لم يتخيل الشاعر المغربي محمد منير، أن بعد دقائق من خلوده للنوم برفقة أسرته مساء ليلة الجمعة - 8 سبتمبر- بمسكنه الواقع في النطاق الجغرافي لإقليم الحوز؛ أنه سيستفيق بعد لحظات على أهوالٍ مُفزعة لم يرى مثلها من قبل طيلة حياته؛ ففي غضون لحظات تحول سكون الليل الهادئ لصُراغ وعويل جراء زلزال مُفجع تبعه حزن وحسرة وألم.
يسرد «منير» لـ البوابة نيوز تفاصيل اللحظات الأولى لأهوال زلزال المغرب وتحديدا فى إقليم الحوز - يضم نحو 40 قرية - وكان يقطنه مع أسرته والذى ارتفعت ضحاياه لـ 1643 وفق بيان الداخلية المغربية جراء الزلزال المدمر الذى ضرب 9 أقاليم فى المغرب حتى مساء الـ 12 من سبتمبر 2023 فيما بلغ إجمالي الوفيات2901 شخصًا، دفن منهم 2884 وبلغ تعداد الجرحى 5530 شخص.
«ماذا عسى أن أقول؟ وكيف يمكن أن نحكى التجربة المريرة التى مرت بأسرتنا؟» بهذه الجُمل الاستفهامية بدأ «منير» حديثه لـ البوابة نيوز قائلًا: «عقارب الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة من ليلة الجمعة وتمدد أغلبنا للنوم، ولكن فى لحظات باغتتنا هزة أرضية عنيفة وبات دوى الصراخ يملأ السمع وهرب الناس إلى الشارع خوفا من الموت الذى كان يحاصر الجميع وبات هو الأقرب من الحياة».
يضيف رئيس مدارت الثقافة والفنون: «فى الحقيقة عشنا لحظات قاسية أصعب مما يتخلعه عقل بشر وأن نحكى ونسرد تلك التجربة المريرة هى الأصعب على الإطلاق فالقلب يرتجف حين يسترجع العقل كواليس اللحظات الأصعب فى حياتى، فى ثوانى معدودات تغيرت معالم كل شيء، وتحولت البيوت الآمنة لمصدر فزع وخوف ورهبة وخوف وسويت بالأرض فوق رؤوس قاطنيها، وذهبت أسر بأكملها فى لحظات إلى بارئها».
ويكمل: «لحظات قاسية لن تسقط بالتقادم من عقولنا قبل وقوع الهزة الأرضية خلدت للنوم فى مسكنى المكون من 3 طوابق فى إقليم الحوز؛ وإذا بأصوات صراخ عالية جدا «اخرج اخرج»؛ ولا أدرى كيف خرج أنا وأسرتى من منزلنا الذى تهدم بعد دقائق من خروجنا إلى الشارع بملابس النوم».
ويضيف، «خرجنا من البيت وانهار المنزل الذى عشنا فيه كل ذكريات حياتنا ومحيت فى لحظات أمام أعيننا وبات سواد الليل قاتم وغبار الانهيارات تحجب الرؤية وتقطعت كل سبل العيش، فلا ماء ولا كهرباء ولا اتصالات ولا شبكات خلوية، فقط مئات الأشخاص فى الشوارع والطرقات وصراخ الاستغاثات يخرق الآذان؛ وهول الصدمة يرجف القلوب والعيون منهمرة من البكاء. ويؤكد الفنان التشكيلى المغربى، أن المؤسسات المحلية تقوم بعمل دؤوب وقاس منذ اللحظات الأولى للزلزال تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتوفير المعونة لبعض الدواوير التى تم عزلها».
أهوال زلزال المغرب
مشاهد تدمى القلوب.. مرضى فى الشوارع وفقدان بالجملة
وحمل الزلزال فى طياته مآسى وقصص تدمى القلوب للناجين من تحت أنقاض زلزال المغرب بعد فقدانهم أقرب الناس إليهم؛ من بينهم مقطع فيديو لصغير بدا عليه الحزن والحسرة وهو يتحدث عن فقدانه والدته وإخوته وجدته. غير أن منطقة باب الفتوح بمراكش شهدت واقعة مؤسفة أبكت القلوب حزنا إذ انتشل المنقبون عن ضحايا الزلزال جثتى لعريس وعروسة كانا يقضيان شهر العسل وانهار عليهم جدار أثناء عبورهم من إحدى الأزقة الضيقة بالمدينة المنكوبة. حسب وسائل إعلامية مغربية محلية ومقاطع فيديو تداولت على قطاع واسع.
ويعانى المغاربة من الآثار المدمرة لتوابع الزلزال؛ وعلى إثره قررت إدارة المستشفى الجامعى محمد السادس فى مراكش إخلاء جميع المرضى خوفا من الهزات الارتداية، وأظهرت مجموعة صور المرضى وهم نيام على أسرة المستشفيات فى الشارع خوفا من انهيار المستشفى؛ وبات الأطباء يتابعون مرضاهم فى الشوارع.
ولبى الآلاف من المغربية نداء الواجب والطوارئ التى أطلقته المراكز الصحية بشأن التبرع بالدم؛ واصطف المئات أمام المراكز الصحية للتبرع بالدم فى مراكش. وكانت الدكتورة سميرة الفزانى، مديرة مركز الجهوى لتحاقن الدم فى مراكش قالت فى تصريحات صحفية: إن مراكش تعانى الأسبوع الجارى من نقص حاد فى الدم نظرا للظروف الاستثنائية والتطورات الأخيرة المرتبطة بـ«كوفيد-19» وهو الأمر الذى دفعها لإطلاق نداء الطوارئ للتبرع بالدم لصالح مصابى وجرحى الزلزال.