أحد الناجين: تمكنا من الفرار بعد أن غطانا الحطام
سيطرت كارثة الزلزال، الذى ضرب إقليم الحوز التابع لمدينة مراكش المغربية، على اهتمام الصحف العالمية، خلال الأسبوع المنتهى، والتى نقلت عن بعض شهود العيان ما عاشوه وما يعانونه منذ ليلة كارثة الزلزال، وقال أحدهم لصحيفة الجارديان البريطانية، "شعرنا وكأننا نتعرض للقصف".
والتقت الجارديان، مع عبدالرحيم إيمنى، وكانت يده مغطاة بالضمادات، أمام أنقاض أو ما تبقى من منزله فى قرية مولاى إبراهيم، حيث أصيب "عبدالرحيم" نتيجة سقوط الحجارة خلال الزلزال، لكنه حاضر يوجه عملية رفع الأنقاض فى الشارع الذى كان يوجد فيه منزله ذات يوم.
وفى ممر ضيق فى القرية، فى جبال أطلس بالمغرب، كانت هناك آثار منزل امتد عبر الممر وسط انجراف من الأنقاض الرملية، حيث لم يكن من الممكن التعرف على المنزل، إذ لم يكن إلى حد كبير كما كان عليه من قبل، باستثناء غرفة منفردة فوق الأنقاض، ولا يزال الطلاء الأزرق لجدرانها مرئيًا.
حيث كان "عبدالرحيم"، الذى يعمل كهربائيا ويبلغ من العمر ٤٣ عاما، نائما فى هذه الغرفة مع ثلاثة أفراد آخرين من أسرته، عندما انهار باقى المبنى من حولهم حين ضربت سلسلة من الصدمات المدمرة للزلزال القرية بعد الساعة ١١ من مساء يوم الجمعة الماضي، واعترف بأنه كان محظوظًا وقتها.
وقال "عبدالرحيم" للصحيفة البريطانية، شعرت بالمنزل يهتز، وقد غطانا الحطام للحظة، ولكن لفترة قصيرة فقط تمكنا من الفرار، وحتى ذلك الحين لم يكن الأمر سهلا، لم تكن هناك كهرباء وكان الهواء مليئا بالغبار، ولم نتمكن من الرؤية، وكان قلبى ينبض وكأننى أعانى من نوبة قلبية.
وفى قلب هذه القرية الريفية الفقيرة، التى يبلغ عدد سكانها ٣٠٠٠ نسمة، وتمتد على منحدر جبلى شديد الانحدار، تهدمت كل المنازل، وتقريبًا لم يبق أى مبنى سالما، حيث تفككت بعض المنازل، وبقيت أخرى واقفة، لكن الطوابق العليا منها تنحنى حاليًا بشكل خطير فوق الممرات الضيقة، ما يهدد بسقوطها.
ولكن التأثير الأسوأ للزلزال كان على البشر، ويقول سكان مولاى إبراهيم، إن أكثر من ٢٥ شخصًا لقوا حتفهم هنا حسب علمهم، حيث وصف أوميزان الحسين، ٥٦ عاما، الذى كان يقف فى مكان قريب، اللحظة التى اهتزت فيها الأرض، قائلا: "استمر الأمر لمدة ست ثوان، شعرنا وكأننا نتعرض للقصف".
وقالت الجارديان، إن القرويين فى القرية، يساعدون أنفسهم إلى حد كبير، إذ لم تصل إليهم المساعدات على الفور، بينما بدأت مخيمات الخيام فى الظهور فى بعض المواقع المجاورة وعلى طول الطريق الرئيسى الأقرب إلى السهل الساحلى.
وقال مولاى على أزواد، الذى كان يجلس مع عائلته على جانب أحد الطرق الرئيسية فى القرية: "إن المساعدة الوحيدة التى تلقيناها عقب وقوع الزلزال، هى من أقاربنا المغاربة الذين يعيشون فى الخارج والذين أرسلوا إلينا أموالاً لشراء الطعام"، أما "عبدالرحيم" فقال: "نحن ننتظر أن تقدم لنا الحكومة المساعدة التى نحتاجها وتخبرنا بما سيحدث".
وفى قرية دوار تاركة، التى تقع على بعد نحو ٩٠ كيلومترا من مدينة مراكش، حيث تلفح رائحة الموت الزائر كما تلفحه الريح المحملة بالغبار، بين أزقة كلها مهدمة يمر المرء فوق سطح منزل، عبر ما كان غرفة نوم، بين حيطان مطبخ، كل شيء تحوّل حطاما.
وقال "حسن" الذى يتكأ على عكازات وهو يتنقل بين كومة ردم: "أنا وأربعة شباب آخرين نجونا بأعجوبة، حيث أنقذنا بأيدينا نحو خمسة عشر شخصا، وانتقلنا بعد وقوع الزلزال من منزل إلى آخر ننادى على أهل المنزل بالاسم، وتجاهلنا المنازل التى لم تخرج منها أصوات، انتقلنا من دار إلى آخر وتمكنا من إنقاذ عدد من الناس.
وأضاف "حسن": "عثرنا تحت خزانة ثياب من خشب على ثلاثة أشخاص، جد ووالد وصبى بالثانية من عمره، كانت طبعا مدفونة تحت الأنقاض، وانتشلنا الطفل حيا، والجد نجا رغم أن التراب كان يطمره حتى أنفه، أما الوالد فوجدناه ميتا، بعدما سقط عليه عامود خشبى أصابه فى الرأس".