الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

تجسيد الرسول والصحابة فنيا بين الرفض والقبول.. المنتجون يخافون من تهمة ازدراء رموز دينية.. حنان أبو الضياء: يجب استغلال السينما فى الدعوة الإسلامية.. الخشاب: لا موانع شرعية لإنتاج أعمال عن النبي

1..
1..
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تجسيد الرسول والصحابة فنيا بين الرفض والقبول…المنتجون يخافون من تهمة ازدراء رموز دينية … حنان أبو الضياء: يجب استغلال السينما كوسيلة للدعوة الإسلامية..وليد الخشاب : لا موانع شرعية لإنتاج أعمال عن النبي صلى الله عليه وسلم..حسناء رجب: هذه الأدوار ترفضها كل التيارات 

 

 

كتبت – بهاء إبراهيم

بقدر التوق إلى تقديم عمل فني يتناول السيرة المحمدية بشكل يفي احتياجات عدة أبرزها ديني ومادي تقف عراقيل من نفس الجنس، لا يستهان بقوتها، تحول دون ذلك. نحاول في هذا التحقيق تقديم رؤية شاملة تتضمن الكشف عن حقيقة تعثر مشروع بهذا القدر من الأهمية ومحاولة إيجاد سبل جديدة لتحقيقه.

تجسيد الأنبياء محرم أم مباح؟

تقول الإعلامية حنان أبو الضياء "ما بين الحين والآخر يظهر على السطح الكلام عن مشاريع سينمائية لإنتاج فيلم عن الرسول "محمد " عليه الصلاة والسلام، والسيرة النبوية، ولكن تظل نفس الإشكالية التي وقفت أمام الجميع بتحريم تجسيد الرسول. وأنا بالطبع من الرافضين لتجسيد سيدنا محمد على الشاشة؛ ولكن لا يعنى هذا الوقوف مكتوفي الأيدي؛ عن إيجاد وسيلة تستخدم فيها كل التقنيات العالمية الحديثة للقفز فوق هذه المعضلة؛ لأننا فى حاجة ماسة إلى استخدام السينما كوسيلة للدعوة الإسلامية، وخاصة فى ظل سلسلة من الأفلام المسيئة للإسلام ولرسوله الكريم، التى أُنتجت فى الغرب".

يختلف د.وليد الخشاب والناقدة حسناء رجب مع هذا الرأي لسببين رئيسيين: الأول ديني إذ لا وجود لدليل قاطع على هذا التحريم والثاني فني صرف لأن الفيلم أو المسلسل ليس مرآة للواقع ولا برنامجا وثائقيا بقدر ما يقدم رؤية فنية.

يؤكد د.وليد الخشاب أن لا وجود لموانع شرعية لتجسيد الرسول الكريم في أعمال فنية قائلا:"فَنَدتُ ذلك التصور في أبحاثي المنشورة بالفرنسية. فالمرويات التراثية غنية بحكايات عن وجود تصاوير على وسائد في بيت النبي محمد، وأن زوجته السيدة عائشة كانت تلعب بعرائس مجسمة في طفولتها. والتراث البصري المسلم غني بمنمنمات تمثل النبي محمد، وترسم وجهه وملامحه. لكن ساد تصور عن تحريم تمثيل الني محمد بالذات، متزامنًا مع ترسخ جهود التحديث في المجتمعات العربية والمسلمة منذ بدايات القرن العشرين. فنجد مثلًا تلك الفتوى التي منعت يوسف وهبي من تمثيل دور النبي، رغم أنها قد ظهرت في سياق يحاول فيه الملك فؤاد أن يبدو بمظهر حامي الإسلام، في إطار جهوده لوراثة زعامة الأمة الإسلامية بعد إلغاء الخلافة العثمانية، ولم تكن وليدة تفكير مجرد في قضية ذهنية، منزهة عن الغرض السياسي.

على مدار عدة عقود، لم تظهر شخصيات العشرة المبشرين بالجنة على الشاشة المصرية. وكانت الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي تصور بدايات الإسلام تتحايل على ذلك "المحرم" بأن توحي بوجود الشخصية خارج الكادر، أو بأن تتولى شخصية أخرى رواية حوار مع الشخصية المقدسة المحرمة. وأحيانا كان يسلط ضوء قوي قادم من خارج الكادر إشارة للنبي محمد -وهذه بالمناسبة كانت تقنيات تتبع أيضًا في بعض الأفلام الغربية لتجنب تجسيد السيد المسيح في بدايات تاريخ السينما في العالم".

في نفس السياق تشير الناقدة حسناء رجب أن "ثمة الحساسية تجاه تصوير وتمثيل شخصيات الأنبياء أو الصحابة والقديسين كانت ولم تزل مرهقة أكثر من اللازم عند جميع الأطراف.. فالغالبية العظمى من الفقهاء أعتقد أو أفتى أن تمثيل هذه الأدوار يؤدى بطريقة تنكرها النفوس وتخلو من أي شيء حقيقي.. حيث تركب على وجه الممثلين اللحى والشوارب والباروكات المضحكة..وهكذا فى الملبس والمظهر عموما..بينما صناع السينما والمهتمين يرون أنه لا وجود ولا حجة ولا دليل في كتاب أو سنة على تحريم دور الأنبياء وأن الأفلام عالم آخر يتحرك فيه الفنان بالشكل والطريقة والأحداث التي يريدها ويراها المخرج والمنتج.

لابد لي أن أنوه أن الاقتباس وتجسيد شخصيات بعينها لا يعنى التحريف بقدر ما هي نظرة فنية فيما يتعلق بتناول الشخصيات.. وهى ليست وثائقية أيضا.. ومن ثم تحفيز الذات من خلال تناول أعظم شخصيات في تاريخ الإنسانية بوجهة نظر فنية لصالح لغة السينما حتى لو كانت مغامرة يواجهونها على مدار أحداث ما بعد الفيلم أو قبله من مغامرات وتعقيدات ما بعد الفيلم أو ما قبله.. إلا أن الأمر بات يستحق عند البعض والكثير منهم آثر السلامة من خسائر الإنتاج أو وقود إتهامه بالإزدراء".

 

 

تجارب انتاج الأعمال الدينية بين ضوابط التحريم والضعف الفني

تقول الناقدة حنان أبو الضياء "للأسف أن كل الأفلام التي أنتجت في مصر عن فترة الرسول كان التعامل مع الرسول وتفاصيل شخصيته الإنسانية فقيرة للغاية وسيطر عليها السرد التاريخي للدعوة.. وأنا أجد أن نموذج المخرج الإيراني ماجد مجيدي في إنتاج أول فيلم يركز على مرحلة الطفولة للنبي الكريم قبل بلوغه سن الثانية عشرة، وكان من المفروض يتبعه بسلسلة أفلام تستعرض كافة مراحل حياة الرسول الكريم... ولم تكن هذه هي المحاولة الأولى للإنتاج في دولة إسلامية عن الرسول، ولكن السابقة الأولى كانت عام 1925م عندما قررت إحدى شركات السينما الألمانية تصوير فيلم تحت اسم "محمد رسول الله". وكان السيناريو مكتوبا بحيث تظهر شخصية النبي محمد من خلال مناظر يتم تصويرها في الصحراء العربية، ورشح العديد من الممثلين الأوروبيين للبطولة، وكان منهم الألماني إميل يانيجز، والإيطالي ماتون لانج، وفى نهاية المطاف وقع الاختيار على الممثل المصري يوسف وهبي. وذكر يوسف في مذكراته "عشت ألف سنة"، إنه فور إعلان الخبر ثار رجال الأزهر ومعهم الرأي العام المصري والإسلامي، وظهرت بعد أيام فى الصحف المصرية فتوى من شيخ الأزهر تنص على "أن الدين يحرم تحريمًا باتًا تصوير الرسل والأنبياء والصحابة رضى الله عنهم". ومن ثم أصدر الملك فؤاد قرارًا بنفيه من البلاد وحرمانه من الجنسية المصرية، مما أجبر وهبي على تقديم اعتذار وتنازل عن قبول أداء الدور. تنازل وهبي لم يمنع الشركة المنتجة من إنتاج الفيلم، وأسندت الشركة الدور لممثل يهودي لم يذكر اسمه يوسف وهبي في مذكراته، ولأسباب غامضة تم التعتيم على الفيلم ولم يسوق عالميًا كما خططت الشركة له".

يضيف د.وليد الخشاب "روى الرائد المسرحي الكبير أن الفيلم قد تم إنتاجه في الغرب، وأن ممثلًا يهوديًا هو الذي أدى دور النبي محمد. ولعل يوسف وهبي قد روى تلك الحكاية ليوحي بأن الأفضل كان أن يقوم ممثل مسلم بدور النبي محمد، عن أن يذهب الدور لممثل من خلفية دينية أخرى. منذ ذلك الحين، استقر في الوعي المؤسسي والجمعي المصري أن تصوير الأنبياء والعشرة المبشرين من الجنة لا يجوز، احترامًا لقداستهم. ويبدو أن تلك الفتاوى والرؤى متأثرة بفكرة محافظة تتصور أن الإسلام يحرم التصوير والتماثيل، اعتمادًا على فكرة قادمة من التراث اليهودي تعتبر أن التمثيل بالصور -مثلما في النحت- يعتبر هرطقة، لأنه يحاكي عمل الإله الخالق المصور".

بينما تشير الناقدة حسناء رجب في نفس السياق إلى "أن المنع والتحريم جاء بسبب إنه من الصعب جدا التحكم في أي عمل سينمائي من قبل مشرفين أو مراقبين من خارج عالم صناعة السينما..وهكذا بدأ يتحاشى صناع السينما الإنتاج من هذا النوع من الأفلام لتحاشى الخسائر المادية..وبالرغم من أن المسلسلات التاريخية الدينية كانت من أهم الأعمال إلا أن الإقدام على مثل هذه الأعمال يهابها كثير من الممثلين أنفسهم..ولأن براعته في هذا الدور هو مناك نجاح العمل التمثيلي، ولا يضمن بالطبع ردود الأفعال الغاضبة التي قدر تؤثر عليه فيما بعد.. فالبعض يقول ليست هذه الشخصية التي قرأوا عنها في السيرة.. 

على صعيد آخر يرى صناع السينما أنه لا توجد مصلحة إلا تحري الحقيقة برؤى أخرى مع عدم الإخلاص بالسيرة..وحتى مع إسناد هذه الرؤية وتوافر حسن النية ورغبة فى العبرة والاتعاظ..تجد الرفض وأن هذا مجرد فرض وتقدير..

بالطبع هناك تقاعس عن إنتاج مسلسلات درامية تمثل شخصيات دينية فقد يفزع صناع السينما من تهمة الازدراء برموز دينية..والفنان يجتهد عموما في الفهم أولا ثم عرضه على المشاهد ثانيا .

لا يمكن أن نذكر هذا الخلاف والجدل دون أن نذكر " يوسف شاهين " وفيلم المهاجر والذي كان يحكى عن قصة يوسف وإخوته..والذي لم يسلم من انتقادات عنيفة..ولكن شاهين شأنه مثل شأن أي فنان يرى الفيلم لا يعبر عن الحياة الواقعية. قد يشبهها ولكنه لا يعبر عنها..وأن للخيال دور كبير..والقصة لشاب يدعى رام..مستوحاة من التراث الإنساني..أيضا فيلم " بحب السيما" تأليف وإنتاج هاني فوزى، لم يجسد شخصية دينية ولا اقترب من حياة المسيح ورغم ذلك وجهت له انتقادات من قبل رجال الدين".

بدايات زحزحة تابو تجسيد الشخصيات الدينية

يتحدث د.وليد الخشاب عن ظهور بدايات تخلص من تلك التابوهات مع نهايات القرن العشرين -خارج مصر، وذلك بعد ظهور شخصية الخليفة عمر بن الخطاب مجسدًا في دور يؤديه ممثل أمام الكاميرا. ولعل تلك الخطوة الشجاعة التي قامت بها شركة خليجية لا علاقة لها بمصر، كانت مدفوعة بالصراع الثقافي والسياسي بين إيران الشيعية والسعودية السنية. يبدو لي أن مسلسل عمر بن الخطاب يهدف إلى مقاومة نجاح المسلسلات الدينية الإيرانية التي لا تلتزم بالتصور الشائع في المجتمعات السنية عن تحريم تصوير العشرة المبشرين بالجنة أو حتى الأنبياء، لا سيما بعد النجاح الساحق لمسلسل النبي يوسف والذي جسد دوره ممثل وسيم، وبعد انتشار المسلسل بلغته الفارسية الأصلية أو في نسخته المدبلجة بالعربية.

إنتاج فيلم يقدم حياة الرسول الكريم مشروع طموح

ويضيف د.وليد الخشاب "يظل تصوير النبي محمد غير مقبول من معظم المسلمين السنة بسبب سيادة الخطابات المحافظة في المجتمعات ذات الغالبية المسلمة، رغم عدم وجود حجج قاطعة تمنع تصوير النبي، ورغم وجود الآلاف من المنمنمات القديمة التي تصور النبي محمد. لا أظن مرجع ذلك غياب رأس المال الذي يقبل الاستثمار في تلك القصة، ولا غياب المواهب القادرة على تقديم مثل ذلك العمل. إن فيلما يقدم قصة النبي محمد ومن بطولة ممثل يجسد تلك الشخصية سوف يجني مكاسب بالملايين. لكن الخوف من إثارة حفيظة المحافظين هو الحائل دون إقدام المنتجين السينمائيين والتلفزيونيين على تقديم سيرة النبي على الشاشة".

 

تتفق حنان أبو الضياء مع د.وليد الخشاب فيما يتعلق بحاجز المؤسسات الدينية وتختلف معه في حقيقة تواجد نص درامي وتوفر التمويل، مشيرة إلى احتياجنا الماس إلى عمل فني يتجاوز السرد إلى تصحيح صورة الرسالة المحمدية "في الواقع نحن أمام عدة عراقيل لتقديم عمل فني عن الرسول أولها تعنت المؤسسة الدينية إلى جانب افتقار وجود نص درامي مدروس يتناول حياته من قُبيل ولادته إلى حين وفاته، محاولا توصيل حقيقة النبي محمد بخطاب منطقي هادئ يلامس العقل، ويجيب عن كل التساؤلات والاتهامات التي يكثر تداولها في الغرب بشكل عام بأسلوب منطقي متدرّج مع أحداث السيرة النبوية. نحن لسنا في حاجة إلى فيلم يكتفي فقط بعرض أحداث حياة النبي عليه الصلاة والسلام، بل أبرز القيم الإسلامية الحقيقية التي تكونت من خلال شخصية النبي عليه الصلاة والسلام... قيم الإصلاح والعدل والعطاء والإيجابية والتفاعل. عمل يتناول طبيعة العالم قبل بعث النبي عليه الصلاة والسلام، حيث كانت الجزيرة العربية تواجه إعصار الفناء، والثورات الداخلية، والجوع، والخرافة، وكانت القبيلة أكثر الأشياء قداسة عند العرب، لكن النبي محمد جاء وأعطاهم الأمل والأمان من جديد..نحن نفتقر إلى سيناريو قادر على  المزج بين تفاصيل السيرة النبوية والقيم الإسلامية العميقة في الشخصية الإسلامية المعاصرة يبدأ من بداية الدعوة ويصل الفيلم إلى حجة الوداع، بتوصيف إنساني بديع. بالطبع لا نستطيع انكار أزمة الأموال اللازمة لإنتاج فيلم خاص عن حياة النبي محمد وتراثه الخالد، وكيف أنه تمكن من تغيير تاريخ العالم خلال 23 عامًا، وما زال يواصل التأثير العميق في حياة ألف ومائتي مليون مسلم في العالم؛ مصر بكل صراحة من الصعب أن تقوم بمفردها بتحمل الانتاج الضخم الذي لا يقدر عليه سوى تضافر من عدة دول للخروج من الصور النمطية ليصبح الفيلم منجمًا ذهبيًا يتعرفون من خلاله على بساطة النبي وأمانته التي تظهر من خلال عرض حياته. كمحاولة لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة عن الإسلام".

 

تنهي الناقدة حسناء رجب الحديث قائلة "الاختلاف لا زال قائما..وفى هذا الزمن الذى نحياه هناك سؤال يطرح نفسه.. 

ألم تزل لغة السينما والصورة وسيلة رائعة وأفضل في الحكي لأنها تصل إلى أكبر عدد من الجماهير؟" 

 

... وعلماء الأزهر يردون

كتب – محمد غنوم 

قالت دار الإفتاء المصرية: الأنبياء والمرسلون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين هم أفضل البشر على الإطلاق، وميَّزهم الله تعالى عمن سواهم بأن جعلهم معصومين، ومن كان بهذه المنزلة فهو أعز من أن يُمَثَّل أو يَتَمَثَّل به إنسان، ولذا فإن تمثيلَهم حرامٌ شرعًا.

أما الصحابة رضوان الله عليهم: فالمختار للفتوى أنه إذا أُظهِرُوا بشكل يناسب مقامهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم خيرة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين فلا مانع من تمثيلهم إذا كان الهدف من ذلك نبيلًا؛ كتقديم صورةٍ حسنةٍ للمشاهد، واستحضار المعاني التي عاشوها، وتعميق مفهوم القدوة الحسنة من خلالهم، مع الالتزام بالضوابط الآتية:

أولًا: الالتزام باعتقاد أهل السنة فيهم؛ من حبهم جميعًا بلا إفراط أو تفريط.

ثانيًا: التأكيد على حرمة جميع الصحابة؛ لشرف صحبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتوقير والاحترام لشخصياتهم، وعدم إظهارهم في صورة ممتهنة، أو الطعن فيهم والاستخفاف بهم والتقليل من شأنهم.

ثالثًا: نقل سيرتهم الصحيحة كما هي، وعدم التلاعب فيها.

رابعًا: الاعتماد على الروايات الدقيقة وتجنب الروايات الموضوعة والمكذوبة.

خامسًا: تجنب إثارة الفتنة والفرقة بين الأمة الإسلامية.

ويُستَثْنَى من هذا الحكم: العشرة المبشرون بالجنة، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وآل البيت الكرام؛ فلا يجوز تمثيلهم لِمَا لَهُم من مكانةٍ عظيمةٍ وسابقةٍ في الإسلام.

ولم يسبق لدار الإفتاء المصرية أن أصدرت -في أي عهد من عهودها منذ نشأتها وإلى يومنا هذا- أيَّ فتوى تبيح تمثيل الأنبياء أو الرسل أو العشرة المبشرين بالجنة أو آل البيت الكرام.

وقال الدكتور أحمد كريمة، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف: إنه لا يجوز شرعًا تجسيد شخصية النبي محمد صلي الله عليه وسلم، ولا أي نبي أو رسول، في أعمال التليفزيون والسينما، حيث أن شخصيات الأنبياء يوجد بها جانب شخصي كطبيعة الإنسان العادى، وجانب إلهي، مستشهدًا بالأية الكريم "قل إنما بشرٌ مثلكم يُوحى إلي"، فيستحيل فصل الجانب البشرى عن الجانب الإلهي، حيث أنه الحق سبحانه أودع فيه أمور إلهية ميزته عن غيره من الخلق.

وأكد "كريمة" في تصريحات خاصة للبوابة نيوز، أن التمثيل أو التجسيد يعني المحاكاة، ولكن يستحيل أن نحاكي شخصية أي نبي أو رسول، ونريد أن تبقي الصورة الفكرية والذهنية والقلبية في أعلى مقام وفي تصور سامي، وأن التمثيل والتجسيد لهم يخل بهذا كله، والأزهر الشريف قد حرم هذا من زمن سابق.

 

وأوضح أن الصحابة مع إن الصحابة رضوان الله عليهم بشرٌ في أعلى الدرجات ولهم كل الإحترام والتوقير، نريد أن تبقي أيضًا صورهم في أعلى درجات السمو وبالأخص كبار الصحابة من الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة، وآل بيت النبوة، حيث إننا لا نأمن شخصية الممثل الذي يقوم بذلك، وأننا ما زلنا ننتقد الشيعة حينما جسدوا شخصيات نبي الله موسي ونبي الله يوسف في أعمالهم الفنية، وأن صورهم مازالت عالقة في أذهان المشاهدين أن شخصية هذا النبي تتجسد بالنسبة له في شكل وأسلوب الممثل الذي أدى الدور عنه، وأنه قد يؤدي الدور ممثل ليس في الدرجة المطلوبة سلوكيًا وأخلاقًا.. إلخ.

من جانبها قالت الدكتورة إلهام شاهين، أمين مساعد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: لست مع تجسيد شخصية النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأنبياء عمومًا لأنهم وإن كانوا بشر إلا أنهم رسل الله تعالى ومتلقو الوحي من الملائكة ومنهم من كلمه الله وهذه كلها أوقات ومواقف لا يجوز التمثيل فيها، كما أنهم لا يضاهيها أحد من البشر فكيف نجعل من الممثلين أشباه لهم.

وتابعت إلهام شاهين في تصريحات خاصة للبوابة نيوز: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان لا يتمثل في صورتي، أي الشيطان نفسه لا يمكنه تمثيل شخصية النبي في المنام، وكذلك لا يجوز تجسيد الصحابة أو آل البيت، وأرى أن نحفظهم من أن يقوم بأداء شخصياتهم من يقوم بتمثيل شخصيات أخرى أقل مكانة قطعًا منهم.

 

ولفتت إلى أنه،  تلتصق باذهان الجماهير أن هذا الممثل هو النبي أو الصحابي فلان، خاصة العامة من الناس، خاصة العامة من الناس، ولنا في أفلام الكرتون ما يغني عن ذلك، فهذه تجعل من الأنبياء هالة من النور ولا ترسم صورة لوجوه الصحابة، فيمكن عدم تخييل شيء حقيقي.