الجمعة 15 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

النظام البيئى «إيكو سيستم »

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

خلال الأسبوع الماضي، تكررت كلمة (eco-system - إيكو سيستم) عدة مرات، مرة أثناء مؤتمر ريادة الأعمال الذى استضافته الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا فى مدينة العلمين الجديدة، ومرة خلال مناقشة استخدام التعليم الالكترونى واستخدام التقنيات الحديثة فى التعليم العالي، ومرة أخرى عندماوقعت أحداث إعصار دانيال المدمر فى شرق ليبيا وعلاقة ذلك بالتغيرات المناخية والاحتباس الحراري.

فى كل مرة كان استخدام الكلمة مختلفًا عن المعنى الذى درسته فى منهج الأحياء فى الثانوية العامة، وفى منهج الصحة العامة فى كلية الطب. اختلافمعنى الكلمة جعلنى أبحث عن المقصود بـ"الإيكو سيستم" فى سياق الموضوعات التى قيلت فيها.

أصل التعريف للكلمة، وهو المذكور فى كتب البيولوجيا (الأحياء) هو التوازن بين مكونات البيئية Environmental Equilibrium

وتأثيره على الكائنات الحية. فقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون فى انسجام وتناغم بل وتوازن معجز، والإخلال بهذا التوازن يسبب الظواهر السلبية فىالتوازن البيولوجى. فالنبات أصل الحياة، ينتج السكريات التى يتغذى عليها الإنسان والحيوان، والأكسجين الذى يتنفسه، من الماء (من التربه والامطار)وثانى أكسيد الكربون (من الهواء) فى وجود الضوء (من الشمس). عملية التمثيل الضوئى التى تتم فى الأجزاء الخضراء من النبات من خلال المعادلةالمعروفة (الماء + ثانى أكسيد الكربون + الضوء - الجلوكوز + الأكسجين). ومن المعادلة يتضح التداخل الموزون بين الماء والهواء والشمس والأرض ومنعليها من كائنات حية، لاستمرار الحياة فى تناغم وتعادل ومكسب للجميع. وعند اختلال أحد هذه العناصر، بزيادة إنتاج ثانى أكسيد الكربون (الانبعاثالحراري)، أو نقص الأكسجين (تقطيع الغابات)، أو تسمم التربة (المخلفات الصناعية)، تنعكس على النبات والماء والهواء والأرض، ويتأثر بها الانسانوالحيوان والمناخ، وتظهر الظواهر الغريبة مثل الأعاصير والسيول المدمرة وذوبان الجليد وغيرها.

وعند مناقشة موضوع ريادة الأعمال والبزنس، والبطالة وتأهيل خريجى الجامعات لسوق العمل، تكررت كلمة إيكو سيستم بشكل يوحى بأن للكلمة معنىآخر غير التوازن البيولوجي، واتضح انها تشير إلى شبكة (network) مكونة من مجموعة من الكيانات (الشركات) التى تدير البزنس وتشمل المنتجينوالمصنعين والمورّدين والموزّعين والعملاء والمنافسين والوكالات الحكومية والقوانين المنظمه للعمل وغيرها، التى تتفاعل مع بعضها البعض فى تقديم

منتج أو خدمة معينّة عبر المنافسة والتعاون. بحيث تساعد كل هذه الكيانات بعضها البعض فى بيئة صحية مبنية على المنافسة الشريفة والشفافية وعدمالاحتكار.

بمعنى أن كل كيان من هذه الكيانات يؤثرّ ويتأثرّ بالكيانات الأخرى، مما يخلق علاقة دائمة التطورّ، بحيث ينبغى أن يكون كل كيان مرنًا وقادرًا على التكيفّ،ليتمكنّ من البقاء فى النظام البيئى للأعمال، تمامًا مثلما تتفاعل الكائنات الحية مع البيئة المحيطة.

أما فى مجال التعليم الالكترونى وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فقد تم استخدام مصطلح الإيكو سيستم لكى يدل على النظام المغلق على نفسه

(closed system) والذى يتكامل مع بعضه البعض ليوفر بيئة عمل مثالية ومتجانسة. ومثال ذلك أجهزة المحمول مثل منتجات شركة أبل وشركة هواوى. أوشركات الكمبيوتر مثل ميكروسوفت. وذلك من خلال حالة التوافق (matching) الذى توفره الأجهزة التى تنتجها نفس الشركة (أو شركات متكاملة) معبعضها البعض. تهدف الشركات من وراء هذا التوافق على تشجيع المستخدمين على شراء جميع منتجاتهم من نفس الشركة. فمثلًا يمكن ربط المحمول معساعة اليد والكمبيوتر المحمول وجهاز الاستقبال فى التلفزيون فى شبكة واحدة، تحقق الرفاهية والمتعة والتكامل للمستهلكين.

من الواضح أن مصطلح الإيكو سيستم، يعنى أن هناك نظام وانسجام فى الكون الذى خلقه الله تعالى حسب قوله فى القرآن الكريم "واَلأرَْضَ مَددَنْاَهاَوأَلَقَْينْاَ فيِهاَ رَواَسِى وأَنَبتَنْاَ فيِهاَ مِن كلُ شَيْءٍ موزُْون. (سورة الحجر - الاية ١٩). وحتى النشاط الإنسانى مثل ريادة الاعمال وحتى أنظمة التكنولوجياالحديثة، فهى تتفاعل فى تناغم دقيق يتيح لها أداء دورها بصورة أفضل.

هذا التفاعل والتنسيق يشكل ما يسمى بالتوازن البيئي، حيث تتفاعل هذه العناصر وفق نظام معين يسمى النظام البيئى Eco-system.

د. السعيد عبد الهادى: رئيس جامعة حورس