بالبحث والتنقيب في الكتاب المقدس عن تاريخ الشهداء في الخليقة كلها أثبت التاريخ المقدس أن البار هابيل - رابع البشرية - يُعتبر أول شاهد وشهيد للبر بالإيمان (مت 23 : 35) وأول شهيد من أجل الحق، ومن أجل محبة الله، فهو مثال لجميع الشهداء في كل العصور، فقد قبل الله قربانه لأنه آمن بالخلاص الذي كان الرب مزمعًا أن يصنعه من أجل حياة البشرية. واستحق أن يرقد على رجاء القيامة.
وحينما دخل السيد المسيح بعد الصليب وكرز للنفوس التي انتظرت مجيئه، لا شك أن هابيل كان في مقدمة صفوف المفديين المخلَّصين الذين دخلوا إلى الفردوس، يتقدم في موكب الشهداء جميعًا هناك في شركة روحية مع الرب وفي حضرة ملائكته وقديسيه. وهنا يجدر بنا أن نتأمل بين الرب يسوع وهابيل، هابيل الرب يسوع، من حيث الاسم: وهو اسم لا يُعلم أصل اشتقاقه بالدقة، يرجح البعض أنه يعنى نفخة أو بخار أو بطلا، يرى البعض أنه من كلمة يابال التى معناها راع، يرى البعض أنه من الكلمة السومرية أبلو أو البابلية أبيل ومعناهما ابن. فى جميع الأحوال نفس المعاني تنطبق على اسم الرب يسوع، قدم ذبيحته بفرح وسرور فنظر الرب إلى قربانه وقبله.
( تك 4:4 ) قدم ذاته ذبيحة عن العالم بأسره برضى وطاعة ، فقدم الله الخلاص بفرح وسعادة، حسده قايين أخوه وقتله حسده أخوته، بني جنسه، وارادوا قتله وصلبوه
ولا ننسي أن هابيل كان تقياً، حتى أن المسيح لقبه بالصديق (مت 23: 35). وقد استشهد يوحنا في رسالته الأولى بأعمال هابيل الباردة وندد بأعمال أخيه الشريرة (1 يو 3: 12) وقال عنه كاتب سفر العبرانيين إنه قدم ذبيحة لله أفضل من قايين، وبه شهد له أنه بار إذ شهد الله لقرابينه، وبه وإن مات يتكلم بعد (عب 11: 4).
وحدث لما قدم هابيل باكورة أغنامه وسمانها قرباناً للرب، أما قايين فقدم قربانه من أثمار الأرض. فرضي الرب عن قربان هابيل ولم ينظر إلى قربان أخيه الأكبر. وغضب قايين وقتل أخاه. وأصبح هابيل أول شهيد في الأرض كلها، وقايين أول مجرم. وأنكر قايين الجريمة لما سأله الرب عن أخيه، أنكر فلعنه الرب وطرده من سكنه، وأقام قايين في أرض نود شرقي عدن (تك 4: 1-16).