شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عدد من الكوارث الطبيعية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث ضربت أعاصير وزلازل المنطقة متسببة في كوارث اقتصادية وبيئية وخسارة كبيرة في الأرواح، وذلك بسبب اعصار " دانيال " الذي ضرب اليونان وليبيا ومصر، وأثر على اليونان ليبيا بشكل كبير، وزلزال "المغرب" الذي خلف خسائر مروعة، فما علاقة التغيرات المناخية بحدوث الكوارث الطبيعية.
الزلازل العاصفية
حول ذلك الأمر كشف الخبير البيئي وينيوان فان، الأستاذ المساعد في علوم الأرض والمحيطات والغلاف الجوي بجامعة ولاية فلوريدا في دراسة منشورة في مجلة Geophysical Research Letters أن هناك بعض الزلازل المرتبطة بالعواصف، يطلق عليها اسم "الزلازل العاصفة"، والتي تنشأ خلال موسم العواصف، حيث تنقل الأعاصير والعواصف الطاقة إلى المحيط على شكل أمواج محيطية قوية، وتتفاعل الأمواج مع الأرض الصلبة مما ينتج عنه نشاط زلزالي مكثف.
وأوضح الخبير البيئي وجود أدلة على حدوث أكثر من 10 ألاف "زلزال عاصفة" في الفترة من 2006 إلى 2019 قبالة شواطئ نيو إنجلاند وفلوريدا وخليج المكسيك في الولايات المتحدة، وكذلك قبالة شواطئ نوفا سكوتيا ونيوفاوندلاند وكولومبيا البريطانية في كندا.
وأوضحت أن المصادر الزلزالية في المحيط تحدث تمامًا مثل الزلازل داخل القشرة الأرضية، والجزء المثير هو أن المصادر الزلزالية الناجمة عن الأعاصير يمكن أن تستمر من ساعات إلى أيام.
هذه الدراسة تتفق مع الأبحاث الجديدة التي تكشف أن العواصف الواسعة مثل الأعاصير، إلى جانب الأحداث الأخرى الناجمة عن تغير المناخ، يمكن أن تؤدي إلى زيادة في النشاط الزلزالي وبالتالي تسبب المزيد من الزلازل.
تحركات القشرة الأرضية
ووفقا للوكالة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، فإن التغيرات المناخية الكبيرة في الضغط الجوي بالتزامن مع الأعاصير، يتسبب في إطلاق الطاقة المخزنة في القشرة الأرضية ومن ثم حدوث الزلازل.
وفي نفس النطاق قال الدكتور بريان بابتي، رئيس قسم الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية أن الزلازل غير شائعة نسبيًا في المغرب، حيث يقع معظم النشاط الزلزالي في الشمال الشرقي، بالقرب من حدود اللوحة بين إفريقيا وأوروبا.
وأضاف أن آخر زلزال كبير ضرب المغرب هو زلزال الحسيمة الذي بلغت قوته 6.3 درجة في عام 2004، بينما كان الزلزال الأخطر في عام 1960 بقوة 5.9 درجة وضرب مدينة أغادير وتسبب في مقتل ما بين 12000 إلى 15000 شخص، مما يجعله الزلزال الأكثر دموية في تاريخ المغرب، مشيرًا إلى أن الهزات الارتدادية للزلزال الحديث ستؤثر على المنطقة خلال الأسابيع المقبلة، لكن عددها سينخفض بسرعة مع مرور الوقت.
تأثيرات مروعة
على جانب الآخر تأثرت المغرب بالزلزال بشكل كبير، وأرجع زيغي لوبكوفسكي، المدير المساعد وخبير التصميم الزلزالي في Arup إن استخدام الطوب اللبن كمواد بناء للعقارات السكنية سيؤدي على الأرجح إلى عدد من الانهيارات ولسوء الحظ، فإن الهياكل المبنية من الطوب اللبن معرضة جدًا للاهتزاز بسبب الزلازل، نظرًا لطبيعتها الهشة
وقال البروفيسور كولين تايلور، الأستاذ الفخري لهندسة الزلازل في جامعة بريستول إن الصور المأساوية لانهيار المباني في المغرب كانت متوقعة، بسبب التحديات المتعلقة بتطبيق مبادئ هندسة الزلازل في البلدان التي لديها اقتصادات نامية، وزيادة سكانية بالإضافة إلى مخزون كبير من المباني القديمة والتقليدية والهشة.
وأرجح "تايلور" أن تكون بعض المباني الخرسانية المسلحة الحديثة قد انهارت بسبب سوء التصميم والبناء الذي لا يلتزم بقوانين البناء.
وفي سياق آخر أكد خبراء الأرصاد الجوية أن العاصفة دانيال أشبه بإعصار من الدرجة الأولى حيث تأتي الظاهرة الطبيعية محملة برياح عاتية وكمية أمطار فيضانية وعواصف رعدية وسرعات كبيرة للرياح وارتفاع أمواج يتجاوز 4 أمتار.
وأثرت العاصفة على ليبيا بشكل مروع، حيث تراوحت سرعة الرياح بين 120 و180 كيلومترا على مناطق بنغازي والمرج والبيضاء وشحات ودرنة وطبرق، وخرجت استغاثات من البيضاء وشحات ومنطقة "بطة" لإنقاذ مواطنين عالقين وسط السيول.