الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

فريديريك إيبارفييه يكتب: موجة الصدمة الجيوسياسية.. كتاب ضد التيار لباسكال بونيفاس عن الحرب فى أوكرانيا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بالنسبة لكل أولئك الذين سئموا وجود علماء الجغرافيا السياسية فى مواقع التصوير، وتحليلاتهم غير الواقعية على الإطلاق، وخاصة فيما يتعلق بمسألة الحرب الأوكرانية، لا يسعنى إلا أن أوصى بتحليلات باسكال بونيفاس، المتاحة على قناته على موقع «يوتيوب».. لقد جمعها للتو ونشرها فى كتاب صغير يتمتع بقراءة صحية ويتعارض بشكل جيد مع تيار التفكير السائد، حتى لو كنا نود أن يخوض فى المزيد من التفاصيل حول الحقائق فى تحليلاته.
فكرته الرئيسية والعامة هى أن المراقبة والتحليل الجيوسياسى للحرب الأوكرانية ليس عقلانيًا أوموضوعيًا ولكنه عاطفى فى الأساس. وأن هذا بالتالى يحكم علينا بإعادة إنتاج نفس الأخطاء مع نفس العواقب فى المستقبل على مواضيع أخرى «الصين وتايوان على سبيل المثال».
وفيما يتعلق بأوكرانيا، يفترض أن توسع حلف شمال الأطلسى شرقًا هو الذى دفع روسيا إلى غزو أوكرانيا لكنه يرفض التقليل من مسئولية فلاديمير بوتين ونظامه فى اندلاع هذه الحرب.. بل إنه يوضح على وجه التحديد أن هذه المسئولية «غير المبررة وغير المقبولة» سوف تمنع العودة إلى العلاقات الطبيعية مع روسيا، ما دام فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين «أو نظامه» على رأس هذه العلاقات. ويشير ويأسف لأنه من المستحيل الدفاع عن هذا التحليل المزدوج اليوم: «هل يمكننا أن نقول إن العالم الغربى ارتكب أخطاء فيما يتعلق بروسيا فى فترة ما بعد الحرب الباردة، وأن العدوان الروسى غير مقبول وروسيا، فى الوقت نفسه، غير مقبولة»، بالإضافة إلى العدوان، ارتكبت جرائم حرب متعددة؟ إنها الحقيقة.
هذا الكتاب لباسكال، والذى يحمل عنوان: «الحرب فى أوكرانيا، موجة الصدمة الجيوسياسية ضد تيار التحليلات العاطفية» يتكون من ثلاثة أجزاء:
يغطى الفصل الأول حتى الفصل الثالث؛ المشاعر التى تحيط بالتحليل الكامل لهذه الحرب. ويسلط بونيفاس الضوء بشكل خاص على الهيستيريا الكاذبة التى تستهدف أى شخص يجرؤ على التعبير عن فكرة أن روسيا «لا تتحمل ١٠٠٪ من المسئولية عن هذه الحرب»، حيث قال: «إن حقيقة تنصيب نفسك كعاطفى مناهض لبوتين تمنحك مكانة متخصص وخبير فى الشأن الروسي؛ حيث تسود اللعنة على المنطق والمعرفة!».. وهنا أود أن أعرب عن رأى ناقد إلى حد ما وهو أنه إذا لاحظ باسكال بونيفاس «التضليل» الذى يهيمن على وسائل الإعلام حاليا، فإنه لا يحاول تحليل وتفنيد سبب هذا الإجماع على هذا الرأى فى وسائل الإعلام.
أما الجزء الثانى «الفصول من الرابع إلى السادس» فيركز على الأسباب «الجيوسياسية» للحرب الأوكرانية. وهذه أفضل فصول الكتاب، وخاصة الفصلين الرابع والخامس. وبطريقة كلاسيكية للغاية، يستذكر بونيفاس نظريات زبيجنيو بريجنسكى الذى أراد فصل أوكرانيا عن روسيا لإضعاف الأخيرة، ثم يصف الطريقة التى «خسر بها» الغرب روسيا، قبل أن ينظر- بطريقة أقل إقناعا بكثير- كيف خسرت روسيا روسيا. أوكرانيا «المفقودة».
وفيما يتعلق بالكيفية التى خسر بها الغرب روسيا، يسلط بونيفاس الضوء على أهمية توسع منظمة حلف شمال الأطلسى شرقًا. ويصف ببراعة الحلقة المفرغة التى أدت إليها: «إن تضاعف المهام وانضمام الأعضاء الجدد، كما رأينا من مقر منظمة حلف شمال الأطلسى، كان سببًا فى خلق حلقة حميدة: فكلما زاد عدد الدول التى انضمت، كلما تعززت الديمقراطية. لكن هذا التمديد كان له أثر غير مقصود فى توتر روسيا. ولذلك كان من الضرورى تعزيز حلف شمال الأطلسى، الأمر الذى زاد من غضب روسيا. وهنا حدثت الحلقة المفرغة» فى هذا الفصل انتقاد غير مقنع لسياسة «المحافظين الجدد» الأمريكيين، الذين يتزينون بزخارف القيم العالمية، فى خدمة سياسة القوة.


ولكن على المدى القصير، لم يكن لدى الولايات المتحدة وأوروبا أى مصلحة فى دفع روسيا إلى أحضان الصين، ومع ذلك فإن هذا هو ما فعلته بالضبط. يؤكد بونيفاس أيضًا على ضعف أوروبا الذى ترك الولايات المتحدة - القوة المفرطة على حد تعبير هوبير فيدرين - لحل مسألة الأمن فى أوروبا. وهذا سؤال أساسى لمستقبلنا: متى سنتولى مسئولية أمننا؟
فى جزئه الثالث «الفصلين السابع والثامن»، يتناول بونيفاس الجوانب المباشرة للحرب: الطريقة التى حول بها زيلينسكى، رجل الإعلام الهائل، المشاعر العامة ليفرض روايته وإرادته: «إنه لا يلتمس ولا يتوسل؛ بل يطالب، ويقتحم، ويجعل من لا يلبى مطالبه يشعر بالذنب».. هو إذن يتصرف بشكل جيد. للحكم، ما عليك سوى إلقاء نظرة على طريقة تعامل إيمانويل ماكرون فى هذا الملف.. وبحسب بونيفاس فى كتابه: «لقد كانت النتيجة الأكثر مباشرة والأكثر كارثية؛ انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى ولم يستطع القادة الأوروبيون مقاومة صدمة الآراء فى مواجهة صور المجازر والفظائع وجرائم الحرب التى ارتكبها الجيش الروسى فى أوكرانيا بعقلانية، وهذا القرار كارثى، لكن الجميع يرحب به بالتأكيد على أنه إشارة. وفى المقام الأول، فهى إشارة تشير إلى أن القادة يواجهون صعوبة فى الدفاع عن مصالحهم، وأنهم يميلون إلى سياسات الاتصالات التى تحركها العاطفة أكثر من كونها رؤية طويلة الأمد».
وفى الختام، فإن بونيفاس، الذى يتطلع إلى المستقبل، يؤكد على الدور الجديد لبولندا، التى ستصبح بسبب هذه الحرب، الركيزة الأمريكية الجديدة للأمن الأوروبى، والتقسيم الجديد للعالم، «البقية»، بقية العالم الذى لم يعد يقبل ازدواجية الغرب وبطريقة ما، فإن هذه الحرب، أيًا كانت نتائجها، تمثل نهاية الهيمنة الغربية: «إن الغربيين الذين لا يتوقفون أبدًا عن دق المبادئ العالمية، التى رغم ذلك كثيرًا ما رأوها تُداس بالأقدام بينما يلعبون دور أبكم دور الحريات»، فى الواقع تعمل ضد مصالح العالم الغربى. كنت أتمنى أن ينهى بونيفاس كتابه بأن يرسم، ولو بضربات فرشاة واسعة، السيناريوهات المختلفة للخروج من هذه الحرب ولكنه بشكل عام كتاب جيد.. وبغض النظر عن بعض الانتقادات، فإن كتاب باسكال بونيفاس هذا منعش فى صدق تحليله، وصراحة كلماته.. وهذا أمر نادر جدا وسط البث المستمر للأخبار اليومية عن تلك الحرب.
Guerre en Ukraine، l'onde de choc géopolitique
 

معلومات عن الكاتب: 
فريديريك إيبارفييه.. باحث ومدير تنفيذى فى شركة فرنسية استراتيجية كبرى.. يعرض لنا أهم ما ورد فى كتاب باسكال بونيفاس حول الحرب فى أوكرانيا.