تستمر مجهودات الدولة المصرية الحثيثة تجاه قضية المُناخ ولعل في الآونة الأخيرة، لم تكن تلك القضية فحسب هي محور اهتمام الدولة المصرية، بل أيضًا قضية الانفجار السكاني والأمن الغذائي قضايا شاغلة في وجدان ورؤية الدولة المصرية؛ لأن كل تلك هي قضايا تهم كل نسمة على كوكب الأرض خاصة في ظل تنامي الصراعات وازدياد التحديات الراهنة، فكل تلك القضايا الملتهبة على مائدة الكوكب تتشابك مع بعضها البعض وكلها متعلقة بمصير البشرية.
"كوب ٢٧" لم يكن مؤتمرًا دوليا ناجحًا فحسب، بل أفرز حالة دولية تستطيع تعزيز آلية الشراكة بين الاستثمار والعمل في المُناخ وبين التنمية المستدامة، وكأن الدولة المصرية أصبحت تجيد اللعب بأدوات العمل المُناخي بل أماطت اللثام عن التحديات والعوائق التي تحول دون الاستثمار في المشروعات الخضراء، وأعلنت الحكومة المصرية عن إطلاق المنصة الالكترونية للاستثمار البيئي والمناخي في فعاليات مؤتمر مصر الأول للاستثمار البيئي والمناخي والذي تطرح فيه مصر رؤية ليست بجديدة ألا وهي كيفية تحول التحدي البيئي إلى فرصه استثمارية وكيفية استخدام المخلفات الزراعية الملوثة للبيئة وإعادة تدويرها لتصبح سمادا ومنتجات أخري كمثل قش الأزر الذي كان يتم حرقه ويتسبب في السحابة السوداء،أصبح اليوم يتم كبسه وتحويله إلي سماد.
وربما أهم العوائق أمام العمل البيئي الذي لم يحظ بكثير من الاهتمام هو تدنى هامش الربح وتلك المعادلة الصعبة التي يتعارض فيها التصنيع والتقدم مع الحفاظ على البيئة في نفس ذات الوقت، فالتحديات البيئة زادت واستفحلت بعد الثورة الصناعية.
تقدم مصر الاستثمار في المشروعات الخضراء بمذاق طيب أمام المستثمر خاصة في ظل وفرة الموارد الإفريقية والتي تبدو كطعام صائغ أمام تضاؤل الموارد العالمية، لذا لا يستطيع صون تلك الموارد البكر والكنوز سوي الاستثمار العادل والمنصف والذي يساهم في المكون الأخضر العالمي ويقلل من أخطار المُناخ السلبية ويساهم بالنفع لإفريقيا والشرق الأوسط، لذا يعد سعى مصر في جذب الاستثمار الأخضر ليس مساهمة في درء مخاطر المناخ فحسب بل هو صون لموارد قارة بأكملها قد تتعرض للاستغلال السيئ.
وها هي أيام قلائل تفصلنا عن "كوب ٢٨" حيث تسلم مصر دولة الإمارات في استكمال ما بدأته مصر حيال صندوق الخسائر والأضرار، وهي القمة الأصعب والتي يقول عنها الإمارتيون إنها أصعب من اتفاق باريس للمُناخ ٢٠١٥، لأن إلزام الدول الكبرى بالتمويل بات أمرًا لا جدال فيه، وأيقن أن مصر ستشارك بثقل كبير في كوب ٢٨ ولعلني أحلم أن يتم مناقشة مشروع من أهم المشاريع العملاقة في القارة الإفريقية وهو مشروع السور الأخضر العظيم الذي يربط بين جيبوتي والسنغال للتصدي للتصحر وزيادة المساحات الخضراء في القارة الإفريقية، ذلك المشروع الذي لا يكتمل ولا يحظى بكثير من الاهتمام من الغرب أو التمويل.
إن وجود مصر في أي محفل يعزز القضية التي تتحدث عنها دائمًا، فما بالنا عندما تتحدث مصر عن كوكبنا وعن المُناخ وتستعرض مجهوداتها الكبيرة المبدعة في الحفاظ على مستقبل الأرض!.
*كاتبة صحفية
آراء حرة
كوكب الأرض بعيون مصرية
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق