«عروسة.. حصان.. وجمل» أيقونات التراث الشعبي التي أشتهر بها المصريون للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فعلى مدار أكثر من 1000 عام حفرت هذه الموروثات مكانها بقلوب المصريين الذين ارتبطوا بها ولا يزالون يتمسكون بشرائها لمختلف الأسباب بما يضيف قيمة مجتمعية وثقافية وحفاظ على التراث.
كما أن الفن المصري عبّر على أهمية «عروسة المولد» في التعبير عن الحب بين المحبين حتى في أكثر الأفلام التي بها بعض القسوة، فلا ينسى أحد مشهد المولد بفيلم «شيء من الخوف» ما بين عتريس وفؤاده، عندما أراد «عتريس» الذي يمثل دوره الفنان محمود مرسي التعبير عن حبه وقربه، فأهدي فؤادة والتي تمثل دورها الفنانة شادية، عروسة المولد بلونها الأحمر.
استمرت هذه المظاهر للتعبير عن الحب حتى وقتنا الحالي، ودأبت الأسر خاصةً في الأوساط المتوسطة والشعبية على شراء عروسة المولد بشكلها المعاصر، حتى في الأسر ذات الطبقات الإجتماعية العليا والتي اتخذت أشكال معاصرة لعروسة المولد للتهادي منها الخشبية والبلاستيك.
«لازم أجيب عروسة المولد لخطيبة ابني» قالت أم أحمد أنها تشترى كل عام حلاوة المولد، لكن هذا العام مختلف فلقد حرصت على شراء عروسة المولد أيضًا لخطيبة ابنها ولكن بشكلها الحديث، والتي تتمثل في دمية كبيرة ترتدي فستان فرح، وأضافت «أم أحمد» أن شراء حلاوة المولد مع العروسة وإهدائها من العادات المتوارثة كموسم في المولد النبوي، ويجب الحفاظ عليها.
وتُبرز الباحثة دينا محمد ماجد في دراستها حول «عروسة المولد» أن أول من ابتدع فكرة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من خلال توزيع الحلوى هم الفاطميون، وكان الحاكم بأمر الله فى ذلك الوقت لا يسمح بإقامة حفلات الزواج إلا في المولد النبوي فكان أهل العروسين يتفننون في عمل الحلوى وتشكيلها على هيئة عروسة تيمنًا بالزواج وكانت تتميز باللون الأحمر.
وأوضحت أن فكرة الحلوى على شكل «الحصان» عبارة عن فارس يمتطي حصان إشارة إلى حفل جلوس الخليفة الأسبوعي، وهو يعبر عن رمز القوة والاحتمال والذكاء والاخلاص.
وأشارت الباحثة إلى أن ارتباط الناس بالعرائس والدمي ارتفع خلال مواسم مختلفة، حتى أصبحت عادة تعبر عن الحب والحياة ببساطة، ويظهر ذلك أكثر بين الفلاحين في القرى وبعض الطقات الشعب في المدن، وظل استخدام العروسة والحصان الحلاوة رمز مستمر فى المولد النبوي الشريف لعصرنا الحالي.
وعن طريقة عمل «عروسة المولد» وأوضح «أحمد جمال» بائع حلوى «العروسة والحصان والجمل»، لــ «البوابة نيوز»، أن خامة التصنيع للعروسة السكر لم تختلف منذ القدم وربما يضاف إليها سكر الجلكوز بدلًا من السكر لتوفير التكاليف، وأكد أن القوالب السليكون لا يمكن استخدامها في عملية التصنيع ولابد من الاعتماد على القوالب الخشبية التي تستخدمها بعض المصانع يدويًا حتى الآن.
وأشار «جمال» أن هناك طلب كبير على العروسة الحلاوة خاصةً في الأرياف ويتم تقديمها للأطفال للعب بيها وأكلها، حتى إنهم قد يستخدمونها بعد الاحتفال بالمولد في تصنيع أي حلويات يدخل بها السكر أو السكر الجلكوز، مثل الأرز باللبن والمهلبية.
وقال الحاج محمود فتحي إن هناك أشكال حالية معاصرة لعروسة المولد اختلفت عن ذي قبل، حيث اعتمد المصريين على العروسة الدمية في «المولد النبوي» للتهادي خاصة بين المخطوبين، مشيرًا إلى أن سعرها يعتبر في متناول الجميع، حيث يبلغ 125 جنيهًا. ولفت إلى أن العرائس الجديدة تحتوى على ثرايا للنور، وتختلف فساتينها مابين فستان الفرح الأبيض أو الفساتين الملونة.
وقال «حمادة» بائع العرائس وحصان المولد في شارع «باب البحر» بالعتبة، أن هناك أشكالا مختلفة تُطرح كل مولد، سواء حصان أو عروسة أو جمل، وتقبل الفتيات والشباب على شرائها، ولفت إلى وجود أشكال جديدة تعبيرًا عن المولد النبوي مثل «الجمل»، وهو شكل مجسم للجمل المعروف ويُصنع من الجلد أو القماش، بينما يصنع الحصان من القطيفة ويكسوه بعض الفرو والجلد، كما يوجد مجسم آخر باسم «عنتر وعبلة» عبارة عن حصان تمتطيه عروسة.
وأشار إلى أن عروسة المولد على شكل الدمية هي أكثر الأنواع مبيعًا، ويأتي الشباب أكثر الفئات المقبلة على الشراء، بسبب الهدايا بين المحبين والمخطوبين والمتزوجين، لافتًا إلى أن بعض الأهالي تشتري الحصان والعروسة لأطفالهم أيضًا؛ لإدخال الفرح عليهم وربطهم بمظاهر المولد. وحول أسعار الدمي على شكل الحصان أو الجمل، قال حمادة أنها تتراوح بين 50 جنيهًا للحجم الصغير وتصل إلى 120 جنيهًا للحجم الكبير.