فى الواقع، تعيش مصر هذه الأيام طفرة كبيرة جدًا فى جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبنية التحتية، فمن المؤكد أن هذه الطفرة تنبع من توجه واضح وإرادة قوية للقيادة السياسية نحو نمو الدولة المصرية ووضعها على خريطة التنمية وبناء الإنسان .
وعلى الرغم من هذه الطفرة الإيجابية إلا أن هناك شريحة من الشعب لم تشعر بهذه الانجازات، والسبب هو الزيادة السكانية الرهيبة التى تحدث سنويًا بطريقة مخيفة، حيث أن عدد سكان مصر يزيد سنويًا ٢.٢ مليون مواطن، وتعتبر هذه الزيادة السكانية بمثابة الوحش الذى يلتهم كل ثمار التنمية.
هذا بخلاف أنه على مستوى الأسرة أصبح كثرة إنجاب الأطفال شيئًا عاديًا بدون أية مراعاة لأوضاع التربية والتعليم والظروف الاقتصادية للأسرة التى يمكن أن تخلق جيلًا غير واعٍ، غير مسئول، غير متعلم، مما يؤثر على المجتمع ككل.
كانت القيادة السياسية على وعى بهذه القضية حيث أن الحديث عن القضية السكانية أصبح من أجل تحقيق التنمية الحقيقية بمفهومها الشامل الذى يضمن حق الطفل فى أن ينشأ فى مناخ عائلى سليم، وحق الأم فى أن تتمتع بحياة صحية فيها دفء أسرى وعن حق الأب أيضًا فى أن يكون أسرة سليمة، وبالتالى اتسع مفهوم القضية السكانية ليتضمن مفهوم قضية كل أسرة مصرية وبالتالى قضية وطن.
إن الدولة المصرية تحت قيادة رئيس الجمهورية تولى اهتمامًا كبيرًا بملف القضية السكانية من أجل تحسين الخصائص السكانية كمًا ونوعًا لتحقيق التنمية وتحسين معدلات الإنجاب وصحة الأم أثناء الحمل وبعد الولادة.. لذا قامت وزارة الصحة بتنفيذ عدد كبير من الحملات والمبادرات الصحية التى تساهم فى خلق فرد سليم وبالتالى أسرة سليمة صحيًا.
ومن هنا أطلقت وزارة الصحة والسكان، مبادرة رئيس الجمهورية "الألف يوم الذهبية لتنمية الأسرة المصرية" تحت مظلة ١٠٠ مليون صحة. تقدم المبادرة خدماتها مجانًا لجميع أفراد الأسر المصرية، وخاصة الأمهات والآباء والأجداد، وذلك فى مرافق الرعاية الصحية الأولية وفى المستشفيات العامة والمركزية فى جميع المحافظات، بالإضافة إلى جلسات التوعية عن بعد باستخدام التواصل الإلكتروني، حيث تعد المبادرة من أهم مبادرات بناء الإنسان المصري، نظرًا لأنها تمثل منهجًا شموليًا لأول ١٠٠٠ يوم من حياة الإنسان بهدف رفع الوعى بأهمية الألف يوم الأولى من الحياة حيث يتم تكوين ٨٥٪ من قدرات الطفل العقلية والنفسية والجسدية خلال هذه الفترة الحيوية (الألف يوم الذهبية تشمل فترة الحمل ٢٧٠ يومًا بالإضافة إلى أول سنتين من الحياة وتمثل ٧٣٠ يومًا).
كما أن المبادرة أيضا تستهدف الحد من الولادة القيصرية التى مازالت تسجل معدلات مرتفعة مقارنة بأغلب دول العالم، فضلًا عن تقديم مشورة ما بعد الزواج من أجل تزويد الشباب المقبلين على الزواج بالمهارات اللازمة للحفاظ على سلامة الزواج وبناء أسرة قوية وسليمة
وهكذا، تستمر جهود الدولة فى المبادرات والحملات التوعوية للأسرة المصرية وبناء الإنسان المصرى.
نجلاء باخوم: نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا