الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نظرة إلى السابالايز والناظر والناظرة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


الظروف الإقتصادية من الممكن تحديها والتغلب عليها إن كانت الأحوال الإجتماعية سليمة، فالمجتمع القوي المتماسك المتحاب هو المنتصر مهما تعاظمت الحروب والشدائد، وتحالفت القوى والظروف عليه، فالبحث عن ناظر وناظرة يكون لديهم بعد نظر ضرورة من ضرورات الحياة المدرسية السليمة.
لا يخف على أحد الظرف الاقتصادي المؤلم الذى تعانيه بلدنا المعشوق، وبالتالى يعانى منه كل مواطن يعيش على أرضنا الطاهرة، ورغم هذه المعاناة التى نشعرها جميعا إلا أن الأهالى يقتطعون من لحمهم الحى حتى يستطيعون تعليم أولادهم كما يتمنون، وهى ضغوط يتحملونها رغمًا عنهم ولا مفر منها، وبالقطع زادت المصروفات المدرسية، وأيضا أتوبيسات المدرسة والأدوات المدرسية، ولكن العجيب والغريب والوضع الشاذ هو أن يتفتق ذهن البعض لتغيير الزى المدرسى فى هذه الظروف القاسية!.. فعادةً يستخدم أولياء الأمور ملابس العام السابق، ويكتفون بجبر الناقص سواء ما بلى منه أو اختلفت مقاساته، كما يمكن أن يستخدموا ملابس أولادهم الكبار لمن هم أصغر منهم، وذلك لتخفيف الحمل الثقيل.. ولكن يأبى البعض التخفيف ويصعبون على الأهالى دخول المدارس بتغيير الزى، وإختراع زى جديد كل عام!.. والتعاقد مع شركات ومحلات بعينها يتم توفير الملابس المطلوبة فيها بتكاليف أكبر كثيرا من قيمة الخامات المستخدمة!.. على الرغم من أهمية تثبيت الزى وتميزه، كى يصبح مع الوقت سمة تميز طلاب كل مدرسة.. وهذا ما كانت تنتهجه المدارس العريقة، ولكن على ما يبدو أصبحت المصالح الشخصية هى الأساس، دون مراعاة الصالح العام أو مصلحة الصغار وذويهم!.. بالإضافة للطلبات المبالغ فيها تحت مسمى (سابالايز) والتى تتطور وتزيد كل عام عن العام السابق، حتى أصبح أولياء الأمور يشعرون وكأنهم يجهزون أبنائهم للزواج وليس لدخول المدرسة!.. هذا العبء الإضافى لم تكن نسمع عنه فى طفولتنا، وكان أقصى ما يتحمله أولياء الأمور حينها تجليد الكراسات والأدوات المدرسية العادية، من كراسات وكشاكيل وأقلام وألوان وأدوات هندسية (برجل ومنقلة ومسطرة)، وكانت الأهالى تئن من الطلبات!..ولكن الآن نسمع العجب!.. ولا أعرف من أين أتت فكرة السابلايز ومن الذى أخترعها ليزيد عكننة أولياء الأمور بتكاليف لا يتحملونها!.. إلى جانب الجهد الشاق الذى يتكبدونه لتفسير معانى اللوازم المطلوبة فى قائمة الطلبات، والتى عادة ما تتكون من عدة صفحات، ثم جمعها من المكتبات والمراكز التجارية المختلفة!.. ولا أعلم ما معنى طلب كميات من الصابون والمناديل الورقية والمطهرات (كلور، وديتول، وكحول) من كل تلميذ؟!..ومنذ  متى أصبحت نظافة المدرسة تقع على كاهل أولياء الأمور رغم ما يتحملونه من مصاريف باهظة فى بعض الأحيان؟!.. وحتى لو إفترضنا تحملهم لمصاريف إضافية للنظافة، فلماذا لا يتم جمع مبلغ بسيط من كل طالب تحت بند المساعدة فى شراء المنظفات وأدوات النظافة أو أن يحضر كل طالب فى حقيبته ما يلزمه سواء قطعة صابون صغيرة ومناديل وزجاجة كحول؟!.. لماذا الضغط الزائد على الأسر؟! ولماذا لم نسمع عن هذه التقاليع فى الأجيال السابقة والتى خرج منها الكثير والكثير من الشخصيات العظيمة التى نفخر بها من علماء وأطباء ومهندسين وكتاب وشعراء ورياضيين وفنانين؟!.. ما الذى يحدث فى مدارسنا؟! والتى تحولت فيها تسمية الناظر والناظرة إلى مدير ومديرة المدرسة، فكانت التسمية القديمة للدلالة على المتابعة الدقيقة لكل شؤون المدرسة؛ من متابعة للخدمة التعليمية التى تقدم إلى متابعة كل أحوال العاملين تحت قيادتهم، بجانب المتابعة الدقيقة للطلبة وأحوالهم العامة من تحصيل للعلوم الى جانب الاهتمام الدقيق بالحالة الصحية والنفسية.. أين ذهب الناظر والناظرة وأين التعامل بالحزم مع الحنية، والمتابعة مع مراعاة الظروف الاجتماعية وخلق جو من التعاون والتراحم والتآخي بين الجميع، لقد مرت أمامى هذا العام تجربة أليمة لإحدى الطالبات، والتى توفى والدها أثناء الامتحانات، ولنا أن نتخيل ما تحمله تلك المصيبة من زلزال يهز الأسرة ويقلبها رأسًا على عقب!.. فكانت الطالبة تطلب تأجيل بعض الامتحانات التى تتطلب جهدًا ووقتًا زائدًا، وذلك وفقا للقوانين المتبعة فى هذه المؤسسة التعليمية، إلا أن المدير الذى لا يجيد سوى الأوامر! لم يترفق بها أو يشعر بمعاناتها وألمها، وبدلًا من أن يساعدها أو يحاول تيسير الأمور لها، وضع عراقيل أمامها، وأغرقها بأمور روتينية كان يمكن تفاديها!.. مما أدى إلى إنهيار الطالبة بتحميلها ما يفوق طاقتها، فى هذه الظروف القهرية!.. وهو ما يذكرنى بالنقيض لتلك المعاملة وذلك فى أحد الأفلام العظيمة فى تاريخنا السينمائى وهو فيلم (الست الناظرة) بطولة العظماء رحمهم الله سعاد حسني وشكرى سرحان والناظرة زهرة العلا وزوجها محمود ذو الفقار والأب عماد حمدى وزوجة الأب القاسية زوزو نبيل.. والفيلم قصة وحوار المبدع محمد على أحمد ومن إخراج القدير أحمد ضياء الدين.. هذا الفيلم يجب أن يدرس لكل من يقع عليه الاختيار لإدارة مدرسة ليعرف معنى ناظر المدرسة ودوره الحقيقى الذى يساعد على خلق أجيال سوية تتحمل المسؤولية وتنهض ببلدها وتعينه وقت الشدائد.. الظروف الإقتصادية من الممكن تحديها والتغلب عليها إن كانت الأحوال الإجتماعية سليمة، فالمجتمع القوى المتماسك المتحاب هو المنتصر مهما تعاظمت الحروب والشدائد، وتحالفت القوى والظروف عليه، فالبحث عن ناظر وناظرة يكون لديهم بعد نظر ضرورة من ضرورات الحياة المدرسية السليمة.
*أستاذة بأكاديمية الفنون