسرح الطليعة في عام 2017، السيرة العطرة لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، في إطار غنائي درامي، يناقش من خلالها قضايا المجتمع، وبعض المشاكل المعاصرة الملحقة بها، وذلك عن طريق قيم التسامح الديني الذي حس عليها رسول الله، وهذا ما يحتاج إليه المجتمع في الوقت الراهن، فلم يكتف العرض بمديح الحبيب المصطفى، إنما يطرح قضية مجتمعية قبل أن تكون دينية، كما يطرح تساؤلا مهما في حياتنا اليومية، وهو هل نتعامل في الحياة الدنيا وكأن المصطفى يرى أفعالنا ويقيمها؛ فالعرض من بطولة الفنانين: محمد يونس، وماهر محمود، وعلاء النقيب، وأمنية حسن، وسلمى هشام، وآخرون، ومن تأليف نسمة سمير.

مسرحية كأنك تراه

أحب سيدنا النبي
إحدى الروائع المسرحية لفرقة المصطفوية للمدائح النبوية، التي أسسها الشيخ مصطفى عبدالمجيد منذ أكثر من عشرين عامًا، وبقيادة الفنان حمدي أبو العلا، الذي أسهم في تطويرها، وتتكون من حوالي 75 شابا وفتاة من المنشدين، والمطربين، والممثلين، والملقين، فقد حاول "أبوالعلا" تقديمها في أحسن صورة تخرج في إطار جديد عما يقدم من إنشاد أو عروض دينية، وقد بكي الجمهور وتأثر بها، فهو يقترب من اللحظات التي تحمل التدفق العاطفي للحضرة أو حلقات الذكر.
فالعرض يتحدث عن أن "الحب" هو سيدنا النبي، وأن كل حب سببه حضرة النبي، فمن يحب سيدنا النبي لا بد أن يحب الكون بأكمله، ويحب كل شيء حتى التعامل مع الآخر سواء كان من دينك أم لا، والمهم أنك في النهاية كمسلم لا بد أن تكون محبًا للحياة وللآخر، ولا تكون عدوانيًا، فهذا العرض هو نموذج مثالي لفكرة تجديد الخطاب الديني، وتحقيقًا لدعوة النبي صلى لله عليه وسلم: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".
أتبعها عروض "فتح الفتوح"، و"لحظة صفا"، و"الملحمة المحمدية" وغيرها، قدمت على مسرح الغد، وأيضا الأماكن المفتوحة التاريخية والتراثية، فدائما يرتبط المكان التاريخي التراثي بالحالة الروحانية لتعانق العرض مع المكان وهذا يصنع حاله هائلة من الروحانية، ودائما لا يضع ديكورًا مصنوعًا، فقد وظف المكان جزءًا من العمل، فالمكان التراثي له لغة وحوار خاصان به، فهو يتحاور مع العرض ويصنع حالة من حالات المزج الجميل ما بين روحانيات المكان وروحانيات الأداء على خشبة المسرح سواء أكان في قصر الأمير طاز أو بيت السحيمي أو تحت الربع أو شارع المعز، فهو مخرج مغرم بهذه الأماكن، لأنها لها لغة خاصة.
ويقول أبو العلا: لقد أحببت في يوم من الأيام أن أمدح النبي، فكتبت "أحب سيدنا النبي"، حينها كان الفنان خالد جلال مديرًا لمسرح الغد، وبمجرد سماعه للكلمات انجذب لها وبدأ العمل فيها من اليوم التالي، وقدم العمل ونجح بشكل كبير، فكأني وجدت نفسي فعلا في هذه النوعية من العروض، وتوالت بعد ذلك عروض "فتح الفتوح سيدنا النبي"، و"لحظة صفا في رحاب المصطفى"، و"الأنوار المحمدية" وغيرها، وكلها لها سمة وشكل خاص بها عما يوازيها من أعمال أخرى لدى الآخرين، فتوجد بها الحركة، والأداء، والتمثيل، والشكل المسرحي الخالص، وليست مجرد إلقاء شعري من أوضاع ثابتة مثل الأمسيات الشعرية، فهي ليالٍ فاعلة، ويحمل كل عمل رسالة معينة مثل كيف كان رسول الله مع أزواجه؟ أو مع الشارع؟ أو مع الآخر؟ وهكذا.
وقد تعتبر هذه أفضل وسيلة لتغيير الخطاب الديني، والأكثر تأثيرًا، فإذا كان لدينا وعي كامل لكانت هذه الفرق تتجول بالجمهورية كلها، فالناس لديهم العاطفة الدينية وعندما تحدثهم بهذا الشكل يستقبلونك ويستوعبونك ويتعايشون معك.

أمسية أحب  سيدنا النبي