يحل الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا وقرينته الملكة كاميلا ضيفين على فرنسا، غدا الأربعاء، في زيارة دولة تستمر ثلاثة أيام، الأولى له للبلاد منذ اعتلائه العرش، وهي زيارة كان مقررا لها أن تتم في مارس الماضي إلا أنه تم تأجيلها على خلفية احتجاجات كانت تشهدها فرنسا في ذلك الوقت ضد قانون إصلاح نظام التقاعد.
ورحب الإليزيه - في بيان- بهذه الزيارة التي "تشكل شرفًا لفرنسا وتوضح عمق العلاقات التاريخية التي توحد البلدين"، كما تعكس علاقات الصداقة والثقة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والملك تشارلز، وأيضا تعاونهما تجاه عدة موضوعات منها التنوع البيولوجي ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي موضوعات شهدت تعاونا مشتركا ووثيقا بين البلدين خلال السنوات الماضية.
بدوره أكد قصر باكنجهام أن "الزيارة تحتفي بالتاريخ والثقافة والقيم المشتركة للمملكة المتحدة وفرنسا"، والتأكيد على متانة العلاقات بينهما.
واختار تشارلز الثالث فرنسا لتكون أول زيارة رسمية له بعد توليه العرش بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، حيث كان من المتوقع أن يصل إلى باريس الأحد 26 مارس في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، هي الأولى له إلى الخارج منذ توليه العرش، إلا أن قصر الإليزيه أعلن وقتها إرجاء الزيارة، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي كانت تعيشها البلاد ضد إصلاح نظام التقاعد، وأضاف أن القرار "اتخذ من جانب الحكومتين الفرنسية والبريطانية بعد اتصال هاتفي بين الرئيس والملك"، وذلك "من أجل التمكن من الترحيب بجلالة الملك تشارلز الثالث في ظروف تتوافق مع علاقات الصداقة بيننا".
إلا أنه مرة أخرى، تم تحديد موعد الزيارة في الفترة من 20 إلى 22 سبتمبر الجاري، ولم تطرأ تعديلات كثيرة على البرنامج الأساسي الذي تم تحديده مسبقا لزيارة الملك وزوجته الملكة كاميلا إلى فرنسا.
ولدى وصولهما إلى باريس، سيستقبلهما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقرينته بريجيت عند قوس النصر، حيث ستُضاء شعلة الجندي المجهول، قبل عبور جادة الشانزيليزيه، ثم سيتوجه الملك تشارلز الثالث بعد ذلك إلى قصر الإليزيه؛ لعقد اجتماع قمة مع الرئيس الفرنسي يركز على التنوع البيولوجي والمناخ وقمة الذكاء الاصطناعي المقرر عقدها في نوفمبر في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى الوضع في منطقة الساحل وأوكرانيا.
وفي المساء يقيم إيمانويل ماكرون حفل عشاء للضيفين في قصر فرساي، بحضور كبار الشخصيات السياسية والدبلوماسية.
والخميس، سيلقي العاهل البريطاني أيضا كلمة أمام أعضاء مجلس الشيوخ، من المفترض أن يكون جزء منها بالفرنسية، مثلما تحدث بالألمانية في مارس الماضي أمام البوندستاج أثناء زيارته إلى برلين.
بعد ذلك، سيتوجه الملك والملكة إلى كاتدرائية نوتردام في باريس برفقة الرئيس الفرنسي وقرينته بريجيت، ومن المقرر أن يتبادلا الحديث مع فريق ترميم الكاتدرائية التي تضرر جانب منها بسبب حريق كبير شب في عام 2019.
بعد ذلك، من المتوقع أن يختتم تشارلز الثالث في متحف التاريخ الطبيعي مائدة مستديرة عن المناخ والتنوع البيولوجي.
ومن المقررعقد لقاء مع جمعيات محلية وشخصيات رياضية في ضاحية سان دوني الباريسية، التي ستشكل أحد الأماكن الرئيسية لدورة الألعاب الأولمبية، التي تستضيفها العاصمة الفرنسية في صيف 2024.
بعد ذلك، سيتوجه تشارلز وكاميلا إلى مدينة "بوردو" (جنوب غربي فرنسا) التي كان يسيطر عليها في مرحلة معينة ملك إنجلترا هنري الثاني، وحيث يقيم اليوم نحو 39 ألف بريطاني، وسيزوران كروم عنب ويلتقيان عناصر إطفاء شاركوا في مكافحة الحرائق التي اجتاحت إقليم لاند العام الماضي.
لذا، ستحتفي هذه الزيارة بالفعل "بالتاريخ والثقافة والقيم المشتركة للمملكة المتحدة وفرنسا"، حيث اعتبرت باريس ولندن أن هذه الزيارة ترمز إلى إحياء العلاقات القديمة بين البلدين.
وعلى الرغم من أن الملك البريطاني يلتزم تقليديا بحياد سياسي شديد، إلا أن السياسة لا تغيب أبدا عن زيارات الدولة، ولن تشكل زيارة تشارلز الثالث استثناء، بل ستؤكد محاولات تهدئة العلاقات مؤخرا بين باريس ولندن.
ويرى المؤرخ للعائلة المالكة إيد أوينز أن زيارات الدولة التي يقوم بها الملك البريطاني تشكل "إضافة للسياسة الخارجية (البريطانية) بشأن القضايا السياسية الراهنة"، مثل التوترات القائمة بين باريس ولندن حول عمليات الهجرة غير الشرعية عبر قناة المانش إلى المملكة المتحدة.
وأضاف "سيكون هناك نوع من الدبلوماسية غير الرسمية" خلال الزيارة، مؤكدا أيضا أن تشارلز الثالث يسعى خصوصا إلى أن يُظهر التزامه كـ "ملك مهتم بالبيئة خارج الحدود البريطانية".
من ناحية أخرى.. تأتي هذه الزيارة المهمة في وقت تشهد فيه فرنسا جدولا حافلا بالأحداث والفعاليات الرياضية، حيث تأتي في خضم بطولة كأس العالم للرجبي المقامة حاليا في البلاد منذ مطلع الشهر الجاري، وأكد الإليزيه أن هذه الرياضة هي "شغف مشترك بين البلدين".
كما سيعقبها زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان إلى مارسيليا (جنوبي البلاد)، الأمر الذي يحتم وجود تعزيزات أمنية مكثفة.
في هذا الصدد.. أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانين عن "تعبئة استثنائية" للشرطة، وبعث برسالة إلى مديري الأمن؛ لإبلاغهم بترتيبات أمنية "غير مسبوقة" مقررة خلال هذه المناسبات، من أجل ضمان أمن وأمان تلك الشخصيات المهمة، وأيضا من أجل ضمان سلامة الزوار والمواطنين.
وتم الإعلان عن نشر ما يصل إلى 30 ألف فرد من الشرطة خلال هذا الأسبوع، حيث أشار الوزير إلى تعزيزات أمنية بداية من غد الأربعاء، يوم وصول الملك تشارلز الثالث إلى فرنسا، وسيتم في البداية حشد 8 آلاف من أفرد الشرطة، وسيزيد العدد تدريجيا في الأيام التالية حتى يصل إلى 30 ألفا يوم السبت المقبل، مع القداس الذي سيقيمه البابا فرنسيس في ملعب "فيلودروم" في مارسيليا، بحضور الرئيس الفرنسي.
يذكر أن هذه هي الزيارة الرسمية الخامسة والثلاثين لتشارلز إلى فرنسا، وهي التاسعة لكاميلا، حيث كانت آخر زيارة لتشارلز إلى فرنسا، بصفته ولي العهد، في عام 2019 بمناسبة الذكرى 75 لإنزال قوات الحلفاء في النورماندي خلال الحرب العالمية الثانية.
العالم
زيارة تشارلز إلى فرنسا.. برنامج مليء بالأحداث وتأهب أمني غير مسبوق
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق