أثار إعلان الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، عن إطلاق أول خطبة بالذكاء الاصطناعي، رواد مواقع التواصل الإجتماعي والسوشيال ميديا، معتقدين أن ذلك سوف يلغي دور الخطيب علي المنبر داخل المساجد، دون دراية منهم أن ذلك كان بشكل تجريبي، حسبما أعلن الوزير، مشيرًا إلى أن النتيجة ليست بسيئة، ولكن المقدمة نمطية، وبعض الألفاظ لا تتناسب معنا، وجاء ذلك خلال المؤتمر التمهيدي لإعلان تفاصيل مؤتمر الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
وقال وزير الأوقاف في المؤتمر: كان من الصعب اقتحام الفضاء الإلكتروني، وقبل الاستعداد والمواجهة على الأرض، حيث تم إنشاء إدارة للدعوة الإلكترونية في كل إدارة أوقاف، وإطلاق عام 2023 عامًا للدعوة الإلكترونية، وذلك تمهيدًا لاقتحام الفضاء الإلكتروني.
الذكاء الإصطناعي فريضة الوقت
وأكد «مختار جمعة»، أنه عندما تحدث مع مفتي الديار المصرية والمتخصصين، قالوا هذه فريضة الوقت، مضيفًا، نحن أمام مواجهة جديدة لاستعادة الفضاء الإلكتروني المختطف ثقافيا، ونحن بحاجة إلى جهد لسنوات، وفي مرحلة فارقة في التاريخ والخطاب الدعوى، ومواجهة جديدة آن أوانها لا تقل أهمية ولا حدة من المعركة الأولى في الفترة الماضية، ووسط جهود مضنية ودعم سياسي وتوجيهات من الرئيس السيسي بتجديد الخطاب الديني.
وصلنا لصورة تليق بديننا وحضارتنا في المساجد
كما أوضح وزير الأوقاف، خلال المؤتمر التمهيدي استعادة المساجد من الجماعات الإرهابية، وإعادة إعمار المساجد، قائلًا: وصلنا لصورة تليق بديننا وحضارتنا في المساجد وهذا ليس قصرًا على المدن الكبرى، بل هناك مساجد في القرى والصعيد شهدت طفرة حضارية جديدة.
عدم الانسياق وراء تلك الأكاذيب
الأمر الذي جعل المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، يؤكد، أن ما انتشر من أنباء بشأن إصدار قرار بوقف خطباء المساجد عن العمل واعتماد إجراء خطبة الجمعة عن طريق الذكاء الاصطناعي، لا أساس له من الصحة.
وأوضح المركز في بيان له اليوم الجمعة، أنه قام بالتواصل مع وزارة الأوقاف، والتي نفت تلك الأنباء، مُؤكدةً أنه لا صحة لوقف خطباء المساجد عن العمل واعتماد إجراء خطبة الجمعة عن طريق الذكاء الاصطناعي، وأنه لم يتم إصدار أية قرارات بهذا الشأن.
استمرار خطباء المساجد في إقامة الشعائر بمساجدهم
وشدد على استمرار خطباء المساجد في إقامة الشعائر الدينية المختلفة بما فيها أداء خطبة الجمعة، مع التزامهم بالخطبة الموحدة وموضوعها ووقتها المحدد، دون الاستغناء عن أي منهم، مشيرةً إلى اهتمام الوزارة بتقديم برامج دورية لتأهيل وتدريب للأئمة، وذلك بهدف تأهيلهم دعويًا وعلميًا وثقافيًا، مُناشدةً المواطنين عدم الانسياق وراء تلك الأكاذيب، مع استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.
السكين التي تقطع وتذبح لا غنى عن منافعها بشرط تجنب أضرارها
وعن موضوع المؤتمر أكد وزير الأوقاف، أن الأدوات والوسائل لا يمكن الحكم عليها في ذاتها بالقبول المطلق أو الرفض المطلق، فالسكين التي تقطع وتذبح لا غنى عن منافعها شريطة تجنب مضارها، والنار التي تحرق لا غنى أيضًا عن منافعها واستخداماتها الرشيدة شريطة تجنب مضارها، وكذلك صناعة السلاح الذي لا غنى عنه لحماية أمن المجتمعات والأوطان والدفاع عنها، فإنه قد يكون مكمن خطورة إذا وقع في يد الإرهابيين والمتطرفين ومن يسيئون استخدامه، بل القلم أيضًا قد يكون وسيلة رشاد أو آلة سباب، كلها أدوات ووسائل يمكن أن توجه للخير أو للشر، وهذا هو الحال نفسها في سائر وسائل الاتصال الإلكتروني التي يمكن أن نستخدمها في كل ما يخدم العلم والدعوة والبشرية وتيسير سبل التواصل، كما يمكن استخدامها للهدم على نحو ما تفعل الجماعات الإرهابية والمتطرفة.
