كعادتها لا تتوانى مصر عن دعم الأشقاء العرب في أوقات المحن، ولعل ذلك ظهر في السرعة الكبيرة التي استجابت بها الدولة المصرية على كافة المستويات لتوجيهات القيادة السياسية بضرورة الإسراع في تقديم الدعم للأشقاء في ليبيا والمغرب بعدما ضربتهم الكوارث الطبيعية على مدار الأيام القليلة الماضية، وخلفت ورائها آلاف الضحايا.
ولم تمر سوى ساعات قليلة بعد ما ضرب ليبيا من إعصار مدمر، وكذلك المغرب في أعقاب زلزال مراكش، حتى كانت مصر حاضرة وبقوة وتوجهت فرق الإغاثة على الفور إلى الأراضي الليبية والمغربية، لتقديم يد العون والمساعدة لإنقاذ آلاف الأرواح التي لا تزال تعاني من تبعات إعصار دانيال وزلزال مراكش.
زلزال المغرب وإعصار ليبيا
كان زلزال مدمر قد ضرب مراكش يعد الأعنف الذي يضرب المغرب منذ سنوات، حيث أدى الزلزال الذي بلغت قوته 6.8 درجة والذي ضرب جبال الأطلس الكبير في وقت متأخر من يوم الجمعة 8 سبتمبر الجاري، إلى مقتل 2946 شخصًا وإصابة 5674 آخرين، وفقًا لأحدث الأرقام الرسمية.
وفي وقت سابق، أعلن الهلال الأحمر الليبى، الخميس، أن حصيلة القتلى من جراء الفيضانات التى اجتاحت مدينة درنة شرقى ليبيا، إثر العاصفة "دانيال" ارتفعت إلى 11300 قتيل، فى وقت تستمر جهود إنقاذ العالقين فى المدينة المنكوبة.
وقال الأمين العام للهلال الأحمر الليبى، صرح مرعى الدرسى، إن هناك أكثر من 10 آلاف مفقود فى درنة حتى الآن، وفق ما أوردت وكالة "أسوشيتد برس".
اصطفاف معدات الدعم والإغاثة للأشقاء في ليبيا
وقبل أيام شهد الرئيس السيسي اصطفاف معدات الدعم والإغاثة والمساعدات الإنسانية للأشقاء في ليبيا، مؤكدا أن الإجراء العاجل للقوات المصرية المتجهة إلى ليبيا يأتى من أجل تخفيف الآثار الناتجة عن السيول سواء بفتح الطرق أو المعابر لتسهيل الحركة داخل المدينة أو للمدينة أو انتشال الضحايا من أسفل المباني المدمرة أو من سقطوا في البحر.
وأضاف الرئيس السيسي خلال تفقده اصطفاف معدات الدعم والإغاثة والمساعدات الإنسانية للأشقاء في ليبيا، اليوم، قائلًا: «بشكركم وأنا كنت متوقع كده.. ونتأكد أن كل شئ طبقا للتصور والتخطيط.. ومستعدون دائما بمعدات متقدمة وده أمر بنعمله وشغالين فيها بما يتلاءم مع التطور في الموضوع ده.. ولابد من الاستعداد للتعامل مع قدر ربنا.. بشكركم وبشكر الدولة وبعزي الأسر المصرية».
ويوم الثلاثاء الماضي، توجه إلى دولة ليبيا الشقيقة، وفد عسكري مصري برئاسة الفريق أسامة عسكر رئيس أركان حرب القوات المسلحة؛ للتنسيق على سبل تقديم كافة أوجه الدعم اللوجيستي والإغاثة الإنسانية العاجلة بالتعاون مع الأجهزة والمؤسسات الليبية المختصة، وفقًا لاحتياجاتها لمواجهة التداعيات المترتبة على الإعصار، مع فتح جسر جوي لنقل الدعم اللوجستي يبدأ بإيفاد عدد 3 طائرات عسكرية تحمل على متنها مواد طبية وغذائية وعدد 25 طاقم إنقاذ مزود بكافة المعدات الفنية اللازمة، إضافة إلى طائرة أخرى لتنفيذ أعمال الإخلاء الطبى للشهداء والمصابين.
وأكدت القوات المسلحة تسخير كافة إمكاناتها للوقوف مع الأشقاء فى هذه الظروف الصعبة، متقدمة بخالص التعازى في ضحايا الكارثة الإنسانية ومتمنية الشفاء العاجل للمصابين.
"الميسترال" مستشفى ميداني لإغاثة الليبيين
كما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإقامة معسكرات إيواء بالمنطقة الغربية العسكرية للمتضررين من أشقائنا الليبيين الذين فقدوا ديارهم،جراء الإعصار والفيضانات، حيث أمر بتجهيز حاملة الطائرات الميسترال للعمل كمستشفى ميداني، لعدم تحميل الأشقاء فى ليبيا أية أعباء، وشدد على القوات والعناصر المتجهة لليبيا ببذل أقصى جهد للتخفيف من آثار الكارثة الإنسانية.
وتقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي بخالص العزاء لأسر الضحايا من المواطنين المصريين المتوفين فى ليبيا جراء الإعصار والفيضانات، ووجه بتوفير إعانات عاجلة لأسرهم، موجها الشكر لأجهزة الدولة، ولاسيما القوات المسلحة، على الجهود الدؤوبة وسرعة التنسيق مع الأشقاء فى ليبيا والمغرب للوقوف بجانبهم فى هذه المحنة الأليمة.
