الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

غلطة عمري!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صديقي التائه، أخبروك أن الله تعالى قال: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وهذا جواب القسم، ذكر بعد «التين والزيتون»، لكن لم يخبروك أن هذا التقويم سيتمزق تدريجيا بفعل الظروف والزمن والبيئة والشخوص.

قد يخبروك أنك مسير وأن كل شيء مكتوب وأن أفعالك التي تستحي الشياطين فعلها مجبر عليها، وقد يخبروك أنك المخطئ والسبب والنتيجة معا. 

وسواء كنت تؤمن بالميتافيزيقا، أو مقتنع بالتفسيرات العقلية المعتمدة على الأسس الدينية وتفسيراتها للخلق والموت والحياة، أو كنت تتبع منهجا فكريا يعتمد على الاستنتاجات والمنطق، فالنتيجة واحدة قد تكون خلقت في أحسن تقويم، لكنك الآن «وغد» حقيقي دون النظر إلى أفعالك التي لن تقيسها وسترفض قياسها من الآخرين.

يا صديقي في حياتنا أخطاء جسمية نسميها «غلطة العمر» لكن الحقيقة لا يوجد شيء يسمى بـ«غلطة العمر»، وإنما توجد أغلاط كثيرة على مدى العمر، فكل يوم تقع في غلطة، وكل ساعة نقع في غلطة، وقد تكون أكثر بؤسا وتقع كل دقيقة في غلطة، ثم تخرج منها لتقع في غيرها وهكذا إلى ما لا نهاية!

يقول أنيس منصور في كتابه «كل معاني الحب»: لو بحثت في حياتك لوجدت لك أكثر من غلطة، ليس أقلها الزواج مبكرا أو متأخرا أو الزواج.. أو الامتناع عنه.. وأن يكون لك أولاد.. أو ألا يكون لك أولاد.. لكن هناك أخطاء ليس لها علاج مثلا: كأن يندم الإنسان على أنه صار كاتبا، ولم يكن تاجرا للمخدرات يكسب مئات الملايين. 

أنت الخطأ نفسه.. أنت مثل الناس لا يعنيك الناس ولا ما يصيب الناس، واهتمامك بالناس سببه: الملل الذي يصيب حياتك.. أنت في حاجة إلى أن تنشغل إلى أن تملأ فراغك.. إلى أن تطعم حواسك الجائعة: فلسانك جائع إلى الكلام، وأذنك إلى الثرثرة، وعينيك إلى الحوادث، وأنفك تحشره في كل ما يحيط بك.

أنت مجرد فيروس حامل للشرور ينشرها في محيطه، لتتجمع مع شرور الآخرين فتخنق الجميع.. ولولا شرورك ما كان استمر الجنس البشري، فالشر أحيانا يهذب الناس، ويقوي الخير أيضا.

النميمة والوشاية جزء بسيط يرضي غرائزك ويزيد من أخطاء عمرك التي لن تنقطع.. بحثك اليومي عن فضائح الآخرين.. الشماتة في المصائب، قد تنكر أنك ذلك الشخص، لكنك كاذب مثلنا جميعا، ووفقا لإحصاء رسمي عام 2016، فإن 55% من المصريين كذابون.

وهنا يأتي السؤال: هل الإنسان كائن كاذب؟.. الإجابة لدى الدكتور حسين علي أستاذ الفلسلفة.. كثيرًا ما نصادف فى حياتنا أفرادًا بارعين فى الكذب، إنهم يكذبون كما يتنفسون، يكذبون دون أن تطرف لهم عين، إيمانًا منهم بأن الكذب ذكاء، وممارسته مهارة!! لقد راجت بضاعة الكذَّابين والمنافقين فى مجتمعاتنا؛ لأننا اعتدنا المداهنة، ولم نعد نملك جسارة أن نقول للأعور: «أنت أعور».

والتعريف الحقيقي لغلطة عمرك التي ترتكبها مرارا وتكرارا وهي «الكذب»، هو تزييف الحقائق جزئيا أو كليا أو خلق روايات وأحداث جديدة، بنية وقصد الخداع لتحقيق هدف معين وقد يكون ماديًا ونفسيًا واجتماعيًا وهو عكس الصدق، والكذب قد يكون بسيطًا ولكن إذا تطور ولازم الفرد فعند ذاك يكون الفرد مصابا بالكذب المرضي، وقد يقترن بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والسرقة.

وعرف الحكماء الكذب بأنه مخالفة الكلام للواقع ولعلهم أرادوا في هذا التعريف الحقيقة العرفية ولو شاءوا لأضافوا إلى كذب الأقوال كذب الأفعال.

قد أكون ارتكبت بهذه الكلمات غلطة عمري اليوم، التي قد تتكرر غدا، أو بعد ساعات، أو أصاب بالملل وارتكب أغلاط أخرى أثناء تصفح تلك الكلمات!