الرسول استخدم مهارات التواصل الدعوي بمختلف أنواعها
وقد ضرب لنا نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) أعظم المثل في استخدام مهارات التواصل الدعوي بمختلف أنواعها، حتى وإن لم يسمها بذلك، أو لم تُعرف في زمانه (صلى الله عليه وسلم) بهذا الاسم، فقد أداها بما آتاه الله (عز وجل) وعلَّمه إياها من البلاغة والفصاحة والبيان، وما آتاه من جوامع الكلم وأدواته ووسائله، ومع ذلك كله حرص (صلى الله عليه وسلم) على التنوع في الأسلوب واستخدام سائر مهارات التواصل الدعوي للنفاذ إلى عقل المتلقي وقلبه، وإثارة اهتمامه وانتباهه، وإيقاظ مشاعره، ومن هذه المهارات: استخدام لغة الجسد الرصينة المتزنة، كتغيير وضع الجسد لإثارة الانتباه، أو استخدام أسلوب الإشارة كالإشارة إلى القلب أو اللسان أو غيرهما، واستخدام لغة الأرقام، والرسم التوضيحي، وضرب الأمثلة التوضيحية، كما استخدم (صلى الله عليه وسلم) أسلوب الألغاز لتنشيط أذهان السامعين.
استخدام وسائل التواصل الحديثة والعصرية المتاحة في عصرنا لإبلاغ رسالة ديننا
وفي تنوع أساليب ووسائل الدعوة ما بين الحديث الشريف، والخطبة، والموعظة، والوصية، والرسالة، ما يؤكد حرص نبينا (صلى الله عليه وسلم) على إبلاغ الرسالة وأداء الأمانة، وإقامة الحجة واضحة وبيِّنة جلية لا لَبْسَ فيها بكل الوسائل والأساليب المتاحة في عصره (صلى الله عليه وسلم)، وهو ما يُحمِّلنا أمانة الاقتداء به (صلى الله عليه وسلم) في استنفاد وسعنا في استخدام وسائل التواصل الحديثة والعصرية المتاحة في عصرنا لإبلاغ رسالة ديننا بلاغًا مبينًا.
الذكاء الاصطناعي وبعض الوسائل غير التقليدية في الخطاب الديني والثقافي في المساجد أثرت في ذهن الطفل
ويتناول هذا المؤتمر جوانب مهمة في الفضاء الإلكتروني والتطور التكنولوجي، وما يرتبط بهما أو يدور في فلكهما من وسائل ذات أثر وتأثير بالغين في بناء الوعي بصفة عامة، وقضايا الخطاب الديني بصفة خاصة؛ مما يتطلب الوقوف عندها بدقة لتعظيم الإفادة من إيجابياتها، وتفادي مخاطرها، والتغلب على تحدياتها، فكان الحديث عن الذكاء الاصطناعي، وبعض الوسائل غير التقليدية في الخطاب الديني والثقافي، مثل: الرسوم المتحركة وأثرها في تشكيل ذهن الطفل، وأفلام الرسوم ثلاثية الأبعاد، في ضوء اهتمامنا بتشكيل عقل الناشئة تشكيلًا رشيدًا بعيدًا عن العنف والتطرف، والتطرف المضاد، وذلك بهدف إحداث حالة تثقيفية واسعة في الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، حيث يؤصل لمرحلة التعامل التشاركي مع الفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي،ونراه واجب الوقت، فهذا المؤتمر بداية لمرحلة جديدة نواجه فيها الفكر المتطرف والمتشدد عبر الفضاء الإلكتروني، ونصوب أخطاء غير المتخصصين بمتخصصين يحكمون السيطرة على الفضاء الإلكتروني في الخطاب الديني.