مساعدات مصرية إلى ليبيا والمغرب
في هذا الشأن، قال المدير التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر المصري رامي الناظر، إنه "تم تجهيز أكثر من 100 طن من المواد الإغاثية للمغرب، وإرسال 90 طنا أخرى إلى ليبيا".
وأضاف "الناظر" أنه تم تجهيز عدد من فرق الهلال الأحمر المصري والعاملين في مجال البحث والإنقاذ للمساعدة في ليبيا، كما يعمل فريق كبير من المتطوعين على مدار الساعة لتجهيز وتعبئة وتغليف المساعدات الغذائية وغير الغذائية، بهدف توصيلها للطرف الآخر بالشكل السليم واللائق، مشيرا إلى أن هناك 10 فرق إغاثية كل منها قوامه 5 متطوعين مقرر دخولها ليبيا خلال الساعات المقبلة، للمشاركة في عمليات البحث والإنقاذ، بعد الحصول على الموافقات اللازمة.
كان الهلال الأحمر المصري قد أطلق حملتي مساندة للمغرب وليبيا لدعم الأسر المتضررة من آثار الزلزال والفيضانات المدمرة، التي أدت إلى خسائر بشرية ومادية فادحة، وذلك من خلال الاتصال على خط ساخن أو عن طريق موقع الهيئة على الإنترنت.
مساعدات مصرية للسودان
في مايو الماضي، أرسلت مصر طائرتين عسكريتين إلى مطار بورتسودان، الثلاثاء، لنقل مساعدات طبية إلى السودان الذي يشهد صراعا منذ أكثر من شهر بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال بيان للقوات المسلحة إنه "تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، وفى إطار دعم وتضامن مصر مع الشعب السوداني في مختلف المحن والأزمات، أقلعت طائرتا نقل عسكريتان من قاعدة شرق القاهرة الجوية إلى مطار بورسودان، محملتان بأطنان من الشحنات الطبية المقدمة كإهداء من وزارة الصحة والسكان المصرية للمساهمة في تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين".
وفي أغسطس 2022، أرسلت مصر إلى السودان أولى شحنات المساعدات المصرية، التي تبلغ 174 طنا من الأدوية، والأمصال المضادة للجفاف، والأغذية، والأغطية، والخيام، في إطار فعاليات الجسر الجوي المصري للسودان.، حيث قال سفير مصر بالسودان، حسام عيسى، إن هذه الطائرة هي الأولى من بين 6 طائرات سيتوالى وصولها على مدى الأسبوعين المقبلين، تستهدف مناطق النزاعات في دولة السودان العزيزة.
قافلة مساعدات من مصر لسوريا وتركيا
وفي فبراير 2023، أرسلت مصر قافلة مساعدات من مصر لسوريا وتركيا، وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإرسال قافلة من المساعدات في إطار الدعم والتضامن المصري مع أبناء شعبي سوريا وتركيا، في أعقاب الزلزال المدمر بكلتا الدولتين.
وقال المتحدث باسم القوات المسلحة إن "سفينة إمداد مصرية غادرت ميناء العريش متجهة إلى دولتي سوريا وتركيا، وعليها مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية، اشتملت على كميات كبيرة من الخيام، والبطاطين، والمواد الغذائية، والأدوية، والمستلزمات الطبية المقدمة من وزارتي الدفاع والتضامن الاجتماعي، والأزهر الشريف، وجمعية الهلال الأحمر، وصندوق تحيا مصر، للمساهمة في تخفيف الآثار الناجمة عن الزلزال المدمر في كلتا الدولتين".
وأشار إلى أن القافلة تأتي "في إطار حرص القيادة المصرية على دعم علاقات التآخي بين الشعوب، وبما يساعد الأشقاء على تجاوز الأزمات والمحن"، وأفاد بيان رئاسي مصري، بأن السفينة وصلت إلى "ميناء اللاذقية السوري محملة بمئات الأطنان من المساعدات الإغاثية".
خبير: مصر دائما سباقة في الدعم والتضامن مع جميع الأشقاء
في هذا الشأن قال الدكتور محمد صادق، مدير المركز العربي للدراسات السياسية، إن سرعة الإجراءات التي اتخذتها مصر لدعم ومساعدة الأشقاء في ليبيا والمغرب، له دلالات مهمة للغاية في مقدمتها أنها تدل عن مدى التضامن العربي الذي تقدمه مصر للشعوب العربية، ومعلوم أن مصر دائما سباقة في الدعم والتضامن مع جميع الأشقاء، ودائما ما تكون حاضرة سواء على صعيد الدبلوماسية الإنسانية، أو من خلال الجهود المصرية لتخفيف المعاناة عن الشعوب التي تحدث بها أزمات وكوارث، وأبرز مثال على ذلك السرعة في التعامل مع الكارثة الإنسانسة التي تواجها الشقيقتين ليبيا والمغرب.
وأضاف "صادق" بعد إعصار دانيال لم تتوانى مصر عن تقديم الدعم للشعب لليبي، فعلى الرغم من خروج دعوات بالتضامن العربي مع كارثتي ليبيا والمغرب، فإن مصر كانت ساقة وأرسلت بالفعل مساعدات إنسانية للأشقاء قبل خروج هذه الدعوات".
وتابع: "مصر دائما حاضرة بقوة في تقديم يد العون للأشقاء، وظهر ذلك في جائحة كورونا عندما أرسلت مصر المساعدات لجميع دول العالم، من أجل تخفيف المعاناة عن الشعوب العربية ودول العالم أجمع".