- مع السلامة يا جمال.. يا حبيب الملايين
-ابكى ابكى يا حبيبة.. عبد الناصر رايح بلاد بعيدة
- يا خالد قول لابوك.. شعب مصر بيحبوك
- يا خالد قول لابوك.. شعب مصر بيودعوك
- يا سادات يا سادات.. احنا عاوزين جمال بالذات
- يا عرفات يا عرفات.. عبد الناصر سابنا ومات
مئات أغانى العديد ودع بها المصريون- نساء ورجالا، صغارا وكبارا، فلاحين وحضرا- زعيمهم خالد الذكر والسيرة جمال عبد الناصر، الذى وافته المنية فى الثامن والعشرين من سبتمبر عام ١٩٧٠، الذى تحل ذكراه الأسبوع القادم. فن العديد، فن شعبى مصرى أصيل، ارتبط أداؤه بالمرأة، ومع ذلك لم يخجل الرجال من التعديد على عبد الناصر، مع أن أيا منهم ربما لو مات عزيز عليه من عائلته، لما ردد مثل هذا العديد، لأنه يتعارض مع رجولتهم، لأن المجتمع يعتبرتعديد الرجالة عيبًا اجتماعيا، وقدحا فى رجولتهم، وإنما مع عبد الناصر فلا خجل أو حرج من التعبير بصدق عن مشاعر الحزن والفقد، بغض النظر عن الوسيلة التى يتم التعبير بها، لأن المفقود "عبد الناصر". لم يأتِ ارتباط الوجدان الشعبى المصرى بزعيمه من فراغ. وهو ارتباط بقدر ما يدل على مكانة عبد الناصر الشعبية، فإنه يدل- فى الوقت ذاته- على وفاء الشعب المصرى تجاه المخلصين من أبنائه، وبأنه شعب لا ينسى من ضحوا من أجله. عبد الناصر الذى رفع كفنه على يديه مع رفاقه من الضباط الأحرار، من أبناء الجيش المصرى، لمواجهة الظلم والفساد. وهو الذى طبق - بجرأة- قانون الإصلاح الزراعى، وهو الذى قام برفع الأجر اليومى لعمال التراحيل، وقضى على مجتمع النصف فى المائة. وهو من ساهم فى إجلاء الإنجليز، كما ساهم فى بناء السد العالي، وهو الذى استطاع أن يعيد بناء الجيش المصرى قبل مرور أقل من شهر من نكسة ١٩٦٧، من خلال معركة رأس العش فى الأول من يوليو ١٩٦٧، والتى كان لها التأثير النفسى المهم على الشارع المصرى عامة، وأبناء الجيش المصرى خاصة، إذ كانت بمثابة إعلان بداية حرب الاستنزاف، التى كانت إرهاصًا مهمًا لحرب أكتوبر المجيدة. الخلاصة، أنه صاحب مشروع قومى عربي، نجد صداه فى ذكراه الخالدة فى وجدان الشعوب العربية حتى الآن.
"ينصر دينك يا جمال.. يممت لنا الكنال". هذه إحدى أغانى العمل الشعبية، التى يغنيها العمال والفواعلية، يستدعون فيها اسم جمال عبد الناصر، رابطين إياه بواحد من أهم أحداث فترته، المتمثل فى تأميم قناة السويس، وذلك بهدف الشد من أزرهم، والاستقواء بهمته، ليتمكنوا من مواصلة العمل الشاق والصعب. إن استمرار تخليد اسم عبد الناصر فى أغانى العمل الشعبية لهو خير دليل على بقاء القيم التى ناضل من أجلها ناصر، وهو ما يعنى أن رسالته لم تمت بموته، بل لا تزال باقية فى روح الأجيال الجديدة.
لعل مما خفف من وقع ألم فراق المصريين لزعيمهم، أن الوفاة حدثت ليلة الإسراء والمعراج، وتحديدًا فى السابع والعشرين من شهر رجب عام ١٣٩٠. ومعروف أن المصريين يتفاءلون بمن تتصادف وفاته مع بعض الأيام أو الأحداث الدينية، مثل الوفاة ليلة الجمعة، أو خلال شهر رمضان، أو ليلة الإسراء والمعراج، لأنهم يعتبرون ذلك دليلًا على طيب العلاقة بين العبد وربه، وأن علاقة المرء بربه دينيًا علاقة طيبة. لذا لم يفت المصريين، وهم فى كامل حزنهم للفقد، أن يرددوا هتافات، يحاولون أن يخففوا بها عن آلامهم، وتؤكد رضا الله عز وجل عن عبد الناصر، فيرددون:
ودعناه ودعناه.. وفى ليلة الإسرا ودعناه
كل هذا- وغيره الكثير- يؤكد تمسك الشعب بالزعيم المخلص، ليس فى حياته فقط، على نحو ما حدث عقب خطاب التنحى، وإنما بعد وفاته، وهذا هو الوفاء العظيم. كما يؤكد- فى الوقت نفسه- أن الشعب المصرى لا ينسى أو لا تسقط من ذاكرته مثل هذه الشخصيات المخلصة فى تاريخها. ثلاثة وخمسون عامًا تمر على وفاة عبد الناصر، وبالرغم من ذلك لا تزال الذاكرة الشعبية المصرية تتذكر له أدق تفاصيل مرحلته التاريخية، وكل أدواره التى قام بها.
وللحديث بقية إن شاء الله
*أستاذ الأدب الشعبى كلية الاآداب بجامعة القاهرة
آراء حرة
ناصر.. السيرة أطول من العمر (1 - 2)
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق