قام أحمد عيسي وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، بجولة داخل جامع سليمان باشا الخادم بقلعة صلاح الدين الأيوبي والمعروف باسم "سارية الجبل"، لتفقد الأعمال التي تم تنفيذها خلال مشروع الترميم، كما استمعا إلى شرح مفصل من الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار عن مشروع الترميم، وتاريخ الجامع وعناصره المعمارية الفريدة.
شارك في الجولة المهندسة جيهان عبد المنعم نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية، بحضور أحمد عبيد مساعد الوزير لشئون الديوان والوكيل الدائم للوزارة، والعميد مهندس هشام سمير مساعد الوزير لمشروعات الآثار والمتاحف، والدكتور أبو بكر أحمد عبدالله المكلف بتسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، وعدد من قيادات وزارة السياحة والآثار، والمحافظة، والمجلس الأعلى للآثار.
وأعرب وزير السياحة والآثار عن سعادته بتواجده لافتتاح هذا الجامع والذي يعد جزءا من تراث مصر الحضاري، مثمنًا المجهود الكبير الذي بذله فريق العمل منذ بدء العمل بالمشروع، مشيرا إلى أنه يعد أحد أهم وأدق مشروعات الترميم التي نجحت الوزارة في الانتهاء منها وافتتاحها في الآونة الأخيرة، متمنيا أن يستمتع الزائرين المصريين والأجانب بهذا الأثر الفريد وتصميماته الفنية وتاريخه بصفة خاصة وتاريخ القاهرة التاريخية بصفة عامة.
وأشار الوزير إلى أن افتتاح هذا الجامع يعد أحد أهم نتائج الإصلاح المالي الذي يشهده المجلس الأعلى للآثار خلال الفترة الحالية، مؤكدًا على الالتزام بترميم وإعادة تأهيل كافة المواقع الأثرية بنطاق القاهرة الكبري خلال هذا العام، ما يأتي في إطار خطة الوزارة لجعل مدينة القاهرة مقصد سياحي قائم بذاته يستمتع فيه السائح بكل المقومات والأماكن السياحية والأثرية بمدينة القاهرة، موضحًا زيادة الإنفاق العام على المشروعات الآثار بنسبة بلغت نحو 3 مليار جنيه للعام المالي الحالي مقارنة بالعام المالي المنقضي والذي بلغ فيه الانفاق حوالي مليار ونصف، مشيرا إلى أن الإصلاح المالي الذي يشهده المجلس الأعلى للآثار أسفر عن قدرة المجلس على تمويل كافة المشروعات تمويلًا ذاتيًا من خلال الارتفاع الذي تشهده إيرادات تذاكر الزيارة بحوالي 5 أضعاف خلال عامين.
ووصف الوزير افتتاح المسجد اليوم بالاستثمار الكبير في مجال السياحة حيث يساهم في تقديم تجربة سياحية خاصة للزائرين من المصريين والسائحين من كل دول العالم في ضوء حرص الدولة على تحسين جودة التجربة السياحية بالمقاصد السياحية المصرية، لاسيما في ظل النمو المتزايد في الحركة السياحية التي تشهدها مصر في الوقت الحالى وإستعادتها لنسبة السياحة بعد جائحة كورونا بشكل كبير، مشيرا إلى تطلع الوزارة من خلال التعاون مع وزارة الطيران المدني لزيادة عدد المقاعد القادمة من بعض الأسواق السياحية الجديدة والمستهدفة مثل سوق أمريكا اللاتينية خاصة بعد تشغيل خط طيران جديد مباشر مع البرازيل، والارتفاع الكبير في أعداد السائحين القادمين منه، الأمر الذي يؤكد حرص الوزارة على فتح أسواق سياحية جديدة.
وعقب الانتهاء من مراسم الافتتاح حرص الوزير على تفقد منطقة خدمات الزائرين بمحيط قلعة صلاح الدين الأيوبي والتي جاري العمل على تجهيزها لتحتوي على عددًا من البازارات والكافيتيريات وأماكن انتظار السيارات، بما يعمل على تحسين التجربة السياحية بالمنطقة، والتي تعد أحد أهم المحاور الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة في مصر.
فيما استعرض الدكتور مصطفى وزيري تاريخ الجامع وعمارته المتفردة، لافتا إلى أن العمل بالمشروع بدأ في عام 2018، واستغرق نحو 5 سنوات بتكلفة بلغت نحو 5 مليون جنيه، موضحا أن جميع الأعمال تمت تحت إشراف قطاعي المشروعات والآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، والتي شملت أعمال الترميم المعماري والدقيق وإزالة التكلسات، والأتربة، والاتساخات وتقوية النقوش، وتقوية وعزل الأخشاب وعمل الصيانة اللازمة للرخام.
وأكد وزيري على أن افتتاح هذا المسجد يعد إضافة جديدة للأماكن الأثرية التي يمكن زيارتها بقلعة صلاح الدين الأيوبي، مما يعمل على زيادة الحركة السياحية داخلها.
ومن جانبه أشار العميد مهندس هشام سمير أن أعمال الترميم بالجامع شملت أعمال التدعيم الإنشائي والترميم المعماري والدقيق، من أهمها معالجة واستكمال وتنظيف وعزل الواجهات الحجرية والمئذنة، والوحدات الزخرفية، والتكسيات الرخامية بجدران الجامع، بالإضافة إلى معالجة وتقوية طبقات الملاط بقباب الصحن المكشوف، ومعالجة الأحجار والقباب الأثرية بالضريح الملحق بالجامع، والوجهات الزخرفية، وكافة العناصر الخشبية. كما تم ترميم سقيفة الكُتاب المزخرفة والدكة أعلي السقيفة، وعمل طبقات العزل والحماية للطبق الخشبي المزخرف بالمواد المعروفة عالميا في أسس الترميم، فضلًا عن أعمال تركيب البلاطات الخزفية لجميع قباب الجامع وعددها 23 قبة والتي تم تدعيمها لحمايتها قبل التركيب البلاطات الخزفية، فضلا عن الانتهاء من أعمال تطوير شبكة الإضاءة الداخلية للجامع والكتاب.
وقد شملت الأعمال كذلك ترميم الضريح من الداخل والخارج وترميم الزخارف اللونية بالقباب الداخلية وأيضا ترميم الواجهات وتنظيفها من الاتساخات المتراكمة علي الأحجار وترميم الرخام المتواجد بالصحن وبيت الصلاة والمنبر الرخامي الفريد من نوعه.
وعن تاريخ الجامع وتخطيطه أوضح د. أبو بكر أحمد عبدالله أن تاريخ إنشاء الجامع يعود لعام 1528م، وتم تسجيله ضمن عداد الآثار في عام 1951م.
يقع الجامع فى القسم الشرقى من قلعة صلاح الدين الأيوبي، شيد على الطراز العثماني ويتميز بتغطيته بالقباب وتزويدها بالمآذن القلمية، وتكسية الجدران الداخلية ببلاطات خزفية. وشيد الجامع في الأساس للجنود الإنكشارية، وهم طائفة من جيوش العثمانيين الذين دخلوا مصر عام 1517، مع السلطان سليم، وسكنوا داخل الأسوار الشمالية للقلعة، بعد أن تهدم جزء كبير من مسجد الناصر محمد بن قلاوون ولم يعد صالحاً لإقامة شعائر الصلاة.
ويتكون الجامع من مستطيل كبير يمتد من الشمال إلى الجنوب وينقسم إلى قسمين متساويين تقريبا: القسم الأول مغطى ويعرف باسم "بيت الصلاة" وهو يمثل الجامع نفسه وهو مغطى بقبة كبيرة مبنية من الحجر تقوم على مثلثات كروية يطل عليها ثلاثة إيوانات كل واحد منها مغطى بنصف قبة.
أما الجزء الثانى فهو الجزء المكشوف ويعرف باسم "الحرم" أو صحن الجامع، وهو عبارة عن فناء مكشوف تحيط به الأروقة ويطل عليه شباك ضريح الأمير مرتضى مجد الخلافة أبى منصور قسطه منشئ المسجد الأول، وهذا الصريح ضمن مبنى مستطيل ملحق بالقسم المكشوف ( الصحن) من الجامع ويضم قبوراً بعضها قديم وأغلبها من العصر العثمانى.